"أسلوب انتحاري مزدوج بعد ثلاث سنوات من الانكماش"..
تنظيم القاعدة ينفّذ هجومًا مركّبًا في أبين.. وقوات الجيش تتصدى وتقتل سبعة من المهاجمين
الهجوم يُعدّ الأوسع منذ انطلاق عملية "سهام الشرق" عام 2022، التي نجحت من خلالها القوات الجنوبية في تقليص نفوذ تنظيم القاعدة في أبين. ويشير هذا الحادث إلى عودة التنظيم إلى تنفيذ العمليات الانتحارية بعد ثلاث سنوات من الانكماش، في تطور يعكس تصاعد وتيرة المواجهة بين القاعدة والجيش الجنوبي.

تصاعد دخان كثيف من موقع الهجوم الذي نفذه تنظيم القاعدة في مديرية المحفد بمحافظة أبين صباح الثلاثاء - اليوم الثامن

قالت مصادر عسكرية ومحلية إن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب شنّ، صباح الثلاثاء، هجوماً مزدوجاً على قاعدة لقوات اللواء الأول دعم وإسناد التابعة للجيش الجنوبي في مديرية المحفد بمحافظة أبين، ما أسفر عن مقتل أربعة جنود على الأقل وإصابة آخرين بجروح خطيرة.
وأوضح مصدر عسكري لـ(اليوم الثامن) أن الهجوم نفذه انتحاريان أحدهما يقود مركبة مفخخة والآخر دراجة نارية، استهدفا بوابتي المجمع العسكري الذي تتخذه القوات مقراً لها. وأضاف أن الانتحاري الأول فجّر سيارته عند البوابة الأولى التي تبعد نحو 20 متراً عن المدخل الرئيسي، أعقبه تفجير آخر نفذه انتحاري على متن دراجة نارية عند البوابة الرئيسية، ما أدى إلى انهيار غرفة تُستخدم كمعتقل للجنود الموقوفين، دون معرفة عدد الضحايا بداخلها حتى الآن.
وأشار المصدر إلى أن القوات تصدّت بعد الانفجارين لهجوم نفّذه خمسة مسلحين حاولوا اقتحام المبنى المكوّن من ثلاثة طوابق، لكن الجنود تمكنوا من القضاء على جميع المهاجمين باستخدام القنابل اليدوية والأسلحة الخفيفة. وأكد أن عدد القتلى في صفوف المهاجمين بلغ سبعة، بينهم الانتحاريان.
أكد العميد نصر عاطف اليافعي، قائد اللواء الأول دعم وإسناد، قائد محور أبين القتالي، أن قوات اللواء الأول تمكنت من إفشال هجوم إرهابي واسع شنته عناصر تنظيم القا.عد،ة الإرهابي، صباح اليوم، على مقر المجمع الحكومي في مديرية المحفد بمحافظة أبين.
وأوضح العميد اليافعي في تصريح صحفي أن العناصر الإرهابية هاجمت المقر مستخدمة سيارتين مفخختين، حيث تمكنت قوات اللواء من تفجير الأولى بالقرب من البوابة الرئيسية، فيما حاولت عناصر أخرى التسلل إلى داخل المجمع، إلا أن القوات تصدت لها ببسالة وتمكنت من القضاء على ستة انغماسيين كانوا يرتدون أحزمة ناسفة.
وأشار إلى أن الهجوم أسفر عن استشهاد أربعة من أبطال اللواء الأول دعم وإسناد أثناء تصديهم للعناصر الإرهابية، مؤكدًا أن دماء الشهداء الطاهرة لن تذهب هدرًا، وأن المعركة ضد الإرهاب مستمرة حتى تطهير محافظة أبين بالكامل من أوكار التنظيم وعناصره.
وأضاف العميد اليافعي أن قوات اللواء سيطرت على الموقف بشكل كامل عقب الاشتباكات، وتمكنت من القضاء على جميع المهاجمين، محققة انتصارًا كبيرًا على قوى الشر والإرهاب التي حاولت عبثًا زعزعة الأمن والاستقرار في المحافظة.
ويُعد الهجوم تطوراً جديداً في سياق الحرب على الإرهاب في جنوب اليمن، إذ يشير إلى عودة تنظيم القاعدة لاستخدام العمليات الانتحارية بعد فترة من الانكماش دامت نحو ثلاث سنوات، ما يعكس تصاعداً في وتيرة المواجهة بين التنظيم والقوات الجنوبية.
ويُعد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب من أكثر فروع التنظيم نشاطاً وخطورة، وقد تأسس عام 2009 بعد اندماج فرعي القاعدة في اليمن والسعودية، واستغل ضعف الدولة اليمنية لتوسيع نفوذه في المحافظات الجنوبية. وسبق للتنظيم أن سيطر على مناطق واسعة في أبين وشبوة قبل أن تُطرد عناصره عبر حملات عسكرية متتالية.
وفي أغسطس 2022 أطلقت القوات الجنوبية عملية «سهام الشرق» بهدف تطهير محافظة أبين من التنظيمات الإرهابية. وأسفرت العملية عن طرد المقاتلين المتشددين من معاقلهم الرئيسية في مديريات مودية والمحفد وأحور، وتراجعت هجماتهم بشكل كبير خلال العامين الماضيين. غير أن الهجوم الأخير يشير إلى أن التنظيم ما يزال يمتلك قدرة على إعادة التموضع وتنفيذ عمليات معقدة رغم الضربات التي تلقاها.
وشهدت محافظة أبين خلال العامين الماضيين سلسلة من التفجيرات والكمائن ضد القوات الجنوبية، لكن معظمها اتسم بطابع استنزافي محدود. ويُنظر إلى هجوم الثلاثاء على أنه الأكبر منذ انطلاق عملية «سهام الشرق»، ويؤكد – بحسب مراقبين – أن معركة مكافحة الإرهاب في الجنوب لم تُحسم بعد، وأن تنظيم القاعدة يسعى لاستعادة حضوره في مناطق نائية ووعرة كالمحفد ومودية.