خريطة الرعب في يومي 29 و30 مهر..
من مهر إلى مذبح: النظام الإيراني يضاعف الإعدامات 7 مرات خلال 4 أعوام
يتخذ النظام الإيراني من آلة الإعدام وسيلة لإرهاب المجتمع ومنع تصاعد موجات الاحتجاج والغضب الشعبي. لكن الأرقام المرتفعة لا تُخيف وحدها، بل تكشف عن نمط عقابي ممنهج يستهدف النساء، القُصّر، والمعارضين، دون مراعاة لأبسط المعايير القانونية أو الأخلاقية.
النظام الإيراني يضاعف الإعدامات
شهدت إيران في شهر مهر ١٤٠٤ (٢٣ سبتمبر – ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٥) موجة إعدام غير مسبوقة منذ ٣٦ عامًا. أفادت تقارير حقوقية بأنّ نحو ٢٣٦ سجينًا على الأقل أُعدموا خلال هذا الشهر، أي ما يعادل نحو شخصٍ كل ثلاث ساعات. وتشير هذه الأرقام إلى تضاعف عدد الإعدامات تقريبًا مقارنةً بشهر مهر من العام السابق ١٤٠٣، حيث كانت تقارير المجلس الوطني للمقاومة تتحدث عن حوالي ١٥٢ إعدامًا في مهر ١٤٠٣. كما أنه يفوق بأضعاف عدة عدد الإعدامات في الفترات نفسها من الأعوام الأقدم (مثلاً ٨١ إعدامًا في ١٤٠٢ و٣٦ في ١٤٠١ بحسب التقارير المعارضة).
الإعدامات اليومية: نقل تقرير حقوق الإنسان الإيراني أنّ النظام شنّ في مهر ١٤٠٤ حملات إعدام مكثفة يومية. فقد أعدم المعتقلون بمعدل حوالي ثمانية أشخاص يوميًا (أي نحو شخصٍ كل ٣ ساعات)، مما ينعكس تصاعدًا دراماتيكيًا مقارنة بالأعوام الماضية.
سجناء بالغون وصغار: من بين الذين أُعدموا في شهر مهر، تنقل التقارير وجود نساء وقاصرين. فعلى سبيل المثال، ذكرت مصادر أن اثنين على الأقل كانا دون الثامنة عشرة وقت الجريمة. وتشير بيانات المعارضة إلى أنّ حصيلة الإعدامات خلال الأشهر السبعة الأولى من ١٤٠٤ (مارس – أكتوبر ٢٠٢٥) شملت 36 امرأة و6 قاصرين.
الإحصاءات السنوية حتى أكتوبر ٢٠٢٥: منظمة العفو الدولية أكدت في منتصف أكتوبر ٢٠٢٥ أن أكثر من ألف شخص أُعدموا منذ بداية العام، وهو أعلى معدل سنوي منذ نحو ٣٥ عامًا. وأشار مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى أنّ عدد من أُعدموا حتى نهاية أغسطس ٢٠٢٥ وصل إلى 841، موزَّعين على النساء والأقليات الإثنية والمهاجرين الأفغان. وتجدر الإشارة إلى أنّ منظمة «هرانا» (تقرير مدافع عن حقوق الإنسان) وثّقت منذ سبتمبر ٢٠٢٤ حتى منتصف أكتوبر ٢٠٢٥ نحو ١٬٥٣٧ إعدامًا، وهو ما يدعم التقارير المعادية للنظام بخصوص استفراده بسجل مرعب من الإعدامات.

هذه البيانات تكشف عن صعود حاد في وتيرة تطبيق حكم الإعدام: فقد ارتفعت أعداد المفارقين للحياة خلال العام ٢٠٢٥ بقرابة ١١٠٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، إذ بلغت أعداد الإعدامات ٥٤٢ في الأشهر الأولى من ١٤٠٣، مقارنةً بـ١١٢٥ في الفترة المماثلة من ١٤٠٤ حسب حسابات المعارضة. كما كانت زيادة سنوية كبيرة على سجل ١٤٠٣ نفسه؛ فقد وثق المجلس الوطني للمقاومة الإيراني أنه جرى تنفيذ ١٬١٥٣ إعدامًا في العام ١٤٠٣ (مارس ٢٠٢٤–مارس ٢٠٢٥)، أي بزيادة ٤٢٪ عن ٨١٥ إعدامًا في ١٤٠٢.
ردود الفعل الدولية والإدانة
الوثائق الأممية والدولية تندد بالتصعيد هذه. فقد شدّد المتحدث باسم مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة على أن الارتفاع الهائل في الإعدامات يشير إلى نمط ممنهج لاستغلال عقوبة الإعدام كأداة قمعية وإرهابية. وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في تقريره الأخير (٢١ أكتوبر ٢٠٢٥) أنّه قلق للغاية من تصاعد الإعدامات والتعذيب والتمييز ضد الأقليات في إيران. ومنظمات حقوقية كـ«العفو الدولية» و«هيومن رايتس ووتش» تطالب بعصيان المجتمع الدولي عدم التعامل مع هذه الانتهاكات كأمر عادي، وتدعو لاتخاذ إجراءات فورية لوقف الإعدامات ومحاسبة المسؤولين. ففي بيان أصدرته العفو الدولية في ١٦ أكتوبر ٢٠٢٥ قال نائب مديرها لمنطقة الشرق الأوسط إنَّ “عددًا يتجاوز الألف تم إعدامهم في إيران منذ بداية 2025 – بمعدل أربعة أفراد يوميًا”، وأضاف بأن هذه معارضة صارخة للاتجاه العالمي نحو إلغاء عقوبة الإعدام وتستخدم لقمع المعارضة والمجتمعات المضطهدة.
كما نددت هيئات أممية مستقلة بمعاملة المتهمين وإصدار الأحكام بالغت في “الجرائم الوطنية والأمنية” بشكل غير قانوني. وأكدت هيئة حقوق الأطفال التابعة للأمم المتحدة أنّ إيران تنتهك التزاماتها الدولية عبر تنفيذ أحكام الإعدام بحق قاصرين. ومن جهتها، حذّرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في الأمم المتحدة من عواقب الاستمرار في هذه السياسة، بما في ذلك فرض عقوبات إضافية على قادة النظام.
نتائج وتوصيات
المحللون الحقوقيون يعتبرون هذه الأرقام القياسية دليلاً على فقدان نظام الملالي شرعيته، واختياره للعنف كسبيل وحيد للحفاظ على حكمه في ظل احتجاجات شعبية متزايدة. تقول منظمة حقوقية إيرانية إن الصمت الدولي على هذه الجرائم “وقود للإرهاب والقمع”. وطالبت المقاومة الإيرانية ودول غربية بعزل النظام دبلوماسيًا وقانونيًا، وإحالة ملفه إلى مجلس الأمن لارتكابه جرائم ضد الإنسانية. ومن المتوقع أن يضاعف المجتمع الدولي الضغوط الأخلاقية والقانونية على طهران خلال الجلسات المقبلة للأمم المتحدة، حيث سيقدم مبعوثون توثيقًا للانتهاكات ويطالبون بتجميد أي دعم أو تعاون مع سلطات التنفيذ الإيرانية. في هذه الأثناء، يواصل ناشطو حقوق الإنسان إطلاع الرأي العام العالمي على حقيقة حملة الإعدام المستمرة، سعياً إلى كسر حاجز الصمت وإجبار الأطراف الدولية على التحرك الحاسم ضد «نظام الإعدام والإرهاب» الإيراني.


