بعد قفزة قياسية في الإعدامات..

البرلمان الأوروبي يواجه طهران: تحذيرات من مرحلة مفصلية بحقوق الإنسان في إيران

الأزمة لم تعد ملفاً حقوقياً عادياً، بل اختباراً مباشراً لمدى قدرة الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي على مواجهة نظام يوسّع دائرة القمع ويتصرّف كما لو أنه في سباق مع الزمن.

تحذيرات من تكرار «مجزرة 1988» ودعم لخطة رجوي للتغيير في إيران

محرر الشؤون الإيرانية
محرر الشؤون الإيرانية وبيانات المعارضة الإيرانية.

شهد مقرّ البرلمان الأوروبي في بروكسل انعقاد الاجتماع الحقوقي الدولي الثاني بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وسط مشاركة واسعة ضمّت نواباً أوروبيين، شخصيات قانونية بارزة، ومسؤولين دوليين سابقين، إلى جانب السفير الأميركي للعدالة الجنائية الدولية ستيفن راب، وكومي نايدو الأمين العام السابق لمنظمة العفو الدولية، وعدد من الوزراء والحقوقيين الأوروبيين. وشاركت في الجلسة السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، في ظل سياق حقوقي شديد الخطورة تعيشه إيران مع تصاعد الإعدامات واستهداف المعارضين.

المؤتمر جاء على وقع تقارير صادمة تشير إلى تنفيذ أكثر من 335 عملية إعدام خلال شهر نوفمبر وحده، وارتفاع عدد السجناء السياسيين المهددين بالإعدام إلى 18 شخصاً، معظمهم من مؤيدي منظمة مجاهدي خلق. وأجمع المتحدثون على أنّ إيران تقف عند “مرحلة مفصلية” تعيد إلى الأذهان مشاهد مجزرة عام 1988 التي أُعدم خلالها 30 ألف سجين سياسي.

استهلّ السفير الأميركي ستيفن راب مداخلات الجلسة بالتحذير من أنّ ما يحدث في إيران يرتقي إلى “جرائم ضد الإنسانية تُرتكب بصورة منهجية”. ودعا إلى توثيق الأدلة وتهيئة ملفات قانونية قابلة للإحالة إلى القضاء الدولي أو الوطني وفق مبدأ الولاية القضائية العالمية، مؤكداً أنّ التجربة التي اكتسبها من محاكم رواندا وسيراليون تكشف “طبيعة القتل السياسي” الذي تمارسه السلطات الإيرانية.

بدوره، اعتبر كومي نايدو أنّ إعدام امرأة تبلغ 67 عاماً مثل زهرا طبري بعد محاكمة استغرقت عشر دقائق “تكثيف فجّ لذعر النظام من شعار: امرأة، مقاومة، حرية”. وطرح نايدو “خطة أوروبية من ست نقاط” تبدأ بوقف فوري للإعدامات وتشمل آليات للتوثيق، والحماية، ودعم المدافعين عن حقوق الإنسان داخل إيران وخارجها.

أما وزير العدل الإسباني الأسبق خوان فرناندو لوبيز آغويلار، فدعا الاتحاد الأوروبي إلى موقف “أكثر صلابة”، مؤكداً أنّ الحق في الحياة — الذي يُنتهك في إيران يومياً — يشكل جوهر التشريعات الأوروبية ولا يمكن التغاضي عنه لتحقيق مصالح سياسية أو اقتصادية.

حلّ الملف الإيراني في صلب مخاوف الأمن الأوروبي. فقد حذّر القيادي البارز في البرلمان الأوروبي أنتونيو لوبيز إستوریز وايت من أنّ “أي مسار تطبيع مع طهران يجب أن يُعلّق ما لم يتحقق تقدم ملموس في ملف الحقوق والحريات”، مؤكداً أن السياسات الإقليمية الإيرانية تشكل تهديداً مباشراً للأمن الأوروبي.

وفي مداخلة وصفت بأنها الأكثر صراحة، شددت دومينيك أتياس — الرئيسة السابقة لاتحاد نقابات المحامين في أوروبا — على أنّ الإعدامات العلنية في إيران تمثل “ترويعاً رسمياً”، مشيرةً إلى قيام السلطات مؤخراً بتدمير 9500 قبر لضحايا الإعدامات في إحدى مقابر طهران “في محاولة منهجية لمحو الذاكرة الجماعية”.

قدّم الطبيب الإيراني سينا دشتي شهادة توثّق معاناة جيل “نشأ تحت القمع الديني”، معتبراً أنّ دعم المجتمع الدولي للمقاومة الإيرانية “ليس ترفاً سياسياً، بل التزام أخلاقي تجاه شعب يبحث عن مستقبل ديمقراطي”. وأشار إلى آلاف العائلات الإيرانية التي ترى في المقاومة “نافذتها الوحيدة نحو التغيير”.

كما استعرضت المحامية آزاده ضابطي الأوضاع القانونية للسجناء الـ18 المحكومين بالإعدام، مؤكدة أنّ محاكماتهم لم تتجاوز دقائق وأنّ الاتهامات تستند حصراً إلى دعمهم لمجاهدي خلق. وقدّمت بياناً دولياً حمل توقيع أكثر من 400 شخصية سياسية وحقوقية يدعو إلى وقف الإعدامات وإنقاذ حياة زهرا طبري.

أطلقت السيدة مريم رجوي تحذيراً واضحاً مفاده أنّ “ملف حقوق الإنسان في إيران لا يحتاج إلى تقارير سنوية لأنه مفتوح كل ساعة وكل يوم”. وأكدت أنّ النظام لا يكتفي بالإعدامات، بل يسعى لطمس ذاكرة الضحايا من خلال تدمير قبور السجناء السياسيين الذين أُعدموا في الثمانينيات.

وشددت على أنّ 18 سجيناً سياسياً يقفون اليوم على عتبة الإعدام فقط لدعمهم المقاومة، مطالبةً الاتحاد الأوروبي بإنهاء “حالة الصمت” والتحرك لوقف الانتهاكات. وأكدت أنّ “إحساس النظام المتزايد بقرب السقوط” يفسّر لجوءه إلى العنف، مشيرةً إلى أنّ البديل الديمقراطي موجود ويتمثل في الخيار الثالث: دعم الشعب الإيراني ومقاومته من أجل إقامة جمهورية ديمقراطية تقوم على الاقتراع الحر، فصل الدين عن الدولة، والمساواة الكاملة بين المرأة والرجل.