أبوظبي تربط وقف النار في السودان بحكومة مدنية مستقلة..

بين الهدنة والانتقال السياسي: كيف تقود الإمارات جهود التهدئة في السودان؟

تؤكد دولة الإمارات أن الهدنة الإنسانية الفورية لم تعد خيارًا دبلوماسيًا، بل ضرورة عاجلة لوقف نزيف المدنيين وفتح الطريق أمام انتقال سياسي يقود إلى حكم مدني مستقر.

وزيرة دولة الإمارات لانا نسيبة

أبوظبي

أكدت لانا نسيبة، وزيرة الدولة الإماراتية، في مؤتمر صحفي الخميس، أن أولوية المرحلة تتمثل في تنفيذ هدنة إنسانية فورية في السودان. وأشادت نسيبة بقرار البرلمان الأوروبي ونتائج اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين الداعمة لجهود الوساطة، حيث شددت على أهمية التوصل أولاً إلى هذه الهدنة، يليها وقف دائم لإطلاق النار ثم الانتقال إلى حكومة مدنية مستقلة. وأوضحت أن هذه الخطوات هي “الأساس الجوهري” لجهود الوساطة التي تدعمها الإمارات بالكامل. كما لفتت إلى أن تاريخ السودان معقد، مع سجل من الانقسامات السابقة، وأن النزاع الحالي اندلع بعد الإطاحة بعملية الانتقال المدني لتحول إلى حرب أهلية بين قائدين عسكريين، مما تسبب في معاناة مروعة للمدنيين واستخدام الغذاء كسلاح.

وقالت نسيبة إن البيان الصادر عن المجموعة الرباعية في سبتمبر الماضي شكّل خطوة تاريخية نحو وقف القتال ووضع خريطة طريق واقعية لتخفيف التصعيد. وأكدت أن هذا البيان شدّد على عدم ترك مستقبل السودان في يد الجماعات المتطرفة أو الميليشيات المسلحة، مشيرةً إلى أن إقامة حكومة مدنية مستقلة هي السبيل الوحيد نحو سودان مستقر وآمن. واعتبرت أن صيغة “الرباعية” بقيادة الإدارة الأميركية الحالية تُعد أقرب مسار يمكن السير عليه لضمان انتقال سياسي يخرج الحزبين المتنازعين من المشهد ويضمن حكمًا مدنيًا فعلياً على الأرض.

أشارت الوزيرة الإماراتية إلى أن التزامات المانحين الإنسانيين في السودان بلغت مستوى غير مسبوق في الآونة الأخيرة. وقالت إن تقريرًا حديثًا للأمم المتحدة أظهر أن حجم الالتزامات الإنسانية بلغ حوالي 800 مليون دولار خلال السنوات الأخيرة. وأضافت أن صندوقًا إنسانيًا بقيمة نصف مليار دولار أُطلق مؤخراً، ما يجعل الإمارات ثاني أكبر مانح للسودان بعد الولايات المتحدة. وشدّدت نسيبة على التزام الإمارات تجاه الشعب السوداني وتصميمها على تحقيق هدنة فورية ووقف دائم لإطلاق النار.

وفي تغريدة له على منصة “إكس”، أشار المستشار الدبلوماسي أنور قرقاش إلى أن الحرب الجارية في السودان لا يمكن لأي طرف أن يحقق فيها نصراً، مؤكدًا أن الهدنة الإنسانية واستمرار تدفق المساعدات دون عوائق أمران حاسمان لحماية المدنيين. وأعلن أن دولة الإمارات ستقدم 550 مليون دولار إضافية لدعم الفئات الأكثر ضعفاً حول العالم، مشيراً إلى أن السودان أحد أبرز الدول التي تحتاج دعماً عاجلاً. كما نوّه قرقاش إلى أن تراجع الدعم من المانحين يستلزم وقف أي خفض في المساعدات الإنسانية، قائلاً إن “الوقت قد حان لإنهاء الحسابات القاسية لخفض المساعدات”.

من جانبها، حذّرت ريم الهاشمي، وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي، من مسؤولية الأطراف المتحاربة في السودان عن تفاقم الأزمة الإنسانية. وأكدت أن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معهم يتحملون جميعاً مسؤولية الهجمات المتكررة على المدنيين ومنع وصول المساعدات. وشددت على أن حماية المدنيين وضمان إيصال الإغاثة يجب أن يكونا شرطاً أساسياً في أي ترتيبات لوقف إطلاق النار. وبيّنت التقييمات الإنسانية أن أكثر من ثلاثين مليون شخص – أي ما يزيد على نصف سكان السودان – بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة أو حماية. كما فرّ نحو اثني عشر مليون شخص من منازلهم منذ اندلاع القتال في أبريل 2023، ما يجعل السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم اليوم