بشقيها الرجالي والنسائي..

الكرة النسائية ملف مهمش وصعوبات كبيره عند العرب

الاتحادات العربية التي فشلت في تطوير الكرة النسائية

دنيا حسين فرحان

لا تزال الكرة العربية بشقيها "الرجالي والنسائي" تعاني من الضعف والتدهور مع عدم قدرتها على استيعاب المفهوم الجديد للكرة الحديثة التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالاحتراف الحقيقي الذي يطبق في قارة أوروبا، وهو الاحتراف الذي يطبق في كافة الأصعدة من الإدارة مروراً بالطاقم الطبي والفني إلى اللاعب الذي يعتبر الخلاصة لمنظومة الاحتراف الحديثة.

في هذا المقال أود التركيز على كرة القدم النسائية التي تواجه تهميشاً من كافة الجهات الرياضية في العالم العربي لأسباب متعددة بعضها مفهوم وبعضها غير مفهوم، وطبعاً لن يكون مقالي مهماً لبعض الدول العربية التي تمنع نسائها من ممارسة كرة القدم، بل موجهاً إلى باقي الدول التي سمحت لنسائها بممارسة كرة القدم منذ السنوات الماضية ولكن دون أن تحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع.

قبل توجيه سهام النقد إلى الاتحادات العربية التي فشلت في تطوير الكرة النسائية، علينا أولاً تقسيم الاتحادات من ناحية طبيعة تطور كرة نسائها، في المرتبة الأولى يحتل الاتحاد الأردني لكرة القدم "لوحده" مرتبة متقدمة متجاوزاً بنسبة كبيرة عن بقية أشقائه العرب من ناحية الاهتمام بالكرة النسائية، فقد حقق الاتحاد الأردني قفزة جيدة في أخر أربعة سنوات بعد توقيعه اتفاقية تعاون مع الاتحاد الياباني لكرة القدم الذي أرسل خبراءه ومدربيه للأندية النسائية في الأردن، ليركز اليابانيون في بداية عملهم على اكتشاف المواهب النسائية تحت سن ١٢ عاماً وصقل موهبتهم بالتدريب، بجانب تعيين المدرب الياباني ماساهيكو أوكياما مدرباً للمنتخب الأردني الأول للسيدات والذي ساعد الأردنيات على التأهل لأول مرة إلى كأس أمم آسيا ٢٠١٤ في فيتنام، ليكون أول منتخب عربي يشارك في كأس آسيا للسيدات.

بعد الاتحاد الأردني بخطوات بعيدة للغاية، نجد بعض اتحادات عرب آسيا وعرب أفريقيا يتعاملون مع كرتهم النسائية بطريقة أشبه بـ"المجاملة" لكي يقال لهم بأنهم يطبقون مبدأ المساواة بين الجنسين، ولكن في حقيقة الأمر أن مفهوم المساواة غائباً كلياً عند المقارنة مع الأندية الرجالية الذين يحظون بالدعم المالي بجانب الرعاية والاهتمام بعكس حال الأندية والمراكز الرياضية النسائية التي لا يتذكرها الاتحاد المحلي إلا عندما يقترب موعد منافسات كأس آسيا أو كأس أفريقي.

لا تعتبر الاتحادات العربية الوحيدة التي تتحمل مسؤولية ضعف الكرة النسائية بسبب التهميش، فالإعلام شريك في هذه المعضلة والسبب يكمن في عقلية الإعلام العربي الذي يتعامل مع الكرة النسائية بعقلية الستينات والسبعينات، فأحد أصدقائي المقربين لإحدى القنوات العربية أخبرني أمراً لا يصدقه العقل عندما كنت أناقشه عن سبب تجاهل القنوات الرياضية العربية بث مباريات أندية ومنتخبات نسائية عربية في المناسبات الدولية والمحلية، ليفاجئني بالقول أن القنوات الرياضية مستعدة لبث جميع مباريات كرة الطائرة الشاطئية للسيدات الأجنبيات ولكنها تشعر بالرعب من بث مباراة لمنتخب نسائي عربي لخوفها من استفزاز العشائر والقبائل العربية التي ترفض ظهور بناتهم في شاشات التلفاز حتى لا تكون بناتهم حديث المجالس والمخيمات العائلية والقبلية.

إعلام يخاف من بعبع يعود للقرون الوسطى، واتحادات محلية تتعامل مع الجنس الآخر بنظرة «أشكروا الله بأننا لم نحرمكم من اللعب!"، هي المعادلتين التي جعلت الكرة النسائية في العالم العربي تعيش في مرحلة الغيبوبة، ولا أحد يعرف متى تستيقظ الكرة النسائية من غيبوبتها والتي لا أتمنى وصولها للموت، ولكن الشيء الوحيد الذي يجعلنا نتفاءل بمستقبل مشرق للكرة النسائية هو الاتحاد الأردني لكرة القدم وتحديداً منتخبه النسائي الذي يسير حتى الآن بالطريق الصحيح، ليكون نموذجاً يحتذى به في عالمنا العربي.