فرض حماية على حقوق اللاعبين الأوروبيين..

خطة البريكست تثير قلق الأندية الإنكليزية

جنسيات مختلفة تدون أرقاما تاريخية في منافسات الدوري الإنكليزي

لندن

عاد الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم للاصطدام مجددا برابطة الدوري الإنكليزي، ولكن هذه المرة بسبب الخلاف بينهما حول عدد اللاعبين الأجانب المفترض تواجدهم في الأندية الإنكليزية المختلفة، وهو الموضوع الذي أثير منذ فترة قصيرة بعد قرار انسحاب إنكلترا من الاتحاد الأوروبي.

والسؤال هنا: ماذا سيحدث بعد الـ29 من مارس 2019، الموعد المقرر لتنفيذ خطة البريكست؟ ورغم الغموض الذي يكتنف صحة موقف الطرفين، يرغب الاتحاد الإنكليزي في وضع حد للاعبين الأجانب المحترفين في صفوف الأندية الإنكليزي، بحيث يصل عددهم على أقصى تقدير إلى 13 لاعبا في الفرق التي تضم قائمتها 25 لاعبا.

ويعتمد الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم في موقفه هذا على القرارات والقوانين الحكومية التي تتعلق بالعاملين الأجانب في إنكلترا والتي تم تعزيزها بعد قرار إنكلترا الانسحاب من الاتحاد الأوربي، مما يعني أن 65 بالمئة من اللاعبين الأجانب في الدوري الإنكليزي في طريقهم إلى الرحيل عنه.

وأشارت صحيفة آس الإسبانية إلى أن الاتحاد الإنكليزي يرغب في الذهاب في هذه القضية إلى أبعد مدى، حيث يتطلّع، طبقا للصحيفة، إلى تقليص عدد اللاعبين الأجانب حتى لو لم تنسحب إنكلترا من الاتحاد الأوروبي. وتصرّ رابطة الدوري الإنكليزي على أنه لا يوجد دليل على أن تطبيق قاعدة تقليص اللاعبين الأجانب سيكون مفيدا بشكل أكبر للمنتخب الإنكليزي.

وتمارس الأندية الإنكليزية ضغطا كبيرا على الحكومة البريطانية لفرض حماية على حقوق اللاعبين الأوروبيين، حيث أنها ترى أن رحيل العديد من اللاعبين الموهوبين سيشكّل ضربة موجعة للدوري الإنكليزي الذي ينعش خزينة الدولة بأربعة مليارات يورو سنويا، هي حصيلة الضرائب المفروضة على أنديته. هذا بالإضافة إلى العاملين في خدمة هذه البطولة والبالغ عددهم 12 ألف موظف الذين قد يفقد الكثير منهم وظائفهم جراء هذا القرار المزمع اتخاذه، كما أن هناك أيضا 700 ألف زائر يتوافدون على إنكلترا سنويا في إطار ما يسمى بـ“السياحة الكروية”.

وقالت رابطة الدوري الإنكليزي في بيان لها الأسبوع الماضي “سنعمل على تحديد عدد اللاعبين القادمين من الخارج (في المستقبل) وفي الوقت نفسه سندعم قدر الإمكان النظام الخاص بتطور اللاعبين، الذي يعد الأهم عالميا، الانتصارات التي تحققت في بطولات كأس العالم تحت 17 و20 عاما، بالإضافة إلى وصول المنتخب الأول إلى نصف نهائي مونديال روسيا تدل على أن هذا النظام يسير على الطريق الصحيح”.

عواقب مجهولة

يؤكد مدرب توتنهام هوتسبورت، الأرجنتيني ماورسيو بوكيتينو “بعد عامين ونصف العام من المداولات مازلنا لا نعرف إن كان ذلك سيكون إيجابيا أم سلبيا بالنسبة لكرة القدم الإنكليزية”. من الصعب التنبؤ بالعواقب بالنسبة للبريمر ليغ، إلا أن بوكيتينو وآخرين يخشون تزايد صعوبة التعاقد مع لاعبين أجانب بعد البريكست، خاصة في حالة عدم توصل بريطانيا والاتحاد الأوروبي لاتفاق نهائي بشأن معاهداتهما التجارية والاقتصادية.

حتى الآن، مازال بوسع كل لاعب أجنبي ينتمي إلى دولة من دول الاتحاد الأوروبي، احتراف كرة القدم في بريطانيا بمنتهى الحرية. على العكس، يحتاج اللاعبون الذين ليس لديهم جواز سفر أوروبي إلى تصريح عمل يجب أن يجيزه اتحاد كرة القدم بصورة مسبقة. الشرط السابق على الحصول على التصريح، أن يكون اللاعب قد شارك في بطولات دولية مع منتخب بلاده، على الرغم من وجود بعض الاستثناءات.

الأندية الإنكليزية تمارس ضغطا على الحكومة البريطانية لفرض حماية على حقوق اللاعبين الأوروبيين، حيث أنها ترى أن رحيل الموهوبين سيشكل ضربة موجعة للدوري الإنكليزي

 ويتخذ الاتحاد البريطاني لكرة القدم من تصنيف الفيفا نموذجا، فعلى سبيل المثال، يتطلب اعتماد أي لاعب فنزويلي، يحتل منتخب بلاده المرتبة التاسعة والعشرين في القائمة، خوض عدد أكبر من المباريات مع منتخب بلاده أكثر بكثير من لاعب برازيلي.

في المستقبل، من المنتظر أن يتم تطبيق هذه القاعدة على جميع اللاعبين غير البريطانيين، وهذا يعني معاناة الكثير من الأندية وهو أمر يقترب إلى حد كبير مما يشبه الفوضى. عقد أصحاب الأندية اجتماعا العام الماضي مع الحكومة لبحث سبل حماية الدوري الإنكليزي، حيث طلبوا بعض الاستثناءات في قوانين العمل، لكي يتمكن اللاعبون الأجانب من الاستمرار في ممارسة اللعبة على الأراضي البريطانية دون المعوقات التي سوف تتمخض عنها عملية البريكست.

في هذا الصدد، يقول رجل الأعمال غريغ كليرك، رئيس اتحاد الكرة القدم “يجب أن تكون هناك قاعدة منطقية لكي يستمر اللاعبون الدوليون في القدوم من أجل اللعب في الدوري الإنكليزي، وليس مجرد لاعبين يأتون ليحلوا محل اللاعبين الموهبين الإنكليز”.

من الناحية المالية، يتعين على الأندية ذات الإمكانيات الأقل مثل هدرزفيلد تغيير فلسفتها، فقد صعدت إلى البريمير ليغ وحققت إنجازا بفضل الكثير من اللاعبين الشبان الألمان، الذين لم يلعبوا سوى في دوري الدرجة الثانية في بلادهم، مع البريكست مستقبل هؤلاء اللاعبين سيكون في مهب الريح.

وقد يتكرر نفس الشيء مع اللاعبين الذي أسهموا في تحقيق إنجاز نادي ليستر سيتي، الذي نجح في اقتناص بطولة الدوري موسم 2015-2016. في ذلك الوقت لم يكن الفرنسي نغولو كانتي معروفا في عالم كرة القدم العالمية، ومع ذلك أتاح له إنجازه مع النادي الإنكليزي فرصة دخول منتخب بلاده من أوسع الأبواب، الذي حصد هذا العام لقب مونديال روسيا.

تأثير واضح

من جانبه حذر مالك نادي بيرنلي، مايك غارليك قائلا “تقييد حرية الانتقال، سوف يحد من إمكانيات الأندية في جذب اللاعبين الدوليين الموهوبين”. المثير للسخرية، أن غالبية سكان بيرنلي، شمالي مانشستر صوتوا بالإيجاب على استفتاء البريكست، ومع ذلك يحذر مالك النادي من أن البريكست سوف يزيد الأمر سوءا، ليس فقط على صعيد كرة القدم، بل سوف يوسع فجوة انعدام المساواة بين الأندية في البريمر ليغ”.

يقول غارليك أن تأثير البريكست بات واضحا مع انخفاض قيمة العملة، لدرجة أن بعض لاعبي الأندية طلبوا أن تسدد مستحقاتهم باليورو بدلا من العملة المحلية.

من ناحية أخرى يعتقد الألماني يورغن كلوب، مدرب ليفربول، أنه من الضروري إجراء استفتاء ثان قبل تفعيل عملية خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. موضحا في تصريحات صحافية بقوله “دعونا نتيح للناس فرصة التفكير مليّا والتصويت مرة أخرى عقب توفير المعلومات الملائمة لهم حول حملة البريكست”.

ويتفق الأرجنتيني بوكيتينو مع هذا الرأي. وقال “لو أدرك السياسيون الآن مدى سوء هذا الإجراء على مستقبل إنكلترا فلماذا إذن لا نوضح للناس مجددا: هذا هو ما سوف يحدث لنا؟”. ويضيف “الأمر مثلما لو كنت سوف أتعرض لحادث سير، ويصر مساعدي خيسوس على دفعي لمزيد من السرعة. لا! يجب أن أتوقف!”.

يخطط الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم تقليص عدد اللاعبين الأجانب في فرق الدوري الممتاز من 17 إلى 12 لاعبا في ظل الرغبة في التعامل مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ولزيادة عدد اللاعبين المحليين. ولو تقرر تنفيذ هذا المقترح، المتوقع تقديمه للأندية هذا الأسبوع، سيعني ذلك إجراء تغييرات كبيرة في الكثير من الفرق. ويملك 13 فريقا أكثر من 12 لاعبا أجنبيا هذا الموسم.

وقال تقارير صحافية إن الاتحاد الإنكليزي سيوافق في المقابل على منح الأندية تصريح العمل، الذي عادة ما يكون مطلوبا للاعب القادم من خارج الاتحاد الأوروبي، بمجرد ارتباطه بعقد مع ناديه في الدوري الممتاز. وفي حال عدم توصل الأندية إلى اتفاق مع الاتحاد الإنكليزي فإنها ستواجه إمكانية سير كل لاعبي دول الاتحاد الأوروبي في إجراءات اللاعبين الآخرين نفسها للحصول على تصاريح العمل المطلوبة.

 ويمثل العدد الكبير للاعبين الأجانب في الدوري الإنكليزي ضغطا على اتحاد الكرة المطالب بدعم لاعبيه المحليين وإظهارهم للمنتخبات الوطنية في بلاده. ويرى كثيرون من خبراء الاتحاد الإنكليزي أن كثرة عدد اللاعبين الأجانب في الدوري الممتاز يؤثر سلبا على المنتخب الإنكليزي، وأنهم يتطلعون لتنفيذ مخطط (6+5) وهو أن يكون من حق الفريق إشراك 6 لاعبين أجانب مع وجود 5 محليين على الأقل.

وعندما انطلق الدوري الإنكليزي الممتاز بمسماه وشكله الجديد في عام 1992 كان عدد اللاعبين الأجانب في الأندية العشرين بالبطولة لا يتجاوز 13 لاعبا، وبعد مرور 26 عاما فقط قفز هذا العدد بشكل هائل ليتجاوز حاليا ثلثي لاعبي المسابقة.

كانت قائمة اللاعبين الأجانب في الدوري الإنكليزي الممتاز في 1992 تضم كلا من النرويجي غانر هيل الذي كان يلعب في صفوف نادي أولدهام أثلتيك، واللاعب البولندي روبرت وارزتشا الذي كان يلعب في صفوف نادي إيفرتون وكان دائما ما يجد جمهور النادي صعوبة في نطق اسمه، واللاعب روني روزنتال، علاوة على لاعب فرنسي في صفوف نادي ليدز يونايتد، ولاعب دنماركي في نادي أرسنال وآخر في صفوف مانشستر يونايتد، ولاعب روسي في صفوف نادي مانشستر سيتي.

 وعندما تغير مسمى الدوري الإنكليزي للمحترفين إلى الدوري الممتاز في شهر أغسطس عام 1992، أصبحت البطولة محط أنظار اللاعبين الأجانب من جميع أنحاء العالم، بعد أن سحبت البساط من تحت أقدام الكالتشيو الإيطالي والليغا الإسبانية، بسبب قوة المنافسة والمقابل المادي المرتفع.

وكان الغرض الرئيسي للتحول إلى الدوري الممتاز هو الأداء المخيب للآمال للمنتخب الإنكليزي في بطولة كأس الأمم الأوروبية عام 1992 وخروجه من دور المجموعات، بعد الأداء الرائع والوصول للدور نصف النهائي في كأس العالم عام 1990 بإيطاليا، إلا أن الأمور انقلبت وأصبح اللاعب الإنكليزي في أغلب الفرق الكبيرة لا يجد مكانا أساسيا وتراجع عددهم أمام الإقبال المتزايد للأجانب. وقد ارتفع عدد اللاعبين والمديرين الفنيين الأجانب في ملاعب كرة القدم الأوروبية بسبب تطبيق قانون بوسمان الذي يتيح للاعبين الأوروبيين الانتقال إلى أي نادٍ داخل دول الاتحاد الأوروبي دون قيود قانونية.

شارك 54 لاعبا إنكليزيا فقط من أصل 220 لاعبا في فرق الدوري الإنكليزي الممتاز نهاية الأسبوع الماضي لتكون أقل نسبة في تاريخ الدوري الإنكليزي الممتاز للاعبين الإنكليز وهو ما دفع حسب صحيفة ذا صن المدرب غاريث ساوثغيت للشعور بالقلق على مستقبل المنتخب الإنكليزي. وبلغ النسبة 24.5 بالمئة فقط نهاية الأسبوع ومنذ بداية الموسم الحالي بلغت 30 بالمئة، وهي أقل نسبة في تاريخ الدوري الإنكليزي الممتاز في ما يخص مشاركة اللاعبين الإنكليز.

ومنح مدرب منتخب إنكلترا الفرصة لعدد من اللاعبين الشباب في منتخب إنكلترا على رأسهم ثنائي ليفربول ترنت أرنوولد وجو غوميز ولاعب بروسيا دورتموند جادون سانشو وهاري وينكس لاعب توتنهام وبنجامين تشايلويل لاعب ليستر سيتي ويفكر في اللاعبين الشباب الذين يستحقون فرصا أكبر للعب.

وقال ساوثغيت “ما هو واضح أننا لا يمكننا ترك هذه النسبة تتراجع، إلى أي مدى ممكن أن تصل؟” وأضاف مدرب منتخب إنكلترا “الموسم الماضي كانت النسبة 33 بالمئة ثم تراجعت هذا الموسم إلى 29 بالمئة والأسبوع الماضي نزلت تحث 25 بالمئة، لا أحد يمكنه إقناعي أن لو كان اللاعبون جيدين كانوا سيلعبون، أنا متأكد أن هناك العديد من اللاعبين الجيدين”.

وطالب مدرب منتخب إنكلترا بالجلوس إلى طاولة المفاوضات لنقاش مسألة تراجع نسبة اللاعبين الإنكليز في فرق الدوري المحلي الممتاز.