الملكي والبرشا يواجهان صعوبات في النزول بمعدل أعمار لاعبيهما..

مشكلات ريال مدريد تبدأ من خط وسط يعاني من الشيخوخة

ريال مدريد وسان جيرمان

وكالات (لندن)

بينما كان توماس مونييه وخوان بيرنات يخترقان خط وسط ريال مدريد بكل سهولة في المباراة التي انتهت بفوز باريس سان جيرمان على النادي الملكي بثلاثية نظيفة، شبه البعض هذه المباراة بليلة باريسية أخرى منذ عامين ونصف العام، عندما عزف المهاجم الأرجنتيني أنخيل دي ماريا سيمفونية كروية رائعة وقاد النادي الباريسي لسحق برشلونة بأربعة أهداف دون رد.

ورغم أن هذه النتيجة لم تمكن باريس سان جيرمان من العبور للدور التالي، لأنه خسر في إسبانيا في مباراة «الريمونتادا» الشهيرة بستة أهداف مقابل هدف وحيد، فإن ما حدث في هاتين المباراتين يجعل عشاق كرة القدم يطرحون السؤال التالي: ما الذي يحدث بالضبط في خط وسط الأندية الإسبانية؟ ويبدو أن هذه المشكلة تؤرق كافة الأندية الإسبانية وليس ريال مدريد وحده، والدليل على ذلك أن أتليتكو مدريد قد استقبل هدفين في نهاية الشوط الأول للمباراة التي أقيمت على ملعبه أمام يوفنتوس الإيطالي. وخلال الموسم الماضي، اهتزت شباك أكبر ثلاثة أندية في إسبانيا ثلاث مرات أو أكثر أمام ليفربول (برشلونة)؛ وأمام سيسكا موسكو وأياكس أمستردام (ريال مدريد)؛ وأمام بوروسيا دورتموند ويوفنتوس (أتلتيكو مدريد). وكانت المشكلة واحدة في كل حالة من هذه الحالات، وهي عدم ترابط خط الوسط وعدم قدرته على التحول من الجانب الدفاعي للجانب الهجومي. وقد ظهرت أعراض هذه المشكلة خلال الموسم الماضي، وبالتحديد خلال المباراة التي خسرها ريال مدريد أمام توتنهام هوتسبير، والهزيمة الثقيلة التي مني بها برشلونة أمام روما.

ومن هذا المنطلق، فإن النجم الأرجنتيني لنادي باريس سان جيرمان، دي ماريا، قد تلاعب بخط وسط ريال مدريد. وحتى عندما كان دي ماريا يلعب بقميص ريال مدريد فإنه دمر خط وسط بايرن ميونيخ الذي كان يتولى قيادته مدير فني «إسباني»، وهو جوسيب غوارديولا. وفي الحقيقة، هناك شعور بأن دي ماريا لا يحصل أبدا على الإشادة التي يستحقها، رغم الأداء القوي الذي يقدمه، وخاصة في المباريات الكبرى.

وعلى الرغم من المطالب المالية المبالغ فيها لدي ماريا، فربما كان يتعين على ريال مدريد بذل المزيد من الجهد للحفاظ على خدماته، لكن يبدو أن النادي الملكي يهتم باللاعبين أصحاب الكاريزما والوسامة، وهي الصفات التي قد لا تتوفر في اللاعب الأرجنتيني! وقد فشل دي ماريا مع نادي مانشستر يونايتد لأنه انتقل إلى النادي الإنجليزي في فترة انتقالية ولم يتمكن من التأقلم والتكيف مع الأوضاع هناك، وهي المشكلة التي تفاقمت بعد السطو المسلح على منزله في إنجلترا.

ومع منتخب الأرجنتين، يتم التعامل مع دي ماريا على أنه كبش فداء لأي فشل يحدث، ويعود السبب في ذلك إلى حد كبير إلى وجوده الدائم في تشكيلة راقصي التانغو؛ حيث يحبه المديرون الفنيون كثيرا بسبب مجهوده الوافر داخل الملعب، رغم أن الفريق، الذي يركز بشكل كبير على ليونيل ميسي، نادرا ما يلعب بطريقة تساعده على تقديم أفضل ما لديه داخل المستطيل الأخضر.

وحتى مع باريس سان جيرمان، لا يحصل دي ماريا على التقدير الذي يستحقه، بسبب النجومية الطاغية لكل من نيمار وكيليان مبابي وإدينسون كافاني. وخلال المباراة الأخيرة أمام ريال مدريد، ظهر باريس سان جيرمان بشكل أفضل بكثير في ظل غياب نيمار ومبابي وكافاني، وهو الأمر الذي أثبت – وليس للمرة الأولى – أن الفريق يكون أفضل عندما يلعب بشكل جماعي بعيدا عن النزعات الفردية للنجوم. ومع ذلك، فقد فعل ريال مدريد كل شيء ممكن لتسهيل المهمة تماما على لاعبي باريس سان جيرمان!

صحيح أن تبادل الكرات في الهجمة التي أدت إلى إحراز الهدف الأول للنادي الباريسي قد حدث بشكل رائع، لكن كيف يتم المرور من داني كارفاخال بهذه السهولة؟ وعلاوة على ذلك، كان قلب دفاع ريال مدريد، رافائيل فاران، متقدما نحو مركز الظهير، تاركاً مساحة هائلة أمام دي ماريا لكي يتقدم فيها، في الوقت الذي فشل فيه إيدر ميليتاو، الذي قدم مباراة كارثية، في التغطية. وقد أحرز دي ماريا الهدف الثاني بشكل رائع وبتسديدة قوية للغاية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه أيضا هو: لماذا تُركت له كل هذه المساحة على بُعد خمس ياردات من منطقة الجزاء؟ هذه هي أساسيات الدفاع التي فشل لاعبو ريال مدريد في القيام بها. وقبل إحراز باريس سان جيرمان للهدف الثالث، كان خط وسط ريال مدريد قد انهار تماما.

ومن الواضح تماما أن ريال مدريد وبرشلونة يواجهان بعض المشكلات في النزول بمعدل أعمار لاعبي خط الوسط الذي وصل لمرحلة الشيخوخة، وإن كان النادي الكتالوني قد قطع خطوة هامة في هذا الأمر بالتعاقد مع النجم الهولندي الشاب فرينكي دي يونغ. لكن ما زال هناك سؤال يجب طرحه بشأن كيفية سماح هذين الناديين العملاقين بالوصول لهذه الحالة من التراجع: لماذا لم تستغل أندية الدوري الإسباني الممتاز هذا القصور الواضح في خط وسط ريال مدريد وبرشلونة؟

ربما يعود السبب في ذلك إلى تفوق ريال مدريد وبرشلونة على باقي الأندية الإسبانية من حيث القدرات المالية، وربما يعود السبب إلى الحواجز النفسية التي تجعل الأندية الأخرى تلعب أمام هذين العملاقين وهي تشعر بالخوف، لكن الشيء المؤكد أيضا هو أنه منذ بداية الموسم الماضي بدأت الأندية الإسبانية الأخرى تتجرأ على ريال مدريد وتستغل نقاط الضعف الواضحة في صفوف الفريق.

ومع ذلك، تجب الإشارة إلى أن النجاح غالباً ما يولد الركود، بمعنى أنه طالما أن الطريقة التي يلعب بها الفريق تحقق له نتائج جيدة، فلماذا يغيرها؟ لقد حققت الأندية الإسبانية لقب دوري أبطال أوروبا ست مرات خلال السنوات التسع الأخيرة، وبالتالي فإن هذه الأندية لم تكن تشعر بالحاجة لتغيير الطريقة التي تلعب بها، لكن من الواضح أن هذا الوضع قد تغير الآن.

وبالنظر إلى المشكلات الهائلة التي يعاني منها ريال مدريد، فإن برشلونة وأتلتيكو مدريد سيكونان هما الاختبار الحقيقي لذلك. في الواقع، يجب التأكيد على أن النجاح الكبير الذي حققه المدير الفني الفرنسي زين الدين زيدان بقيادته للنادي الملكي للحصول على لقب دوري أبطال أوروبا ثلاث مرات متتالية لم يكن يعود إلى ذكائه الخططي والتكتيكي بقدر ما كان يعود إلى امتلاك الفريق لعدد من اللاعبين الرائعين آنذاك، وعلى رأسهم النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي كان في أوج تألقه وأحرز الكثير من الأهداف الحاسمة في تلك الفترة.

وعندما عاد زيدان لتولي قيادة الفريق طلب تدعيم صفوف الفريق بالكثير من اللاعبين الجدد، لكن يبدو أن مطالبه لم تتحقق، وكانت النتيجة هي وجود خط وسط يتسم بالبطء الشديد وغير قادر على تقديم الدعم الهجومي. وظهر ضعف خط وسط الفريق الملكي بشكل واضح عندما لعب أمام خط وسط باريس سان جيرمان القوي بقيادة كل من ماركينيوس وإدريسا غاي وماركو فيراتي، الذين كانوا يلعبون بكل قوة وحماس.

وحتى عندما كان كازيميرو في أفضل حالاته، لم يكن قادرا بمفرده على سد هذه الفجوة الهائلة في خط وسط الفريق. وفي ظل المستوى المتدني لكل من جيمس رودريغيز، وتوني كروز، الذي يبدو أنه أكبر من عمره الحقيقي بعقد كامل من الزمان، بدا كازيميرو هو الآخر تائها وغير قادر على قيادة خط وسط الفريق كما ينبغي.

وعندما يعود سيرخيو راموس من الإيقاف، ربما يتمكن ريال مدريد من استعادة توازنه ويتأهل إلى الأدوار الإقصائية، التي حقق فيها نتائج رائعة خلال السنوات الماضية. لكن الأداء الذي قدمه الفريق في فرنسا يدعو للقلق الشديد ويُظهر من دون أدنى شك أن الفريق يفتقد للتركيز تماما. ورغم أن ريال مدريد يضم عددا من اللاعبين أصحاب الخبرات الكبيرة الذين يمكنهم التحكم في زمام الأمور وقت الحاجة، فمن المؤكد أن كرة القدم تحتاج إلى اللعب بكل قوة وحماس وإلى الكثير من التنظيم أيضا. لكن ريال مدريد لم يكن قادرا حتى على القيام بأساسيات كرة القدم أمام النادي الباريسي، الذي ظهر متماسكا وقويا للغاية رغم غياب أبرز نجومه عن تلك المواجهة.