سكان يلومون الأطراف المتصارعة على مدينة تنقطع فيها الكهرباء 14 ساعة..
عدن خالية إلا من أسواق القات.. وانتقادات سوء خدمات "الإدارة الذاتية"
فرحة العيد في مدينة عدن العاصمة كانت غائبة بسبب إجراءات الحماية من فيروس كورونا المستجد. بيد أنها لم تكن الغائب الوحيد، إذ زاحمها تردي الخدمات بشكلٍ عام وانقطاع الكهرباء بشكل خاص لمدة تصل إلى 14 ساعة في اليوم الواحد حول حياة الناس إلى جحيم لا يطاق، في ظل انتقادات تطال «الإدارة الذاتية» التي أعلن عنها المجلس الجنوبي قبل شهرين.
ويعتقد سكان في عدن أن الصراع بين الحكومة والمجلس الانتقالي الذي أعلن ما سماها «الإدارة الذاتية» زاد من تردي الخدمات فيما تتركز اهتمامات الطرفين على المواجهات الدائرة في محافظة أبْيَـنْ القريبة وسط مخاوف من أن تقترب من المدينة. شواطئ المدينة التي كانت تزدحم بالآلاف في عطلة نهاية الأسبوع وتتضاعف الأعداد مع حلول الأعياد بدت شبه خالية من المرتادين صباحا باستثناء بعض من يتناولون القات مساءً قرب البحر بحثا عن نسمة هواء باردة وسط قيظ الصيف الذي يلهب جلود السكان، مع تفشي وباء كورونا والعجز الواضح في أداء القطاع الصحي ما استدعى تسليم أكبر مركزين لرعاية المصابين بفيروس كورونا وهما مستشفى الجمهورية في مديرية خور مكسر، ومركز الأمل في مديرية البريقة لمنظمة أطباء بلا حدود.
ومع انتهاء إجازة العيد وتمديدها من قبل الحكومة الشرعية حتى الـ11 من يونيو (حزيران) فإن أغلب المحلات التجارية والمجتمعات وحتى الدكاكين الصغيرة ما تزال مغلقة، وحديث السكان عن الكهرباء وسوء الخدمات يملأ مواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى ساحة للندب أو الغضب من سوء الإدارة أو لتبادل أسماء الوفيات وضحايا فيروس كورونا وحمى الضنك والملاريا وغيرها.
وإذ بدا واضحا أن تأثير الحميات تراجع كثيرا عما كان عليه منتصف الشهر الماضي بعد إزالة معظم مخلفات السيول وردم مواقع تجمع المياه والمجاري ورش الشوارع بالمعقمات، إلا أن تردي خدمة الكهرباء خلال أيام الإجازة فاقم غضب السكان الذين تساءلوا عن وضع هذه الخدمة في حال عادت المجمعات التجارية والمحلات للعمل، فالكهرباء لا تصمد أكثر من ساعتين متصلتين وتنقطع عن السكان لأربع ساعات، وفي أحيان كثيرة تتجاوز مدة الانقطاع 14 ساعة متواصلة.
آثار إطارات السيارات المحترقة في مديرية المنصورة التي عرفت دائما بأنها منطقة احتجاجات في وجه كل السلطات المتعاقبة كانت الحاضر الأبرز، أما شوارع المدينة فكانت تبدو شبه فارغة، وحدها أسواق القات تعج بالمشترين والباعة بعد فشل كل محاولات السلطات إغلاقها أو تنظيمها لمنع الازدحام حتى لا تتحول إلى بؤر لنشر الفيروس.
وبالمثل فإن نسبة بسيطة من الناس تلتزم بإجراءات الحماية واستخدام الكمامات عند الذهاب إلى الأسواق أو عند الخروج من المنازل، وفقا لعاملين في قطاعات خدمية.
لا يعجز سكان عدن الذين عايشوا صراعات متعددة منذ ستينات القرن الماضي عن خلق الابتسامة رغم الألم. ويقولون إن السلطات طلبت منهم البقاء في منازلهم للحد من تفشي فيروس كورونا ولكن في الوقت ذاته خدمة الكهرباء زادت المعاناة. ولهذا فهم بين نارين. إما المغامرة والخروج للبحث عن نسمة هواء مع أخطار الإصابة بفيروس كورونا أو تحمل الحرارة الشديدة داخل منازلهم.
ويلقي السكان باللائمة في تردي الخدمات على الصراع بين المسؤولين المحليين المعينين من الحكومة الشرعية، وأولئك الذين يدعمهم المجلس الانتقالي، مدللين على ذلك بأن الحكومة اعتمدت مبلغ مائة مليون ريال يمني لمكتب الصحة في المدينة إلا أنه لم يستخدم بسبب الصراع بين المحافظ المعين من الحكومة ومدير مكتب الصحة الذي يؤيد الانتقالي. (الدولار يساوي نحو 600 ريال يمني).
ومع تفشي فيروس كورونا وتردي خدمة الكهرباء وارتفاع درجة الحرارة والرطوبة غادر الوافدون المدينة التي كانت في العادة تستقبل القادمين إليها لقضاء إجازة العيد إلى محافظاتهم وبالذات إلى الأرياف في المناطق الجبلية التي تتميز بدرجة حرارة منخفضة مع أمطار صيفية، ولكنهم في المقابل نقلوا العدوى إلى تلك المحافظات وسجلت الأرياف القريبة من محافظات لحج وأبْيَـنْ ارتفعا كبيرا في عدد المصابين بفيروس كورونا.
وصباح الأيام الثلاثة الماضية شوهدت عشرات السيارات التي تحمل الأسر في طريقها إلى خارج المدينة، كما شوهدت تعزيزات عسكرية لقوات المجلس الانتقالي باتجاه محافظة أبْيَـنْ حيث تدور المواجهات مع القوات الحكومية منذ ثلاثة أسابيع.
وباستثناء النقاط الأمنية والعسكرية التابعة للمجلس الانتقالي فليس هناك ما يثير أي مخاوف أمنية عدا الدعوات التي يطلقها طيف متعدد من الجماعات للتظاهر احتجاجا على تردي خدمات الكهرباء، لخصتها صحيفة الأيام العدنية والقريبة من المجلس الانتقالي في عدد أمس (الأحد) بعنوان: «دعوات لثورة شعبية عارمة بسبب تردي الخدمات في عدن».
المجلس الانتقالي اكتفى بتكليف فريق متخصص لحل إشكالية الكهرباء برئاسة عبد القوي الصلح، رئيس الدائرة الاقتصادية في الأمانة العامة للمجلس، ومنحه حق الاستعانة بالمتخصصين وأصحاب الخبرة من الكوادر والكفاءات للمساهمة في إدارة هذا الملف.
كما شكلت وحدات مصغرة باللجنة الاقتصادية متخصصة بشؤون مراقبة النفقات التشغيلية لوضع حدٍ للفساد الذي استشرى في مختلف المؤسسات والمرافق الحكومية، وتوزيع أعضاء هيئة الرئاسة في مهام الإشراف على تلك الوحدات ومساعدتها في عملية التنسيق.