تحشيد عسكري في المهرة وتعز لإجهاض التزامات اتفاق الرياض..
مراقبون: حالة التصالح بين بعض حكومة هادي والإخوان تؤكد حجم نفوذ قطر
وصفت مصادر سياسية يمنية حالة التوتر التي تشهدها محافظتا المهرة (أقصى شرق اليمن) وتعز (وسط) بأنها جزء من إستراتيجية الإخوان وتيار قطر في الحكومة اليمنية لإجهاض التقدم في مشاورات تنفيذ اتفاق الرياض التي أحرزت تقدما ملحوظا خلال الأيام القليلة الماضية بعد تضييق الهوة بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي حول تشكيل حكومة المناصفة بين الشمال والجنوب والبدء بإجراءات الشق السياسي قبل العسكري، وهي أبرز نقاط الخلاف التي كانت تعيق التقدم في المشاورات التي ترعاها الحكومة السعودية.
وكشفت مصادر لصحيفة العرب الدولية عن تحشيد عسكري غير مسبوق شهدته محافظة المهرة، السبت، بعد إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي عن تنظيم فعالية جماهيرية لدعم الإدارة الذاتية، مشيرة إلى وصول أبرز وجوه التيار القطري في الحكومة اليمنية إلى المحافظة بهدف إفشال تظاهرة الانتقالي.
وأكدت المصادر وصول وزير النقل المستقيل صالح الجبواني ونائب رئيس مجلس النواب عبدالعزيز جباري من محافظة شبوة التي يسيطر عليها الإخوان برفقة مئات العناصر المسلحة التي تم تدريبها في معسكرات أنشأها الجبواني في شبوة بتمويل قطري.
وأشارت المصادر إلى انضمام كل من الجبواني وجباري إلى اجتماع ضم وزير الداخلية الموالي لقطر أحمد الميسري وعلي سالم الحريزي رجل الدوحة الأول في المهرة بهدف تنسيق الجهود لعرقلة وصول المشاركين في التظاهرة إلى مدينة الغيضة مركز محافظة المهرة.
وأفاد شهود عيان في هذا السياق بانتشار ميليشيات تتبع الحريزي والجبواني وعناصر عسكرية تابعة للجيش اليمني على مداخل محافظة المهرة ومنعت المتظاهرين من الوصول إلى موقع التجمع تحت تهديد السلاح.
وأكدت مصادر محلية في المهرة نجاح التظاهرة بالرغم من عرقلة المشاركين من مديريات المهرة، لمنعهم من الوصول، وإطلاق النار عليهم واحتجاز الطواقم الإعلامية.
وندد المجلس الانتقالي على لسان ناطقه الرسمي نزار هيثم، الجمعة، بما وصفه محاولات “إسكات صوت المهرة، ووقوفها خلف المجلس الانتقالي الجنوبي”، معتبرا أنها “ستفشل”.
وذكر هيثم، في تغريدة له على تويتر، أن “ما تقوم به الميليشيات التابعة لعلي محسن والموالية لمحور الشر الإيراني القطري والتركي في المهرة، هو استمرار للانتهاكات ضد الصحافيين والإعلاميين، وقمع حرية التعبير لأبناء المهرة”.
وفي تطور لاحق، اتهم القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي بالمهرة خالد طه سعيد من سمّاها “العصابات” بإطلاق الأعيرة النارية في الهواء بالقرب من مكان منصة تظاهرة المهرة بهدف تخويف المتظاهرين، وكشف سعيد في تغريدة على تويتر عن “اعتقال الشيخ سالم عمر مدير القيادة المحلية لانتقالي العاصمة الغيضة من قبل ميليشيات أمنية تابعة للإخوان التي تستلم أوامرها من مأرب”.
وأبدى مراقبون استغرابهم من حالة التناغم بين الميليشيات الموالية لقطر والسلطة المحلية في المحافظة التي انحازت إلى جانب التيار القطري بعد أيام قليلة من لقاء جمع محافظ المهرة محمد علي ياسر بالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في مقر إقامته بالعاصمة السعودية الرياض.
ويشير المراقبون إلى أن حالة التصالح بين بعض مكونات الحكومة اليمنية في المهرة والأجندة المدعومة من الدوحة تؤكد على حجم النفوذ القطري المتزايد في المحافظات التي تهيمن عليها جماعة الإخوان المسلمين مثل شبوة والمهرة وتعز ومأرب.
وحذرت مصادر يمنية من استمرار حالة التخادم بين القيادات النافذة الموالية لقطر في الحكومة اليمنية وجماعة الإخوان التي تسيطر على بعض المحافظات المحررة التي تشير المعطيات إلى أنها باتت بيئة حاضنة للأجندة القطرية والتركية ومعادية للتحالف العربي لدعم الشرعية، وهو الأمر الذي قد يفرز واقعا جديدا خلال الفترة المقبلة.
ووفقا لمصادر مطلعة يقوم نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الموالي لقطر أحمد الميسري بدور رئيسي في تطويع المؤسسات الأمنية لصالح أجندة الدوحة مستغلا موقعه الرسمي.
وفي هذا الصدد نشر الموقع الرسمي لوزارة الداخلية التابعة للشرعية قرارا مثيرا للاستغراب بحسب مراقبين، تمت فيه إحالة ثمانية ضباط في وزارة الداخلية إلى المجلس التأديبي وإيقافهم عن العمل، وفي مقدمة هؤلاء الضباط العميد مطهر الشعيبي أبرز المرشحين لمنصب شرطة عدن بموجب المشاورات الجارية، ليتم بذلك نفي اتفاق الرياض.
واعتبرت مصادر سياسية أن هذا القرار يأتي في إطار الدور الذي يلعبه الميسري والتيار التابع لقطر في الحكومة اليمنية لإفشال اتفاق الرياض.
وعلى صعيد متصل بالأحداث التي تشهدها محافظة المهرة وفي توقيت متزامن على وقع الأنباء عن إحراز تقدم في مشاورات تنفيذ اتفاق الرياض، صعد تيار قطر وحزب الإصلاح (الإخوان المسلمون في اليمن) من هجومه على مناطق ريف تعز الجنوبي في سياق خطة للاقتراب من باب المندب.
وجددت ميليشيات ما يسمى بالحشد الشعبي، التي يقودها حمود سعيد المخلافي وتمولها الدوحة، الهجوم على مقرات ومواقع اللواء 35 مدرع، بالتزامن مع عملية يشوبها الغموض أفضت إلى تسليم اللواء الذي يمثل آخر قوة عسكرية مناهضة للمشروع القطري إلى قائد جديد موال للإخوان بعد اغتيال القائد السابق اللواء العميد عدنان الحمادي الذي تشير أصابع الاتهام إلى تورط الإخوان في تصفيته.
وكشف بيان صادر عن ضباط وجنود اللواء 35 مدرع ملابسات استهداف اللواء بعد ساعات من إعلان السلطة المحلية منع المتظاهرين من التجمع في مديرية “المواسط” وتوجيهات محافظ المحافظة بعدم حدوث أي مواجهات بين المسيرتين المتضادتين اللتين دعا إليهما أبناء منطقة الحجرية وحزب الإصلاح.
وقال البيان إن قيادة اللواء تفاجأت “بنقل أركان حرب اللواء 35 مدرع العقيد عبدالملك الأهدل بعشرات الأطقم من مكان محاصرته وإقامته الجبرية في منزل العقيد أمين الأكحلي في التربة (…) ونقله إلى منطقة ‘الخيامي’ وإجباره على تسليم اللواء”.
وأكد مراقبون يمنيون أن ضم اللواء 35 مدرع لدائرة نفوذ الإخوان والتيار القطري في الحكومة اليمنية هو بمثابة تمكين هذا التيار من إحكام السيطرة على محافظة تعز، والبدء بنقل المعركة إلى الساحل الغربي وباب المندب في سياق خطة ممنهجة لتسوية الطريق أمام التدخل التركي في اليمن.
ونفى الناطق الرسمي باسم المقاومة الوطنية العميد صادق دويد أي علاقة للمقاومة الوطنية بالاشتباكات المتقطعة في التربة منذ أسابيع، مشددا على أن حملة التحريض التي تنفذها أطراف سياسية، في إشارة إلى الإخوان، تشكل غطاء للانتهاكات التي يتعرض لها النازحون من قبل مجاميع مسلحة تنتمي إلى هذه الأطراف المحرضة.
وجاءت التطورات الأخيرة في محافظتي المهرة وتعز بعد فترة وجيزة من خروج مظاهرات حاشدة مناوئة للتغول الإخواني في محافظتي تعز وحضرموت أعادت للواجهة حالة الرفض الشعبي للدور الذي يلعبه تنظيم الإخوان في اليمن وأدوات الدوحة وأنقرة لإرباك المشهد اليمني وخلق واقع جديد على الأرض.