وسط ضبابية المشهد السياسي..
تقرير: اتفاق السلام الثلاثي.. تعزيز مكانة الإمارات في الشرق الأوسط
وسط ضبابية المشهد السياسي لسنوات غابت فيها خارطة طريق واضحة لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي قامت دولة الإمارات العربية المتحدة وفق رؤية سعت من خلالها لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة بعقد اتفاق سلام ثلاثي اشترطت فيه أن يوقف الاحتلال خطة الضم للأراضي الفلسطينية.
اتفاق السلام الإماراتي الإسرائيلي الأمريكي، الذي تم الإعلان عنه في 13 أغسطس 2020، أثار جدلًا كبيرًا من ناحية، ولاقى ترحيبًا دوليًا واسعًا من ناحية أخرى، لينشب الجدل المعتاد عند أي خطوة تتعلق بالقضية الفلسطينية، الأمر الذي لم تُفوته دول الثلاثي "الخرب" قطر وتركيا وإيران، للاصطياد كعادتهم في الماء العكر.
اتفاق السلام.. ودعم القضية الفلسطينية
وفي هذا السياق، نشر الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، مقالة في صحيفة "الشرق الأوسط"، عن اتفاقية إقامة علاقات بين الإمارات وإسرائيل، واصفًا إياها بالمفاجأة.
وقال الفيصل في هذا الشأن: "فاجأتنا دولة الإمارات العربية المتحدة بعقدها اتفاقية مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل؛ لإنشاء علاقات بينها وبين إسرائيل، ولقد نشب الجدل المعتاد عند أي خطوة تُؤخذ وتتعلق بموضوع فلسطين".
ولفت الفيصل إلى أن الإمارات تؤكد أن قرارها هذا "ينبعُ من مبدأ سيادة الدولة في أخذ القرار الذي ترى فيه مصلحة لها ولشعبها، وهذا حق لها في كل الظروف".
ونقل رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق عن دولة الإمارات أنها "اشترطت على الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل أن تُوقف إسرائيل ضمها للأراضي التي أعلنت أنها ستضمها، والتي تشمل ثلُث ما بقي من أراضي الضفة الغربية، إضافة إلى ما ضمته إسرائيل سابقًا".
وتطرق تركي الفيصل إلى أن "الجدل الذي احتدم منذ الإعلان عن هذه الاتفاقية حول ما الذي كسبته الإمارات العربية، وما الذي كسبته القضية الفلسطينية"، لافتًا في هذا الشأن إلى وجود "من يقول: إن وقف الضم مؤقت بناءً على الكلمة التي وردت في نص الاتفاقية باللغة الإنجليزية (suspend)، وهناك من يقول: إن منع الضم يفتح المجال للعودة إلى المباحثات، ويعزز مبدأ حل الدولتين".
الثلاثي الخرب.. والشعارات الجوفاء
وعن الثلاثي الداعم للخراب "قطر وتركيا وإيران"، انتقد المسؤول السعودي موقف قيادتهم من الاتفاقية واصفًا إياها بـ"الثلاثي الخرب"، ورأى أن وقوف القيادة الفلسطينية خلف هذا "الثلاثي" في كيل الاتهامات لدولة الإمارات "لم تنل منه سابقًا، ولن تنال منه لاحقًا، إلا شعارات جوفاء".
"رأس المُطبعين" عن أي شيء تتحدث؟!
ووصف الفيصل القيادة التركية بأنها "رأس المُطبعين منذ أن اعترفت تركيا بإسرائيل، وحتى الاتفاقية التي عقدها رئيس وزرائها مع الإسرائيليين، والتي اعترف فيها بالقدس عاصمة لإسرائيل".
ولفت المسؤول السعودي السابق إلى أن "الرئيس التركي يقول: إنه سيسحب سفيره من دولة الإمارات، بينما سفيره يسرح ويمرح في ربوع بلاد صهيون، ومئات الآلاف من السياح الإسرائيليين يلهون في ملاهي تركيا وخماراتها، ناهيك عن التعاون العسكري والاستخباراتي القائم بين الدولتين".
إيران وتاريخها "المُخجل"
أما بشأن موقف المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، فتساءل الأمير تركي الفيصل: "هل نسينا تعاون سلفه وحصوله على أسلحة إسرائيلية إبان الحرب العراقية الإيرانية؟ وهل ننسى أنه يوجه ميليشياته وصواريخه لقتل المسلمين في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين والمملكة العربية السعودية، بدلًا من إسرائيل؟ وهو الآن يهدد بغزو دولة الإمارات العربية المتحدة!".
قطر.. أكبر داعم للخراب
أما عن قطر -الأذرع الداعمة للخراب في المنطقة- قال الفيصل: "إنها لم تُفلِح إلا في السب والشتم ودفع إتاوات للإرهابيين من شيعة وسنة، وتُسلط ما حبا اللهُ بلدها به من خيرات لحرق الأخضر واليابس في البلاد العربية".
ووجه الأمير السعودي نداء إلى القيادة الفلسطينية، داعيًا إياها إلى أن تتعظ "بما يقوله أحد أبرز زعامات تيار فتح الإصلاحي الديمقراطي، سمير المشهراوي، والجمي الشاتمين والشامتين من مواطنيك، ولا تنسي أن مصالح الشعب الفلسطيني هي مع دولة الإمارات العربية التي تستضيف أكثر من ثلاثمائة ألف فلسطيني يسترزقون من خيراتها، وينعمون برعايتها لهم".
وواصل الفيصل الدفاع عن دولة الإمارات، مشيرًا إلى أن زعيم أكبر دولة في العالم يلجأ إليها "لكي يحصل منها على ما يمكن أن يفيده في سعيه الانتخابي، وتشترط عليه إيقاف قرار الضم، ذلك الضم الذي كان من ضمن صفقة القرن، كما وصفها ذلك الزعيم، فيوافق ويضع توقيعه عليه".
وقال الفيصل: "وعلى كل، إذا كانت أي دولة عربية يناهزها اللحاق بدولة الإمارات العربية المتحدة، فيجب أن تأخذ الثمن في المقابل، ولا بد أن يكون ثمنًا غاليًا".
تعزيز مكانة الإمارات في الشرق الأوسط
اتفاق السلام، الذي أشادت به العديد من الدول العربية والغربية، واعتبرته أول بارقة في أفق السلام بالشرق الأوسط منذ أكثر من 6 سنوات، أعطى الإمارات دفعة استراتيجية لتعزز مكانتها في المنطقة والعالم.
وفي هذا السياق، أشار الكاتب ميخائيل ميلشتاين، في مقال نُشر بـ"معهد السياسة والاستراتيجية IPS"، إلى أن "الروح الحية خلف عملية تحول الإمارات إلى لاعب إقليمي رائد هو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي"، إذ إن الشيخ محمد بن زايد، أحد اللاعبين المسيطرين في العالم العربي اليوم، فهو يقيم علاقات وثيقة مع رؤساء الساحة الدولية، ويشكل لاعبًا أساسيًا في المعسكر السني المعتدل، وإنه ليس بصدفة أن توجته صحيفتا "نيويورك تايمز" و"تايم" أحد الزعماء الأقوى في المنطقة، بل في العالم كله، في العام 2019.
وأشار المقال إلى أن تثبيت المكانة القيادية للإمارات في المجال العربي يأتي في ظل التعاون الوثيق مع حليفيها المركزيين، السعودية ومصر، اللتين تشاركانها الرؤيا المتعلقة بصورة المنطقة وفي تعريف التهديدات والفرص الكامنة فيها والتمييز بين الاصدقاء، الشركاء الاستراتيجيين، والاعداء "المعسكر الثلاثي" الذي تشارك فيه معظم دول الخليج، والذي يحظى بتأييد دول شمال أفريقيا والسودان.