طالبوا توفير الخدمات الضرورية وإيقاف الحرب العبثية في أبين"..

المعتصمون بعدن: لماذا سُلّمت المناطق المحررة إلى عناصر الإرهاب؟

مئات المعتصمين والمحتجين أمام مقر التحالف العربي بعدن، الثلاثاء 25 أغسطس 2020 (سعيد العيسائي)

عدن
مع دخول المعتصمين العسكريين والأمنيين في عدن، جنوب اليمن، شهرهم الثاني أمام مقر التحالف العربي بمديرية البريقة، دون تحقيق مطالبهم، لا تزال جميع الجهات المعنية بما فيها قيادة التحالف العربي، المملكة العربية السعودية، غير آبهة بأصوات الآلاف الذين يترددون على ساحة الاعتصام منذ قرابة أربعين يوما.

يقول العميد ناجي العربي، الناطق الرسمي للهيئة العسكرية العليا للجيش والأمن بأنّ هذه الاحتجاجات "مستمرة لأكثر من أربع سنوات، لقد وقفنا فيها احتجاجا أمام مقرات الحكومة والرئاسة في المعاشيق وفي أماكن أخرى، واليوم نحن معتصمون أمام بوابة التحالف لمدة أكثر من 39 يوم للمطالبة للصرف الفوري لكافة المرتبات وصرف كافة المتأخرات وانتظام صرف المرتبات المدنية والعسكرية ومرتبات أسر الشهداء والجرحى وتوفير كافة الخدمات الضرورية للشعب وإيقاف الحرب العبثية في أبين".
"نحن هنا على مدى هذه الفترة 39 يوما لم تلتفت أي جهة لنا."، "لا يوجد أي تجاوب من أي جهة"، يؤكد العربي أنهم يسعون للضغط وإيصال رسالة لدول التحالف لتضغط بدورها "على حكومة الفساد من أجل الإسراع في تنفيذ تعهداتها، أكان ضمن اتفاقية الرياض أو التزاماتها ومسؤولياتها في صرف المرتبات وتوفير الخدمات."
 
ويضيف العميد العربي "نحن الجيش الجنوبي والأمن والمقاومة لدينا من الخيارات المتاحة الكثيرة. نحن نتحفظ بذكر الخطوات القادمة. نأمل أن تصل هذه الرسالة وتكون هناك استجابة مالم فإن قيادة الهيئة لها خياراتها .. ستقوم بالإعلان بها حينها."
120 ألف تظلّم
وكشف المعتصمون عن نيتهم في التصعيد ما لم يتم الاستجابة الفورية لمطالبهم، "نحن اليوم مُصرّين على متابعة ونيل الحقوق ورفع المظالم التي لحقت بالجيش والأمن المتعلقة بالمرتبات والتسويات وتنفيذ القرارات والأحكام القضائية والتي لم تُنفَّذ من حكومات الفساد المتلاحقة.. والتي بلغت 120 ألف تظلّم متواجدة أمام الهيئة الرئاسية". يقول العميد سعيد العيسائي المستشار القانوني للهيئة العسكرية العليا.
ويضيف لقد "ظلّت هذه الأحكام حبيسة الأدراج بسبب الفساد.. بغية (تركيع) القيادات الجنوبية، فنحن أمام عتاولة فساد أفسدوا السلطات الثلاث التنفيذية والقضائية والتشريعية".
غضب بلا حدود
ويشير العيسائي إلى أنّ الاعتصام أمام مقر التحالف يهدف "لإرسال رسالة للتحالف باعتباره مسؤول عن تنفيذ القرارات الدولية المتمثلة بالبند السابع، والذي وفقها تعهدت المملكة العربية السعودية بأن تُعالج كافة القضايا العالقة وتوفير الخدمات الأساسية للمواطن"، ويضيف "بدلاً من إعادة الأمل دمّرت الأمل في قلوب الجنوبيين".
وكرر العميد العيسائي دعوة "التحالف العربي للقيام بمسؤولياته تجاه الشعب الجنوبي الذي وقف بجانبهم بأصعب المواقف".
وحذّر العيسائي من أنّ التصعيد القادم سيكون "أكثر إيلاماً ومزلزلاً" وأنّ "الغضب سيكون بلا حدود"، وقال أنّ الخطوة التصعيدية التي اتخذوها اليوم كانت "منع دخول وخروج جميع السيارات والمركبات إلى مقر التحالف"، ويعتبرها رسالة للتحالف الذي لم يستجب "لمطالبنا التي قُدّمت لهم بتاريخ 5/7/2020".
العميد محضار السعدي، نائب رئيس لجنة الاعتصام يُشير إلى أنّ الحديث "عن الرواتب يعني حفظ الأمن والاستقرار ومنع الجريمة والفقر والعوز ومنع توجه الشباب لسلوكيات لا تُحمد عقباها".
"العسكريون قدّموا الغالي والنفيس من أجل وطنهم وضحوا وكانوا متواجدين في كلّ ساحة، لكن للأسف بنهاية المطاف يتعرّض العسكري للتجاهل والإهمال"، وطالب السعدي الحكومة بأن "تؤدي دورها بشكل صحيح إلى جانب التحالف، الذي تقع على عاتقه المسؤولية أيضاً وفق قوانين البند السابع".
ويضيف العميد الجنوبي "من المفترض أن يكون حريص على حفظ أمن واستقرار اليمن".
لماذا؟؟؟
يقول السعدي إنّ "بلادنا تتمتع بموقع استراتيجي هام، ثروات معدنية ونفط وغاز. لقد كان الحري بنا التبوء بمكانة عالية بين الدول الأخرى".
ويتسائل العميد الجنوبي بحرقة، لماذا لا تُسلّم هذه الثروات لأيادي آمنة؟ ولماذا لا تشرف الجهات الدولية على عملية تنقيب النفط والغاز مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي ومن ثم تقوم بتسويقه وتحوّله إلى مرتبات وخدمات للشعب؟ ولماذا سُلّمت المناطق المحررة للعناصر الإرهابية؟
ورغم تجاهل التحالف العربي بقيادة السعودية لمعاناتاهم، يشدّد السعدي على متانة علاقة الجنوبيين بدول التحالف، ويضيف أنّ "الجنوبيين أكثر وفاء وتربطهم وشائج متينة من الإخوّة وحسن الجوار.. نريد أن نفتح صفحة جديدة معاً فلا بد له (التحالف) من اتخاذ استراتيجية جديدة للتعامل مع اليمنيين جنوبا وشمالا". 
ويؤكّد السعدي وقوفهم أيضا مع قضية الشعب في الشمال و"ضد قياداته الفاسدة.. التي تعمل على تسخير الدولة لصالح القبيلة، نعلم أن هناك شعب مغلوب على أمره سواء سياسياً أومن جانب ديني.. نحن مع حقوق الشعب".
يموت أحفادنا أمام أعيننا!
ولم تقتصر فعالية الاعتصام المستمرة منذ عدة أسابيع على الموظفين في قطاعي الجيش والأمن، بل شهدت أيضا مشاركة أمّهات بعض الشهداء وعائلات جرحى، ممن ذهبوا ضحية الحرب المستمرة في البلد منذ ست سنوات.
وتُصنّف الأمم المتحدة اليمن على أنها أسوأ كارثة إنسانية في العالم. وتقّدر عدد ضحايا الحرب المستمرة بين الميليشيات الحوثية والحكومة اليمنية المدعومة من السعودية بأكثر من 100 ألف قتيل، فضلا عن حالة اقتصادية وإنسانية وصفتها تقارير أممية بـ "الكارثية".
يقول الجريح عبد الله صالح "نحن جرحى لا نملك حقّ العلاج، رواتبنا مقطوعة. ماتوا أحفادنا ونحن نشاهد ذلك، وليس لدينا إمكانيات للسفر والعلاج. لقد أوقفوا رواتبنا ونهبوا ثرواتنا".
ويحكي الجريح صالح مأساته، وهو يتذّكر سنوات المعاناة: "لقد أُصبت بسبع رصاصات بساقي في جبهة لحج أثناء المواجهة مع المليشيات الحوثية وأُسعفت إلى أطباء بلا حدود حيث تعاونت معي إحدى الطبيبات الأجنبيات وسافرت إلى فرنسا، ومكثت هناك قرابة العامين ومن ثم إلى الأردن لمواصلة العلاج"، "الآن تورّمت ساقي وما زلت أحتاج لمواصلة العلاج ولم تُقدّم لي الحكومة أيّ علاج. تقدّمت بملفي منذ ستة أشهر للجنة طبية في مستشفى البريهي ولم أتلق الرد إلى الآن".
وتتضاعف معاناة الجرحى بشكل أكبر، نتيجة حالتهم الصحية المتدهورة إلى جانب حرمانهم من مستحقاتهم المالية، بحسب الجريح سعيد. 

يقول سعيد "تذهب جلّ رواتبنا للعلاج ونُحرم نحن وأطفالنا من سُبل العيش الكريمة. لقد أُسعفت فور اصابتي أثناء المواجهات مع المليشيات الحوثية في جبهة كرش".
وكمعاناة الجريح عبد الله صالح، لم تُقدّم الحكومة علاجاً للجريح سعيد، لقد حاول سعيد تقديم ملفه الطبي إلى لجنة طبية في مستشفى باصهيب، لكنّه لم يُوفّق. "لقد أخبروني أنّ تكاليف علاجي باهظة".
-----------------------------
المصدر| سوث24