خطوات السلام من زاوية خدمة مصالح الرياض..

تقرير: السعودية مركز الثقل الديني.. متى تطبع العلاقات مع إسرائيل؟

ولي العهد السعودي يدعم خطوات السلام من زاوية خدمة مصالح المملكة

الرياض

قالت مصادر خليجية مطّلعة إن تمسك السعودية بالمبادرة العربية (2002)، كأرضية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وبناء دولة فلسطينية، لا يمنع السعوديين من مجاراة نسق التطبيع الذي تتسع دائرته في المنطقة بعد اتفاقي الإمارات والبحرين مع إسرائيل، وانتظار انضمام السودان وسلطنة عمان.

ولفتت إلى وجود إشارات تشجع على التطبيع وتظهر في وسائل الإعلام السعودية من خلال ذكر مزايا ومكاسب سيحصل عليها الإماراتيون من هذا المسار، فضلا عن تصريحات لرجال دين سعوديين مدعومين من الدولة تبحث عن فتاوى للصلح مع تل أبيب.

لكنها قالت إن مسار التطبيع السعودي سيكون حذرا جدا بسبب خصوصية المملكة كمركز ثقل ديني في العالم الإسلامي، وهو ما يجعلها عرضة للتشويه والحملات من تيارات سنية متشددة وأخرى شيعية مرتبطة بإيران فضلا عن المزايدات التركية، ما يجعل الخطوة السعودية نحو اتفاق جديد مرتبطة بمدى تنازلات إسرائيل في ما يخص محادثات الحل النهائي.

وتطالب المملكة بأن تسمح إسرائيل باختيار حر لقيادة فلسطينية جديدة قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية تعطي مشروعية لمسار سعودي إسرائيلي مثلما أعطت قيادة ياسر عرفات شرعية أوسلو ومسار التفاوض الذي انتهى إلى تشكيل سلطة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة.

وكانت وولستريت جورنال قد أضافت إلى هذه العناصر المحددة لموقف المملكة عنصر الاختلاف في وجهتَيْ النظر بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ ففيما يدعم ولي العهد مسار السلام الجديد، يبدي الملك سلمان اعتراضه عليه.

وقالت الصحيفة، نقلا عن مصادر مُطّلعة في السعودية، إن الملك سلمان صُدم عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 13 أغسطس 2020 عن التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل.

ونقلت الصحيفة عن تلك المصادر أن الأمير محمد كان يخشى أن يعرقل والده اتفاق التطبيع مع إسرائيل الذي بدأته الإمارات في حال علم أنه لا يفعل ما يكفي لدفع عجلة قيام الدولة الفلسطينية.

وأضافت أن “الملك سلمان الغاضب أمر في وقت لاحق وزير الخارجية بإعادة التأكيد على تمسك المملكة بإقامة دولة فلسطينية، دون ذكر صفقة التطبيع”.

ويقول محللون ومراقبون إنه من غير المرجح أن تضفي السعودية الطابع الرسمي على العلاقات مع إسرائيل طالما أن الملك سلمان يمسك بالسلطة.

ويزداد تطلع عواصم الخليج إلى إسرائيل كحليف للدفاع ضد خصمها المشترك (إيران) وسط مخاوف بشأن اتجاه السياسة الخارجية الأميركية وعدم اليقين بخصوص الانتخابات الرئاسية المقبلة. لكن مواجهة إيران لم تقرّب بين إسرائيل والدول العربية في السنوات الأخيرة.

وقال مارك شناير الحاخام المقيم في نيويورك، الذي يعمل مستشارا لملك البحرين وأجرى محادثات في السعودية ودول الخليج الأخرى لتعزيز العلاقات مع إسرائيل، إن السفير السعودي السابق لدى الولايات المتحدة، الأمير خالد بن سلمان، أخبره بأن إصلاح الاقتصاد السعودي يعدّ الأولوية القصوى لشقيقه ولي العهد.

ونقل الحاخام عن خالد بن سلمان، الذي يتقلد مهام نائب وزير الدفاع حاليا، أنه قال بالضبط “لن ننجح بدون إسرائيل”. وشدد شناير على أن “ليس هناك شك في أن السعوديين سيقيمون علاقات مع إسرائيل”.

وتعتقد آية البطراوي، في تقرير لها بصحيفة واشنطن بوست، أنه بالنسبة إلى السعوديين المسألة ليست ما إذا كان يجب التطبيع، بل هي مسألة “متى”.

وانتقد الفلسطينيون الاتفاقات الأخيرة ووصفوها بأنها “خيانة”، لكن وسائل الإعلام السعودية الحكومية أشادت بها ووصفتها بأنها تاريخية ومفيدة للسلام الإقليمي.

كما وافقت المملكة على استخدام المجال الجوي السعودي للرحلات الجوية الإسرائيلية إلى الإمارات، وهو قرار أُعلن بعد يوم من لقاء جاريد كوشنر، صهر ترامب وكبير مستشاريه، بالأمير محمد بن سلمان في الرياض. ويحث كوشنر الدول العربية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

ونُقل عن ولي العهد السعودي أنه قال في تصريح لمجلة “ذا أتلانتيك”، خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة في أبريل 2018، إن لإسرائيل اقتصادا كبيرا وإن “هناك الكثير من المصالح التي نتشاركها معها”. وقال إن للفلسطينيين والإسرائيليين الحق في أراضيهم، قبل أن يشدد على ضرورة اتفاق سلام لضمان الاستقرار ووجود علاقات طبيعية.

وقد فُسرت تعليقاته بأنها دعم لإقامة علاقات كاملة بين المملكة وإسرائيل، ولو في غير المدى القريب. وكانت الخطوة الأكثر دلالة الإعلان الذي جاء في 11 سبتمبر والذي يفيد بأن دولة البحرين قررت أن تقيم علاقات مع إسرائيل. ويقول محللون إن الخطوة لم تكن لتحدث دون موافقة السعودية.

وقال كبير الباحثين المقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، حسين إبيش، إن “هذا يشير إلى أن السعودية منفتحة على فكرة العلاقات الرسمية مع إسرائيل، وأنهم على استعداد للنظر في هذا في المستقبل”. واضاف أن هناك شعورا بأن الخطوة مفيدة للسعودية، لكن “السعوديين لا يريدون أن تكون تعبيرا عن ضعف ما. إنهم يريدون التأكد من أنها تعبير عن القوة أو مساهم في تعزيزها”.

وقالت راغدة درغام، كاتبة عمود عربية ورئيسة مشاركة مع الأمير تركي في قمة “بيروت إنستيتيوت” في أبوظبي، إن الأجيال الشابة في الشرق الأوسط تريد الحياة الطبيعية بدلا من مصادرة الطموحات والأحلام. وذكرت أن الشباب “يريدون حلولا لا استمرارا للرفض”.

----------------------------
المصدر| صحيفة العرب