فيدرالية اجتماعية بين حاشد وسنحان والروضة وصنعاء القديمة..
صراعات حول المركز.. الحوثي نقل الشمال إلى زمن "ضبط المصنع"
الرصاصات التي قتلت حسن زيد كانت ثائرة على ظلم دولة الحوثي.. لكن لأسباب شخصية اتجهت صوب الوزير الذي يسير راجلاً بدون مرافقين..
حسن زيد هاشمي من صنعاء القديمة، هذه المدينة التي ترى نفسها هي عاصمة اليمن، أما صعدة فهي إما إيرانية وإما سعودية..
وصعدة تعلم هذا التقييم.. وترد لها الدين، ومثلما تصف "حاشد" عدن بأنها "بلا ناموس قبلي"، تشترك حاشد مع صعدة في وصف صنعاء القديمة بنفس الأوصاف، فصنعاء الهاشمية عند حاشد وصعدة مجرد "مدينة فاسقة"..
واغتيال حسن زيد، هو تصرف حاشدي بإذن من صعدة، ولو بطريقة غير مباشرة، مثلاً يشتكي الحاشدي إهانة حسن زيد له، فيقول له صاحب صعدة: نحن والله ما كنا موافقين على اللي عمله فيك.. أنت مجاهد مؤمن ونعرف أنك قدمت عائلتك كلها في سبيل السيد".
والقبيلي "عسر" في مواجهة من لا سلطة له بذات القدر من العسارة في مجاورة "الملك"..
أخذ القبيلي مسدسه وأنجز الباقي.. فصعدة معه ضد صنعاء، وهذا يكفي.
ثم قد يكون هناك عشرة ملايين دولار أيضاً في الطريق أن توصل للتحالف، وقبل ذلك كله: هذه بطولة تشبه بطولات الأحرار، هي إذا جمع بين أكثر من مصلحة..
واليوم فإن لم يكن القاتل قد غادر الشمال، فإن من أذن له في صعدة بقتل ابن صنعاء سيبيعه كما باع له حسن زيد..
الحوثي نقل الشمال إلى زمن "ضبط المصنع".
مقتل حسن زيد، عنوان انتهاء مرحلة وبدء أخرى، فقد أنهى الحوثي بعقليته القبلية المذهبية السياسية المناطقية، التي حكمت الجمهورية بنفس ما حكمت بها الإمامة مع تغير شكلي فقط، أنهت ما ميز الجمهورية قليلاً، وهو هوامش الصراعات.
الجمهورية كنقيض فكري للإمامة، سمحت بتعدد أطراف الصراع، وبعد وقت نتجت فيدرالية اجتماعية بين حاشد وسنحان والروضة وصنعاء القديمة مع هوامش من ذمار وبكيل وصعدة والحديدة وفضاءات من تعز وإب وحجة وطريقة إدارة مع مارب.. ثم قليلاً من شبوة ولحج وأبين.
فتح ذلك الباب للصراعات كي تدير علاقة الأطراف بتعدد كبير.. هذا وسيط هنا، وغريم هناك.. هذا معارض هنا وشريك هناك.. هذا دموي هنا لكنه يعمل حساب نقش القبر بإبرة هناك..
عمليات حسابات معقدة، جعلت صاحب ذمار المحتار يرفع عينه للسماء ويقول: "هنيت لك يا رب حين أنت داري ما عيقع".
فقد حررت الجمهورية اليمن من الطريق الأحادي الذي نتيجته معروفة: من يستخدمه ذهاباً سيعود عبره إياباً.. لا طريق آخر.
جاء الحوثي فأحرق كل ذلك البناء، وبنى خبراء إيران وحزب الله الحوثي على شاكلتهم، يعتاش الناس من خدمته لوحده، حتى وهو مختبئ كفأر في مغارة، نقيضاً للجمهورية الشعبية، عاد مركز واحد وشخص واحد ليكون هو كل شيء..
هو مركز الرضا الديني والولاء والعداء مصلحياً.. وهي فكرة دوماً وأبداً تخنق الصراعات وتحولها باتجاه واحد لا ثاني له، تأكل “جماعته” كل الأطراف الأخرى..
تنهي كل قدرة الصراعات الأخرى على استقطاب الاهتمام فهي لا تعطي ولا تمنع شيئاً..
وحدة المركز هو كل شيء.. وهو هنا مركز صغير جداً، لذا تبدأ الصراعات تضيق حول المركز ذاته، فتبدأ الجماعات تأكل بعضها وتقتل بعضها.
ليس بقرارات، بل ذلك نقيض للقرارات والتوجهات.. حتى إن حوثياً قد يقتل حوثياً آخر ويسحله كما حدث في عمران، وحوثياً يقتل حوثياً ولو كان وزيراً وفي وقت احتشاد شعبي لفعالية حوثية كبيرة كالمولد..
أعاد الحوثي الشمال إلى عهد “ضبط المصنع”..