تنفذ إصلاحات جدية..

تقرير: حملة مضادة لإرباك نجاحات "قمة العشرين" في السعودية؟

تنفذ إصلاحات جدية

الرياض

مع اقتراب موعد قمة العشرين، المقررة ليوم الأحد القادم، نشطت حملة مضادة للسعودية تهدف إلى إرباك النجاحات التي ينتظر أن تحققها السعودية من بوابة هذه القمة، فضلا عن نجاحات شخصية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يعمل على إظهار أن برنامجها الإصلاحي قادر على تطوير واقع المملكة وتمكينها من لعب دور محوري في المجال الاقتصادي الدولي، إضافة إلى دور الوازن في قضايا الشرق الأوسط.

ويتحرك الإعلام القطري والتركي بشكل متزامن لالتقاط تصريحات تصدر من شخصيات أو منظمات هامشية في السياسة الدولية وتقديمها كما لو أنها عناصر قادرة على تعطيل القمة التي ستتم عبر الفيديو، أو حرف جدول أعمالها عن القضايا الاقتصادية التي تهم العالم إلى مناقشة القضايا الثانوية.

ويقول متابعون للشأن الخليجي إن السعودية أظهرت رغبة حقيقية في تجاوز صورتها القديمة، وأنها تنفذ إصلاحات جدية، لكن لا يمكن أن تنهي كل القضايا مثار التساؤلات بجرة قلم؛ إذ أن تحسين سجل حقوق الإنسان والقطع مع التشدد يحتاجان إلى مناخ سياسي وإعلامي مساعد، معتبرين أن الموضوع يتجاوز القرارات ومدى الحرص على تنفيذها إلى تطوير الثقافة التي تحتضن التشدد، وهذا يحتاج إلى وقت.

وتتفاعل الرياض مع الملاحظات الدولية المختلفة بشأن تحسين وضع حقوق الإنسان، من ذلك تصريحات السفير السعودي لدى المملكة المتحدة الأمير خالد بن بندر بن سلطان بن عبدالعزيز لصحيفة الغارديان وقوله إن السعودية تدرس العفو عن الناشطات السجينات، وهي تصريحات تظهر أن السعودية تضع حماية صورتها الخارجية أولويةً لها.

وطالبت شقيقة لجين الهذلول، الناشطة السعودية المسجونة منذ 2018، أعضاء مجموعة العشرين بالضغط على الرياض للإفراج عن الناشطات المعتقلات.

وقالت لينا الهذلول البالغة من العمر 25 عامًا من برلين في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية “إن “الدبلوماسية الصامتة” في ما يتعلق بحقوق الإنسان التي تنتهجها باستمرار الديمقراطيات الغربية مفضلة معالجة هذه القضايا خلف أبواب مغلقة وفي لقاءات خاصة، لا تأتي بنتيجة.

وأضافت “أعتقد أن الإستراتيجية يجب أن تتغير. يجب أن نستفيد من هذه القمة، حين تكون المملكة العربية السعودية في دائرة الضوء لبضعة أيام، لكي تُطرح الأمور في العلن”.

ويشير المتابعون إلى أنه في الوقت الذي تتفاعل فيه المملكة بإيجابية مع مختلف الإشارات الدولية لواقع حقوق الإنسان في البلاد، تستمر دول أخرى مثل تركيا في تحدي التقارير الدولية بشأن واقع حقوق الإنسان فيها في ضوء اعتقالات مستمرة بحق الصحافيين والمعارضين، وخاصة الاعتقالات المرتبطة بقضية محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، والتي تتم لمجرد الشبهة ودون أي معايير قانونية أو سياسية.

وسعى الأمير محمد بن سلمان إلى تغيير صورة بلاده المحافظة من خلال السماح بإعادة فتح دور السينما وإقامة الحفلات الموسيقية المختلطة ومنح حريات أكبر للمرأة بما في ذلك رفع الحظر عن قيادة السيارات، لكن هذه الخطوات ما زالت تحتاج إلى قرارات جديدة في المستقبل بالتوازي مع التقدم في مسار الانفتاح على العالم.

وفي أغسطس 2019، سمحت السعودية للنساء فوق سن الحادية والعشرين بالحصول على جوازات سفر والسفر إلى الخارج دون الحاجة إلى الحصول على موافقة “أولياء أمورهن”، أي الآباء أو الأزواج أو غيرهم من الأقرباء الذكور.

ووضعت هذه الخطوة حدا لنظام الوصاية المعروف بـ”ولاية الرجل”، والذي دفع العديد من النساء السعوديات إلى محاولة الفرار من المملكة.

لكن رغم ذلك، تقول منظّمات حقوقية إنه من السهل التحايل على الخطوة الإصلاحية هذه، ما لم تلغ قاعدة “التغيّب”، وهي عبارة عن حكم قانوني يُستخدم لتقييد خروج النساء من المنزل دون إذن.

وفي أبريل، قالت هيئة حقوق الإنسان السعودية إن المملكة ستنهي عقوبة الإعدام لمن أدينوا بجرائم ارتكبوها عندما كانوا دون 18 عاما.

وذكرت نقلا عن مرسوم ملكي أنّ الأفراد المدانين كقصّر سيُعاقبون بالسجن لمدة لا تزيد عن عشر سنوات في مركز احتجاز للأحداث. وأشاد نشطاء وحقوقيون بهذا القرار الإصلاحي.

من جهة أخرى، أعلنت السعودية هذا الشهر أنّها ستخفّف القيود المفروضة على الملايين من العمال الأجانب في إطار سلسلة إصلاحات لنظام الكفالة الذي يُعتبر السبب وراء الانتهاكات ضد هؤلاء الوافدين.

وأوضحت الحكومة السعودية أنّه اعتبارا من الرابع عشر من مارس المقبل، لن يحتاج العمال الأجانب في القطاع الخاص إلى تصريح من أصحاب العمل لتغيير وظائفهم أو السفر أو مغادرة البلاد.

وتأتي الخطوة الإصلاحية في الوقت الذي تسعى فيه الدولة النفطية لتعزيز قطاعها الخاص كجزء من خطة لتنويع اقتصادها المرتهن بالنفط.

ومع ذلك فإنّ اللوائح الجديدة لن تنطبق على 3.7 مليون عاملة منزل وسائق، الذين يشتكون في الكثير من الأحيان من سوء معاملة أرباب العمل.