حشد لدستور جديد يعزز تفرده بالحكم..
تقرير: أردوغان يشكك في ولاء حزب الشعوب الديمقراطي لتركيا
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاثنين أن حزبه العدالة والتنمية وحلفاءه القوميين قد يبدؤون العمل على صياغة دستور جديد وذلك بعد أقل من أربع سنوات من تعديل الدستور السابق لمنحه سلطات تنفيذية واسعة وبعد أن عمل على إضعاف المعارضة بالاعتقالات والإقصاء وضمن غالبية مريحة في البرلمان لتمرير مشاريع القوانين التي يريدها.
ويعتبر إعلان أردوغان الأحدث في سياق تحركات طويلة لتثبيت سلطته ولانجاز دستوري على المقاس بعد أن استنفد كل الخيارات الاستبداد المتاحة له تحت غطاء قانوني من خلال حالة الطوارئ وقانون مكافحة الإرهاب.
ووافق الأتراك على تعديلات دستورية عام 2017 قادت البلاد للتحول من نظام برلماني إلى نظام رئاسي تنفيذي واسع الصلاحيات على الرغم من ردود الفعل العنيفة من جانب أحزاب المعارضة والمنتقدين.
وانتُخب أردوغان رئيسا بموجب النظام الجديد عام 2018 بسلطات تنفيذية واسعة وصفتها أحزاب المعارضة بأنها "نظام الرجل الواحد". ودافع حزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية عن النظام بالقول إنه ساهم في سلاسة العمل بأجهزة الدولة.
لكن منذ تغيير النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي، شهدت تركيا أعنف وأسوأ حملات القمع وانحرف بها من دولة القانون إلى دولة الاستبداد مدفوعة بطموحات سلطوية للرئيس الذي لم يدخر جهدا في تسميم علاقات بلاده الخارجية بدخوله في معارك جانبية مجانية مع حلفاء تركيا، ما أضعف مكانتها وجعلها في حالة صدام دائم.
وقال أردوغان بعد اجتماع للحكومة في أنقرة "ربما حان الوقت كي تبحث تركيا مرة أخرى وضع دستور جديد... إذا توصلنا إلى تفاهم مع شريكنا في الائتلاف قد نبدأ الجهود لصياغة دستور جديد في الفترة القادمة"، مشيرا إلى أن هذه الجهود ينبغي أن تكون شفافة وتطرح للجمهور.
وتابع "بغض النظر عن حجم التغيير، ليس من الممكن محو إشارات الانقلاب والوصاية التي غُرست في روح الدستور"، مضيفا أنه يشعر بالإحباط لأن مثل هذه المحاولات تعثرت في السابق بسبب "الموقف المتصلب" من جانب المعارضة الرئيسية.
واعتبر في كلمة عقب ترؤسه اجتماعا للحكومة في المجمع الرئاسي بأنقرة، أن الوقت ربما قد حان من أجل مناقشة دستور جديد لتركيا.
وتأتي تصريحات أردوغان بعد أسابيع من اقتراح لزعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي بإجراء تعديلات دستورية لحظر حزب الشعوب الديمقراطي الكردي لـ"نزعاته الانفصالية"، في خطوة ندد بها الحزب الكردي ووصفها بأنها محاولة لإسكات صوت ستة ملايين مواطن.
وبهجلي منتقد شرس منذ فترة طويلة لحزب الشعوب الديمقراطي وهو مثل أردوغان، يتهمه بأن له صلات بمسلحي حزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا منذ 36 عاما في جنوب شرق تركيا. وينفي الحزب ذلك.
وقال أردوغان "العمل على وضع دستور هو أمر لا يمكن القيام به تحت شبح جماعات على صلة بمنظمة إرهابية (حزب العمال الكردستاني) حيث يوجد أناس روابطهم العقلية والعاطفية بالدولة مقطوعة".
وقال أيضا إن الحكومة ستبدأ في اتخاذ الخطوات اللازمة في البرلمان بخصوص القضايا التشريعية وفي الرئاسة في ما يتعلق بالقضايا الإدارية، لافتا إلى قرب الإعلان عن الدراسة الشاملة لحزمة الإصلاحات التي تتضمن فلسفتها وأهدافها.
وشدد على أن الحكومة "تعمل ليلا نهارا من أجل خدمة الشعب وتعزيز ازدهاره واستقراره وأمنه وحماية مصالح تركيا الإقليمية والعالمية"، مبينا أنها تجري "استعدادات مكثفة في كافة المجالات من أجل إنشاء تركيا قوية للمستقبل".
وتابع "طبعا عندما نقول الإصلاح يعني التغيير والتحول ومرحلة ديناميكية ومهمتنا إعداد إصلاحات جديدة توافق الظروف المتغيرة للعالم ولتركيا وتلبي احتياجات وتطلعات شعبنا المتغيرة".
وأشار إلى أن تركيا بقت لسنوات (في السابق) بعيدة عن التغيرات السياسية والاقتصادية العالمية ودفعت ثمنا باهظا لاستسلامها للأمر الواقع، مؤكدا أن" أنقرة ستطبق مبادراتها الخاصة حيال التغيرات السياسية والاقتصادية العالمية وستصل إلى أهدافها.
وقال "وفي هذا الإطار، كنا قد بدأنا قبل فترة بالإعداد لحزم إصلاحات قانونية واقتصادية ومسودات هذه الإصلاحات المعدة ستأخذ شكلها النهائي بعد تقييمها مع حزب الحركة القومية شريك حزب العدالة والتنمية في تحالف الشعب".
وبيّن أن "مصدر مشاكل تركيا بالأساس نابع من الدساتير المعدة من قبل الانقلابين منذ عام 1960، لذلك كنا قد قدمنا سابقا مبادرة لصياغة دستور جديد، لكن لم نصل إلى نتيجة لرفض حزب الشعب الجمهوري (المعارض)، والآن قد حان الوقت مجددا من أجل نقاش دستور جديد لتركيا".