"الخارجية" ترسم ملامح السلام وتحذر من تقارب الضرورة..
تقرير: "المجلس الانتقالي" بقوة المنطق: "لا سلام دون الجنوب"
يحرص المجلس الانتقالي الجنوبي دائما على فرض مفهوم "قوة المنطق"، في مواجهة منطق القوى الذي تتعامل به حكومة الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي، تجاه الأزمة المفتعلة في الجنوب، جراء الحرب التي شنها تنظيم الإخوان الحاكم في قصر الرئاسة اليمنية بالعاصمة السعودية الرياض.
قضية الجنوب واضحة المعالم والاهداف والحلول، "دخلت عدن في وحدة هشة مع صنعاء، في الـ22 من مايو (أيار)1994م، لم تدم هذه الوحدة طويلاً، حتى تأزمت الأوضاع بين طرفي الوحدة، بداية باغتيال قادة الجنوب وشن الحرب على القوات الجنوبية التي كانت ترابط في صنعاء وذمار، وصولا إلى اصدار فتوى تكفير شهيرة اعتبرت الجنوبيين "خارجين عن الدين"، وهي الفتوى التي يقول جنوبيون انها حرضت على قتلهم منذ الحرب حتى اليوم.
ودائما ما يتعرض الجنوب لهجمات عسكرية، الأمر الذي يؤكد سياسيون انها هذه الحروب هي امتداد لحرب التكفير الشهيرة التي أطلق عليها تحالف نظام صنعاء بين علي عبدالله صالح والإخوان المسلمين "حرب الردة والانفصال".
خلال الأسبوعين الماضيين، شهدت مدن جنوبية بينها محافظات أبين وشبوة والمهرة المحتلة، تصعيدا جديدا من قبل تنظيم الإخوان، الأمر الذي دفع المجلس الانتقالي الجنوبي وعبر رئيس دائرة الشؤون الخارجية السيد محمد عبدالله الغيثي، إلى الخروج للتأكيد على تمسك المجلس بقوة المنطق لا منطق القوة التي تتعامل به جماعة الاخوان الممولة من أطراف إقليمية معادية.
وفي مؤتمر صحافي، أكد الغيثي على أن "المجلس الانتقالي الجنوبي لم يأتي كنتيجة لظروف طارئة، بل نتاج مراحل طويلة من نضال شعب الجنوب الساعي إلى نيل حريته واستقلاله وتحقيق تطلعاته المشروعة، وهو كيان حامل لقضية شعب الجنوب وقائد لنضاله، وفق إرادة الشعب، وتفويضه، والمجلس الانتقالي شريك أساسي وفاعل في مكافحة الإرهاب ومجابهة الحوثي، ومواجهة التهديدات الإقليمية المعادية للجنوب ودول المنطقة، ويعمل ضمن منظومة متكاملة، ويحرص المجلس دائماً على تلازم المشروعين الوطني الجنوبي والعربي، والمجلس مستمر وبكل قوة وإرادة صلبة في قيادة العمل الوطني الجنوبي حتى تحقيق آمال شعب الجنوب وتطلعاته وأهداف الوطنية".
ومضى الغيثي وهو سياسي ودبلوماسي شاب "منذ اليوم الأول لهذه المراحل، أكّد شعبنا بجميع شرائحه بأن الجنوب ليس دولة طارئة، وكنّا واضحين في حديثنا مع كل الفاعلين الدوليين في تحديد هدفنا الوطني المشروع المتمثّل في استعادة وطن وهوية وبناء دولة بمفاهيم جديدة تلبي حاجات شعبنا الجنوبي ومصالحه وتراعي مصالح دول الجوار، والدول الشقيقة والصديقة والعالم أجمع، ولا زلنا نؤكد ان تحقيق هذا الهدف الوطني يمثّل مصلحة للجميع سواء في اليمن الشقيق، أو المنطقة لأن التوجه بالأصل هو نحو مستقبل جديد ينهي أسباب وجذور الصراع والخلاف القائم".
على هذا الأساس، يقول الغيثي "دعينا منذ وقت مبكّر، إلى ضرورة إشراك الجنوب بشكل فاعل وحقيقي في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، وقدمنا شروحات كاملة لمبعوثي الأمين العام، السابق والأسبق، أكدنا فيها انه يمكن تحقيق عملية سياسية شاملة تضمن إحلال سلام دائم من خلال تفويض أممي واقعي، وإطار سياسي ملائم، يراعي واقع الأطراف على الأرض، والقضايا الوطنية التي مثّلت جذور حقيقية للصـراع، وفي طليعتها قضية شعب الجنوب، ولا زلنا نؤكد ذلك، واعتقد ان التجارب السابقة كفيلة بفهم المجتمع الدولي للحاجة الماسة إلى رعاية هكذا عملية ناجحة بالقدر الذي يرون فيه أن هناك ضرورة لوقف الحرب".
وأضاف "في هذا الصدد، نجدد ترحيبنا، ونؤكد دعمنا لجهود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة سعادة هانز جروندبيرج، ومبعوث الرئيس الأمريكي سعادة تيم لندركينج حيث نتطلع إلى العمل معهما بشكل مشترك وفعّال، مجددين تأكيدنا أهمية وجود المجلس الانتقالي كممثل لقضية شعب الجنوب في صياغة وتصميم إطار وشكل العملية السياسية قبل البدء بأي من مراحلها، علاوة على المشاركة في كافة التفاصيل والمراحل، مشددين بأن الحل لن يكون إلا عبر الطرق السلمية".
وأشار رئيس الشؤون الخارجية في المجلس الانتقالي الجنوبي إلى ان التحركات الانفرادية للطرف الآخر في ملف العملية السياسية الشاملة ما هي الا قفز على الواقع، وفيها تعطيل حقيقي لفرص الحل، ولن تفضـي إلى أية نتائج ملموسة، ولا نعتقد ان تكرار محاولة الوصول إلى اتفاقات والتزامات لا يستطيع الموقعون عليها تطبيقها على أرض الواقع فكرة جيّدة ومقبولة، وجدير بنا أن ندرك أن اتفاق الرياض قد نص في أحد بنوده على تشكيل وفد تفاوضي مشترك لخوض العملية السياسية، وأي محاولات خارج هذا السياق هي تكرار لعملية اقصاء الجنوب، والتي انتهت بفشل كل من تبنى أو شارك بهذه المحاولات طوال المراحل السابقة، وهذا ما لا نتمناه لأحد".
وقال "لا شك ان اتفاق الرياض قد مثّل فرصتين حقيقيتين، الأولى تمثّلت في توحيد الصف أمام تهديد ميليشيات الحوثي وإصلاح الخلل العسكري المُتعمّد في القوات المسلحة، وتمثّلت الثانية في تطبيع الحياة العامة، وتفعيل مؤسسات الدولة، وإصلاح الخلل السياسي والأمني في الحكومة ومعالجة الوضع الاقتصادي المنهار نتيجة الفشل والفساد والأجندة السياسية الخاصة، بالإضافة إلى وضع الاتفاق – من حيث المبدأ الأولي – لآلية مقبولة في هذه المرحلة لتمثيل الجنوب والشمال في وفد تفاوضي مشترك للعملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة".
وأكد السياسي والدبلوماسي الجنوبي "أن اتفاق الرياض راعى حقيقة أن الجنوب يجب أن يكون شـريكا أساسيا في اتخاذ القرار، وتحديد شكل ومستقبل الحل النهائي في الجنوب واليمن، ولقد كان لرعاية الأشقاء في المملكة ودعم الأشقاء في الامارات الفضل في تحقيق هذا الاتفاق، الا ان العراقيل القائمة التي حالت دون تنفيذ الكثير من بنود الاتفاق، وتسببت في غياب وتعطيل الكثير من مؤسسات الدولة والخدمات العامة، دون مراعاة للحالة الإنسانية والاقتصادية بالغة الخطورة، لا شك، سوف تستدعي موقفاً واضحاً للمجلس، وستبقى مسألة التفكير بأي خطوات قادمة مبنية على مدى تجاوب الأطراف المعرقلة وكفها عن ممارساتها".
وتابع "منذ التوقيع على الاتفاق قمنا في المجلس الانتقالي باتخاذ خطوات مهمة للوفاء بالإلتزامات الطموحة التي تم التعهد بها، وحافظنا على نهج بناء لحل الوضع الطارئ في الجنوب، ، ولقد قمنا بإبلاغ رئيس وأعضاء مجلس الأمن في فبراير 2020م من خلال رسالة رسمية، قلنا فيها أن عملية التنفيذ لا تسير بالشكل الذي تم الاتفاق عليه للأسف، حذرنا وقتها من التعطيل المتعمد الذي يمارسه الطرف الآخر، وأكدنا أننا حريصون على دعم بناء الثقة في عملية التنفيذ، وضرورة دعم المجتمع الدولي للدور المشكور الذي تقوده المملكة العربية السعودية الشقيقة".
وأكد "أن وصول حكومة المناصفة بين الجنوب والشمال إلى العاصمة عدن شكّل حالة من التفاؤل والأمل، رغم العملية الإرهابية التي استهدفت المطار، والتي نفذتها ميليشيات الحوثي في صورة من صور الجريمة المنظمة واستهداف الأعيان المدنية التي طالما مارستها هذه الجماعة لتثبت إن الإرهاب والتطرف نهج متأصل فيها فكراً وعملاً، والتي كانت محل استنكار وإدانة من قبل كافة الفاعلين الدوليين".
وقال الغيثي "لقد شددنا في اتصالاتنا مع الدول الشقيقة والصديقة ان بقاء العاصمة عدن والمناطق الحيوية في الجنوب دون منظومة دفاع جوي تضمن حمايتها من التهديدات الإرهابية سيسهم في عرقلة أي جهود لتطبيع الأوضاع واستقرارها، وسيحول دون نجاح جهود السلام والتهدئة، بل وفيه انتقاص بحق الشعب الجنوبي لما يمليه واجب الشـراكة مع دول التحالف العربي بدرجة أساسية، والدول التي تدعم مكافحة الإرهاب، ولا شك انكم جميعاً تتذكرون التصـريحات المتلفزة للرئيس القائد عيدروس الزبيدي حفظه الله ورعاه في مطلع يناير 2021م، عندما طالب التحالف العربي بتعزيز القوات المسلحة في عدن والجنوب بمنظومة دفاع جوي إذا ما أردنا ضمان إفشال أي استهداف للعاصمة عدن والمناطق والمرافق الحيوية، وللأسف، كانت الهجمات الإرهابية الأخيرة لميليشيات الحوثي على قاعدة العند الجوية إثبات واضح ومتكرر لحقيقة وأهمية ما سبق ذكره".
وقال "ان هذا الحال غير المقبول لا يمكن له ان يستمر، فغياب حكومة المناصفة وتنصلها من مهامها ومسؤولياتها يضاعف من تردي الوضع الإنساني والاقتصادي، وقد كررنا دعواتنا الصـريحة لعودتها إلى العاصمة عدن، علاوة على رسائلنا واتصالاتنا الأخيرة مع البعثات المعتمدة، والدول الأعضاء في مجلس الأمن، وكذا مبعوث الأمين العام، ومنسق الإغاثة لشؤون الطوارئ وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، والتي أبلغناهم من خلالها أن الوضع الاقتصادي يستدعي موقف وإجراءات جادّة لمعالجته، حيث تتضاعف الأزمة الإنسانية يوماً تلو الآخر".
ومضى قائلا "للأسف، لم يتوقف الأمر على ما سبق، بل تجاوز ذلك إلى ممارسات قمعية وانتهاكات إنسانية جسيمة، ترقى إلى جرائم حرب، في وادي حضـرموت، ومحافظة أبين، ومحافظة شبوة على وجه الخصوص، ورغم ذلك كله، حافظ المجلس على نهجه البناء الذي انطلق من حرصه على السلام والاستقرار، وعلى الشـراكة مع دول التحالف العربي.
شرحنا موقفنا لرئيس مجلس الأمن والدول الأعضاء في رسالة رسمية في منتصف يوليو 2021م، أشرنا فيها إلى أن الطرف الآخر لم يفِ بأي من التزاماته، وليس جاداً في عودة حكومة المناصفة إلى العاصمة عدن، وفي هذا الصدد نجدد دعوتنا إلى عودة حكومة المناصفة بين الجنوب والشمال إلى العاصمة عدن بشكل فوري، ونحمّل الطرف الآخر في اتفاق الرياض مسؤولية استمرار عرقلة ورفض عودتها، وما نتج عن ذلك من انهيار اقتصادي، وفشل في منظومة الخدمات العامة، وانقطاع للمرتبات، وانهيار للقطاع الصحي، ومنظومة التعليم، واستفحال الأزمة الإنسانية في الجنوب واليمن".
وقال "ان التقدم الحوثي في محافظات الشمال، يمثّل فشلاً عسكرياً خطيراً، جاء كنتيجة طبيعية للتوجيه الخاطئ للمعركة باتجاه الجنوب بدلاً عن التركيز على تحرير الشمال، استجابة لأجندات معادية تسعى لإفشال جهود التحالف العربي في تحرير الشمال، وتأمين المنطقة، وقد قادت هذه الاجندات المشبوهة إلى استخدام هؤلاء للأذرعة الإرهابية "تنظيمي داعش والقاعدة" حيث بات نشاطهما واضحاً في مناطق سيطرة قوات الطرف الآخر، وعلاوة على إيماننا العميق وثقتنا المطلقة بانتصار شعبنا الجنوبي على هذه المشاريع، نودّ الإشارة إلى ما يشكله بقاء هذا الوضع من تهديد بالغ الخطورة على مستقبل أمن المنطقة والإقليم، وخطوط الملاحة البحرية في مضيق باب المندب وخليج عدن".
وأكد الغيثي رفض المجلس الانتقالي الجنوبي لما يجري في محافظة شبوة ومحافظة المهرة من استهداف ممنهج لدول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة، ودورها في مواجهة الحوثي ومكافحة الإرهاب، مشددين على إن أي إجراءات خاطئة هناك، لن تسهم إلّا في تمكين ميليشيات الحوثي والجماعات الإرهابية والمتطرفة، وإفشال لجهود وفرص تنفيذ اتفاق الرياض، وسيجرنا ذلك جميعاً إلى مربع خطير، ونجد أنه من الضروري التذكير دائماً بأن الجنوب لا يخوض حربه الخاصة، بل وبجانب تطلعاته الوطنية، يخوض الحرب للدفاع عن مصالح مشتركة لدول الجوار والمجتمعين الإقليمي والدولي، ويواجه في سبيل ذلك قوى إرهابية تسعى إلى استغلال موقع الجنوب الاستراتيجي لتهديد الأمن والسلم الدوليين".
وقال "ان المجلس الانتقالي الجنوبي وهو يمد يد السلام، يؤكد رفضه لأي فكر أو تشكيل سياسي يمارس عمله باسم الدين، واسم الرب، أو يرتبط بمخططات توسعية معادية للجنوب وأمن وسلامة المنطقة ومستقبلها السياسي والاجتماعي، أو يرى في الجنوب تابع، ولا يعترف بقضيته العادلة وحق شعبه في تحديد مستقبله وتقرير مصيره".
ولفت الغيثي في أخر "قرار الرئيس القائد عيدروس الزبيدي حفظه الله ورعاه، تشكيل فريق حوار جنوبي خارجي، حرص المجلس الانتقالي الجنوبي على الوحدة الوطنية الجنوبية وحماية النسيج المجتمعي الجنوبي، ونيته تمكين كل شرائح وفئات المجتمع الجنوبي من المشاركة الفاعلة والحقيقية في رسم المستقبل السياسي للجنوب، وتحقيق العدالة والاستقرار والسلام، وطالما كان هذا هو نهج المجلس الانتقالي منذ البداية، حيث جاء ذلك في مضامين رؤيته السياسية عند تأسيسه، ومما يشجع الجميع على تنظيم وحدة الصف الجنوبي هو وجود مظلة سياسية جامعة تتمثل في المجلس كحالة سياسية متقدمة في تاريخ قضية شعب الجنوب".
وأشاد الغيثي في ختام الإحاطة الصحفية بدور وجهود المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في دعم جهود إرساء السلام، مؤكدا على دعم المجلس الانتقالي الجنوبي للتقارب الذي يجري بين دول المنطقة، متمنين ألا يكون هذا التقارب "تقارب الضـرورة"، بل نأمل أن ينعكس إيجاباً على أرض الواقع وبشكل ملموس، وفي صدارة ذلك التزام الأطراف المعنية بوقف تمويل ميليشيات الحوثي والجماعات الإرهابية والمتطرفة التي تستهدف الجنوب أرضاً وإنساناً.