الحرب الإيرانية الإسرائيلية..
"رضوخ كامل" أم تصعيد؟ ترامب يضع شروطًا لـ "نهاية حقيقية" للصراع الإيراني الإسرائيلي
الرئيس الأميركي ينفي أي اتصال مع إيران للسلام مؤكدا إذا أرادوا التحدث يعرفون كيف يتصلون به وعليهم قبول الاتفاق لإنقاذ الأرواح.

تلويح إيراني بالانسحاب النووي ورد إسرائيلي عنيف وتهديدات أمريكية
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الثلاثاء 17 يونيو 2025، عن رغبته في تحقيق "نهاية حقيقية" للصراع بين إسرائيل وإيران، رافضًا فكرة وقف إطلاق نار مؤقت، وذلك قبيل اجتماع هام في غرفة الأزمات بالبيت الأبيض لبحث التطورات. يأتي هذا التصريح في ظل تصعيد عسكري مكثف بين الطرفين، حيث نفذت إسرائيل غارات استهدفت بنى تحتية عسكرية ونووية إيرانية، بينما ردت إيران بإطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل.
وسط هذا التوتر، تلوح إيران بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT)، مما ينذر بتداعيات خطيرة على الأمن الإقليمي والدولي، بينما تستمر الجهود الدبلوماسية برعاية أمريكية لاحتواء الأزمة.
بدأت إسرائيل هجماتها يوم الجمعة 13 يونيو 2025، مستهدفة منشآت نووية في نطنز وأصفهان، ومصافي نفط، وقادة عسكريين بارزين في الحرس الثوري الإيراني، بما في ذلك حسين سلامي ومحمد وردت إيران بإطلاق حوالي 400 صاروخ باليستي وطائرات مسيرة على تل أبيب وحيفا، مما أسفر عن مقتل 24 مدنيًا إسرائيليًا و224 شخصًا في إيران، معظمهم مدنيون.
وتتهم إسرائيل والغرب إيران بالسعي لتطوير سلاح نووي، خاصة بعد تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، وهي نسبة قريبة من المستوى العسكري (90%). أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران لم تمتثل لالتزاماتها منذ 2019، مما دفعها لإصدار أول توبيخ رسمي منذ عقدين.
ويصر ترامب على منع إيران من امتلاك سلاح نووي، مهددًا برد عسكري إذا فشلت المفاوضات. وقد حدد مهلة 60 يومًا لإيران للتوصل إلى اتفاق، انتهت دون نتيجة، مما عزز الدعم الأمريكي لإسرائيل.
وأكد ترامب أنه لا يسعى لوقف إطلاق نار مؤقت، بل لـ"نهاية حقيقية" تتضمن "رضوخًا كاملاً" من إيران، دون تحديد ما إذا كان يقصد تفكيك برنامجها النووي أو تغييرًا في سلوكها الإقليمي. وهدد برد قوي إذا تعرضت المصالح الأمريكية للخطر.
رغم التصعيد، أوعز ترامب لفريقه، بقيادة المبعوث ستيف ويتكوف، بمحاولة عقد لقاء عاجل مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لمناقشة اتفاق نووي جديد. ومع ذلك، ألغت إيران محادثات كانت مقررة في مسقط يوم الأحد 15 يونيو.
دعا ترامب سكان طهران للإخلاء الفوري عبر منصة "تروث سوشال"، مشيرًا إلى أن إيران كان يجب أن توقّع على الاتفاق المقترح لتجنب "خسائر بشرية". وأكد أن الولايات المتحدة لن تشارك مباشرة في الهجمات على إيران، لكنها تدعم إسرائيل بقوة.
وأعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي أن البرلمان يدرس الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، معتبرًا أن الضربات الإسرائيلية تهدد أمنها القومي. وأكد الرئيس مسعود بزشكيان أن إيران لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية، مستندًا إلى فتوى المرشد علي خامنئي.
وأكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التزام إسرائيل بتدمير القدرات النووية والصاروخية الإيرانية، مشيرًا إلى أن الهجمات الأخيرة ألحقت أضرارًا كبيرة بمنشآت إيران. وهدد وزير الدفاع إسرائيل كاتس بأن خامنئي قد يواجه مصيرًا مشابهًا لصدام حسين.
ودعت قادة الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع إلى خفض التصعيد والعودة إلى المفاوضات، معربين عن قلقهم من الهجمات على المنشآت النووية. وأدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش التصعيد العسكري.
وطالبت السعودية وقطر وعمان ترامب بالضغط على إسرائيل لوقف الهجمات، معربة عن مخاوف من تأثير الصراع على استقرار المنطقة وإمدادات النفط.
وأعلن الجيش الإسرائيلي عن استهداف عشرات المواقع العسكرية غرب إيران، بما في ذلك منصات صواريخ ومخازن طائرات مسيرة، مع سيطرة جزئية على الأجواء الإيرانية.
أفادت إيران بتفعيل دفاعاتها الجوية في طهران ونطنز، مع تقارير عن أضرار في مصفاة نفط بجنوب طهران.
وارتفعت أسعار النفط بأكثر من 2% يوم الثلاثاء بعد تحذير ترامب، مع مخاوف من استهداف منشآت النفط الإيرانية، بما في ذلك حقل بارس الجنوبي المشترك مع قطر.
تصاعدت المخاوف من اضطرابات في مضيق هرمز، الذي يمر عبره خُمس استهلاك النفط العالمي.
إلغاء المحادثات النووية في مسقط يعكس انهيار الثقة بين إيران والولايات المتحدة، مع إصرار إيران على حقها في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية.
ويرى المحللون أن تلويح إيران بالانسحاب من المعاهدة قد يؤدي إلى عزلة دولية مشابهة لكوريا الشمالية، مع تداعيات اقتصادية وسياسية وخيمة.
ويتبنى ترامب نهج "الضغط الأقصى"، مستخدمًا التهديدات العسكرية والدعم الإسرائيلي كوسيلة لدفع إيران إلى طاولة المفاوضات. لكن إلغاء المحادثات وتصريحاته الحادة قد تقلل من فرص التوصل إلى اتفاق.
وتسعى إيران لاستخدام برنامجها النووي كورقة ردع نفسي، لكن انسحابها من المعاهدة قد يبرر ضربات إسرائيلية أو أمريكية إضافية، مما يعرضها لخطر عزلة دولية.
استمرار تبادل الضربات ينذر بحرب إقليمية، مع احتمال استهداف قواعد أمريكية في الخليج أو إغلاق مضيق هرمز، مما سيؤثر على إمدادات الطاقة العالمية.
تستغل إسرائيل ضعف إيران العسكري بعد تدمير دفاعاتها الجوية في أكتوبر 2024، لكنها تحتاج إلى دعم أمريكي لضرب منشآت نووية مدفونة مثل فوردو.
يُظهر تصعيد الصراع بين إسرائيل وإيران، إلى جانب تهديد إيران بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، هشاشة التوازن الإقليمي. يسعى ترامب لفرض حل دبلوماسي يضمن نزع القدرات النووية الإيرانية، لكنه يواجه تحديات بسبب انعدام الثقة واستمرار العمليات العسكرية. إيران، من جانبها، تستخدم برنامجها النووي كأداة ضغط، لكنها تعرض نفسها لخطر العزلة والتصعيد العسكري. مع ارتفاع أسعار النفط وتهديد استقرار المنطقة، يظل المجتمع الدولي أمام ضرورة ملحة لإعادة إحياء الدبلوماسية لتجنب حرب شاملة.