الحرب الإسرائيلية الإيرانية.. الدبلوماسية في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية

تظهر الحرب الجارية نظاماً يواجه تحديات دبلوماسية وسياسية واقتصادية متشابكة، حيث الضربات الإسرائيلية والمواقف الدولية المتذبذبة، خاصة من أوروبا، تزيدان من حالة الرعب داخل القيادة من فقدان السيطرة أو الانهيار الشامل

الحرب الإيرانية الإسرائيلية - أرشيف

طهران

تتصاعد الحرب الجارية بين إيران وإسرائيل إلى مستويات جديدة من التوتر، مما يضع النظام الإيراني في مواجهة تحديات سياسية ودبلوماسية واقتصادية غير مسبوقة تثير حالة رعب عميقة داخل القيادة من المستقبل المجهول الذي قد ينتج عن هذا الصراع.

 النظام يحاول إخفاء هذا القلق خلف خطابات رسمية تؤكد على القدرة على الصمود والنصر العسكري، مدعومة بجهود دبلوماسية تهدف إلى كسر العزلة الدولية، لكن الضربات المتكررة التي تشنها إسرائيل، مدعومة بمواقف متذبذبة من الغرب ومجلس الأمن، تكشف عن تناقض واضح بين الشعارات المعلنة والواقع الميداني المأزوم. هذا التقرير يهدف إلى استعراض دور الدبلوماسية كأداة دفاع رئيسية في مواجهة التحديات السياسية الناتجة عن الصراع، إلى جانب الضغوط الاقتصادية المتصاعدة، مع تحليل الرعب الذي ينتاب القادة من احتمالية فقدان السيطرة أو الانهيار الشامل، مستنداً إلى تحليلات الصحف اليومية الإيرانية التي تعكس الوضع الراهن.

الصحافة الإيرانية سلطت الضوء على محاولات النظام الدبلوماسية لمواجهة الضغوط المتزايدة جراء الضربات الإسرائيلية، حيث تناولت صحيفة "ابتكار" في مقالة تحت عنوان "ميدان الدبلوماسية في الدفاع عن إيران"، بتفصيل واسع محاولات النظام الإيراني استغلال القنوات الدبلوماسية لمواجهة الضغوط المتزايدة الناتجة عن الضربات الإسرائيلية، مشيرة إلى أن التركيز الحالي ينصب على إقامة تحالفات إقليمية وفتح حوارات مع دول محايدة لتخفيف العزلة الدولية. 

وأوضحت الصحيفة أن القادة يعانون من حالة رعب شديدة من فشل هذه الجهود، حيث قد يؤدي ذلك إلى تصعيد عسكري أكبر من إسرائيل، مما يدفع النظام إلى اعتماد مواقف متشددة في المفاوضات للحفاظ على هيبته الداخلية. الكاتب أبرز تناقضاً بين الحاجة الملحة للسلام كخيار دبلوماسي والضغط الداخلي للتصعيد العسكري كدليل على القوة، مما يجعل التوازن بين الاثنين تحدياً كبيراً.

من جهتها ركزت "ستارة صباح" في مقالة تحت عنوان  "اتفاق محدود لتجنب الخسائر"، على جهود دولية محدودة للتهدئة، مشيرة إلى أن بعض الدول الأوروبية بدأت في مناقشة اتفاقيات جزئية لتقليل الخسائر البشرية والمادية، لكن هذه الجهود تواجه معارضة من إسرائيل وداعميها. 

وأكدت أن النظام يعيش في حالة رعب من التوسع الجغرافي للحرب، مما يدفعه إلى التفكير في قبول تسويات قد تعرض سيادته للنقد الداخلي، خاصة من المتشددين الذين يرون أن أي تنازل يمثل ضعفاً. التحليل يشير إلى تناقض بين الرغبة في وقف النزاع للحفاظ على الاقتصاد والالتزام بالمقاومة كجزء من الهوية الوطنية.

وفي مقالة تحت عنوان "أوروبا وإيران وجثة النظام القائم على القواعد"، تناولت حصيفة "هم ميهن" بتفصيل مواقف الاتحاد الأوروبي المترددة تجاه الصراع، مشيرة إلى أن النظام يخشى من تخلي أوروبا عن دورها كوسيط محايد، مما قد يزيد من عزلته الدبلوماسية. 

وأشارت "هم ميهن" إلى أن الضغط الاقتصادي الناتج عن الحرب، إلى جانب الضربات العسكرية، يجعل القادة في حالة رعب من فقدان الدعم الدولي، مما يدفعهم إلى البحث عن بدائل إقليمية قد لا تكون كافية. الكاتب أبرز تناقضاً بين الاعتماد التاريخي على أوروبا كشريك محتمل والتوترات الحالية التي تعيق أي تقدم دبلوماسي.

وركزت صحيفة شرق في مقالها "تنگه هرمز: أداة استراتيجية"، على أهمية تنگه هرمز كورقة تفاوضية رئيسية في يد إيران، مشيرة إلى أن النظام قد يستخدمها كأداة ضغط لإجبار الغرب على التفاوض أو تخفيف العقوبات. الصحيفة أوضحت أن الخوف من ردود فعل عسكرية أو اقتصادية دولية، مثل حصار بحري أو عقوبات إضافية، يحد من هذا الخيار، مما يضع النظام في مأزق استراتيجي. التحليل يشير إلى تناقض بين القوة النظرية لتنگه هرمز كأداة ضغط والضعف الفعلي الناتج عن الاعتماد على الدخل النفطي المتدهور.

وشددت صحيفة "اعتماد" في مقالة "أهمية تجديد المفاوضات"، على ضرورة إحياء المفاوضات كخيار للخروج من الأزمة، مشيرة إلى أن النظام يرى في ذلك فرصة لاستعادة التوازن الدبلوماسي. 

وأكدت أن الرعب من استمرار الحرب وتأثيراتها الاقتصادية يدفع القادة إلى التفكير في هذا الخيار، لكن الشروط الصعبة المفروضة من الغرب تزيد من التوتر الداخلي، مما يُبرز تناقضاً بين الحاجة للسلام والضغط للحفاظ على الموقف الوطني.

وتظهر الحرب الجارية نظاماً يواجه تحديات دبلوماسية وسياسية واقتصادية متشابكة، حيث الضربات الإسرائيلية والمواقف الدولية المتذبذبة، خاصة من أوروبا، تزيدان من حالة الرعب داخل القيادة من فقدان السيطرة أو الانهيار الشامل. التناقض بين الشعارات التي تتحدث عن النصر الدبلوماسي والواقع الذي يكشف عن ضعف في المواقف الدولية وتدهور الاقتصاد يُبرز أزمة وجودية معقدة. 

وتبرز الدبلوماسية كخيار رئيسي لتخفيف الضغط، لكن نجاحها يتطلب تنازلات قد تعرض النظام لانتقادات داخلية من المتشددين، بينما الفشل قد يدفع نحو تصعيد عسكري قد يفاقم الأزمة الاقتصادية، خاصة مع الاعتماد المتزايد على أدوات مثل تنگه هرمز التي تحمل مخاطر كبيرة. على المستوى الإقليمي، يبقى موقف الغرب حاسماً، حيث دعم أوروبا لإسرائيل أو تحييدها قد يحدد ما إذا كانت الحرب ستتسع جغرافياً أم ستظل محصورة، بينما الجانب الاقتصادي يشكل العامل الأكثر تأثيراً، حيث التدهور الحالي قد يدفع إلى كارثة إذا طال الصراع. 

وفي الوقت نفسه، الضغط الداخلي الناتج عن الحركات الشعبية قد يدعم النظام قصير الأمد، لكنه قد يتحول إلى تهديد إذا لم يتم التعامل معه بحكمة. النجاح في إدارة هذه الأزمة يتطلب استراتيجية متوازنة تجمع بين الدبلوماسية النشطة والاستجابة الاقتصادية، وأي خطأ في الحسابات قد يؤدي إلى نتائج غير متوقعة، سواء كانت انتصاراً دبلوماسياً مؤقتاً أو انهياراً شاملاً يهدد بتغيير الوضع السياسي في إيران والمنطقة.