"الإخوان" حلفاء هادي في خدمة الخليفة اردوغان..

تقرير: "علي محسن الأحمر ومحمد آل الجابر".. من يخدم أجندة الأخر؟

صانع القاعدة وقائد الحروب اليمنية ضد الجنوب يلوح بحرب رابعة وادي حضرموت

نصر محسن
كاتب صحافي متعاون مع صحيفة اليوم الثامن

على وقع الانتكاسات المتتالية في الجوف ومأرب، واقتراب الحوثيين من المعقل الرئيس للتنظيم اليمني الممول قطريا وتركيا وسعوديا أيضاً، زار نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر، الزعيم العسكري والقبلي، وادي حضرموت، حيث تربض قواته التي حيدتها الرياض من غارات عاصفة الحزم.

في سيئون، ألتقى الأحمر بذراعه العسكرية أبوعوجا المحرك الرئيس للتنظيمات المتطرفة التي نفذت خلال نحو عامين أكثر من 300 عملية اغتيال طالت مدنيين وعسكريين وأمنيين جنوبيين.

مصادر وثيقة، قالت لـ(اليوم الثامن) "إن زيارة الأحمر إلى وادي حضرموت، لم يكن الهدف منها ارسال رسائل تطمين للسعودية، بعد انتشار شعارات الحوثيين في المدينة، ولكن جاءت بعد اعلان محافظ حضرموت فرج البحسني عن توجه لتنفيذ عمليات عسكرية ضد تنظيم القاعدة المفترض في وادي حضرموت، وهو الأمر الذي اثار حفيظة يحيى أبوعوجا، رئيس اركان المنطقة العسكرية الأولى.

وقال مصدر عسكري مقرب من قائد المنطقة العسكرية الأولى اللواء الركن صالح محمد طيمس "إن البحسني اجرى اتصالات وتنسيقات مع اللواء طيمس، بهدف تنفيذ عمليات عسكرية في وادي حضرموت من قبل قوات النخبة، الأمر الذي اثار قوبل بالموافقة من قائد المنطقة، الا ان الأركان رفض ذلك، وتوعد بسحق قوات النخبة ان فكر البحسني في الدخول إلى الوادي".. مشيرا إلى أن طيمس لم يعلق على تهديدات ابوعوجا، الذي توعد بنشر كل دبابات ألوية المنطقة العسكرية الأولى في عقبة عبدالله غريب وتوجيه مدافعها باتجاه قوات النخبة".

مصادر سياسية ألمحت إلى ان القيادة السعودية والسفير آل الجابر، طلبت من محافظ حضرموت التريث وعدم الاقدام على أي خطوة قد تحدث انقساما فيما وصفه بصف الشرعية اليمنية المواجه للانقلابين الحوثيين.

وذكرت المصادر "أن السعودية قدمت دعما ماليا للأحمر عقب زيارته للوادي، وقد استغل هذا التمويل في شراء ذمم ضباط في قوات النخبة الحضرمية، تمهيدا للانقلاب على قائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء فرج البحسني، الذي اعتبر الأحمر تحركه صوب المنطقة الأولى تعديا صارخا".

وبحسب المصادر فأن محافظ حضرموت الذي حاول خلال الأشهر الماضية التماهي مع الحكومة اليمنية وتجنب الاصطدام معها على الرغم من فشل جهود الرئيس هادي بأقناع هاشم الأحمر بتسليم ميناء الوديعة البري لمحافظة حضرموت، وأصر على ان تذهب ايراداته لبنك مأرب غير الخاضع لبنك عدن المركزي.

يحظى الأحمر بدعم سعودي كبير، فالرياض تعتبره الحليف الأبرز لها، بفضل ذلك قلت من حكم وصلاحية الرئيس هادي المعترف به دوليا كرئيس مؤقت، لكن الأحمر الذي أصبح يتصدق على ضباط السعودية بأموالها المقدمة كدعم لوجستي لمحاربة الحوثيين، الا ان الأحمر ذهب به في تنفيذ اجندة أخرى، لا تخدم الرياض في كل الأحوال، وربما تخدم اجندة أطراف اقليمية معادية لقائدة التحالف العربي.

يقدم السفير السعودي نائب الرئيس اليمني، كالرجل الموثوق به في تحقيق انتصارات سياسية وعسكرية ضد الحوثيين، خاصة وان محمد آل الجابر يصف نفسه بانه المنقذ لعلي محسن الأحمر الذي سلمت قواته صنعاء للحوثيين في سبتمبر من العام 2014م.

لكن لا انجاز يذكر للأحمر حتى اليوم تحقق، بل على العكس تماما، فالسلاح الذي قدمته الرياض لمأرب، سلمته قوات نائب هادي للحوثيين، فحتى الإخوان الذي يقدمون أنفسهم كحلفاء للرئيس الشرعي هادي، أصبح بعد احداث الشهرين الماضيين، أنهم يخدمون ما يصفونه بالخليفة اردوغان، الرئيس التركي الباحث عن نفوذ واسع في اليمن المضطرب، خاصة بعد ان أصبحت انقرة تقف في الضفة الأخرى من البحر، وتسعى لبناء قاعدة عسكرية في جزيرة سقطرى.

يدين الإخوان بالولاء لتركيا، على الرغم من انهم يرفعون شعار الولاء والطاعة للتحالف العربي، وهو ما أكدت عليه احداث المهرة التي وقعت مؤخرا، وكشفت عن مدى تحكم تركيا وحليفتها قطر، في الحكومة اليمنية المقيمة في الرياض "المنفى الاختياري".

خلال الأعوام الثلاثة، صور السفير محمد آل الجابر، لبلاده السعودية بأنه اصبح المتحكم الرئيس في محافظة المهرة، لكن حين أتيح ضوء أخضر أمريكي للسعودية للتحرك لمنع تهريب الأسلحة للحوثيين من ميناء شحن البري، خاصة بعد ان ضبطت واشنطن سفينة أسلحة إيرانية في طريقها للحوثيين، إلا ان الرياض فشلت بفعل تعرض قواتها لهجمات مسلحة انتهت بفشل القوات السعودية في تأمين ميناء شحن البري المصدر الرئيس لتهريب الأسلحة وقطع الصواريخ والطائرات المسيرة للحوثيين، وهو ما أكد عليه تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة الذي أكد على ان المهرة وسيئون ومأرب تعد مصادر تمويل للمليشيات الحوثية بالأسلحة وهي مناطق تعد المعقل الرئيس لإخوان اليمن.

في معركة المهرة، أصبح من الواضح ان هاكان فيدان رئيس جهاز الاستخبارات التركية، حقق انتصارا سياسيا وعسكريا ودبلوماسيا على السفير السعودي محمد آل الجابر.

نجحت انقرة في ترجيح كفة التحالف القطري الإيراني التركي، الفضل لحالة تخبط السفير السعودي محمد آل الجابر، فتركيا التي كان إخوان السعودي يقدمونها كحليف أصبحت الآن تتزعم التحالف المناهض والمعادي للتحالف العربي.

عندما أطلق التحالف العربي بقيادة السعودية، عملية عاصفة الحزم في اليمن في مارس 2015، تعهَّدت تركيا، وَفقًا لمؤسسة الإذاعة والتليفزيون التركية “تي آر تي”، بتزويد السعوديين بالدعم الاستخباراتي واللوجستي في اليمن؛ إذ تعتبر القدرات الاستخباراتية التركية في اليمن إحدى المزايا التي اكتسبتها أنقرة استنادًا إلى مصالحها الجيوستراتيجية في البحر الأحمر وباب المندب، إلى جانب الروابط التاريخية المتأصلة التي تربط الأتراك واليمنيين منذ العهد العثماني.

وعلى الرغم من المساعدة التركية المُقترحة؛ فإنه لم يكن هناك ما يكفي من التقارب بين الرياض وأنقرة للمضي قُدمًا. وبدلًا من ذلك، قدَّمت الولايات المتحدة الدعم اللوجستي والاستخباراتي للتحالف العربي، بينما مضت تركيا في تعزيز قدراتها الاستخباراتية خلال السنوات اللاحقة؛ لدعم الميليشيات المتحالفة معها في اليمن.

يقول موقع كيو بوست إن التوغُّل الاستخباراتي التركي المتزايد في اليمن وغيره من بلدان الشرق الأوسط، كسوريا وليبيا، يتطلب نموًّا مضطردًا في الموارد والأصول، وهو ما لم تفوِّته تركيا لتحقيق أهدافها في ظل تنافس محموم في المنطقة؛ حيث ارتفعت أصول جهاز الاستخبارات الوطنية التركية بنسبة 248% في عام 2017 مقارنةً بعام 2016، كما ارتفعت الميزانية من 410 ملايين ليرة تركية في عام 2010 إلى مليارَي ليرة (نحو 310 ملايين دولار أمريكي) في عام 2017. وحتى مع تلك الزيادة، كان جهاز الاستخبارات يستهلك كثيرًا من المال حتى تعدَّى الإنفاقُ ميزانيةَ 2017 بنسبة 13%؛ مما اضطر الحكومة إلى رفع ميزانية 2018 إلى 2.34 مليار ليرة، وهو ما يعادل أكثر من 362 مليون دولار أمريكي، وذلك وفقًا للتقرير السنوي لجهاز الاستخبارات الوطنية التركية (MİT).

وعن أسباب تخطِّي الميزانية في 2017م، قال هاكان فيدان، رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية التركية: “سبب تجاوز الميزانية هو ضرورة رفع جودة المعدات والموظفين إلى أعلى مستوى”. ويقول أيضًا: “في هذا الظرف، عندما تواجه بلادنا تحديات شديدة، فإن منظومتنا ملزمة ليس فقط بالقضاء على التهديدات؛ ولكن أيضًا بالعمل في اتجاه زيادة الكفاءة والسيطرة في المجالات ذات الاهتمام”.

وفي مطلع العام الجاري، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: “إن جهاز المخابرات الوطني التركي سيزيد تدريجيًّا من قدرته على القيام بعمليات استخبارية سرّية حول العالم”.

 وأضاف أردوغان، خلال خطاب ألقاه بمناسبة افتتاح مقر جديد للمخابرات "سنقوم في المستقبل القريب بتقليص الواجبات الداخلية للمخابرات التركية؛ من أجل توسيع قدرتها على القيام بعمليات استخبارية سرية حول العالم".

يستخدم الرئيس التركي جهاز المخابرات الوطنية كعصا لدعم نظامه الإسلامي القومي الجديد من خلال التجسس وتنفيذ العمليات ضد منتقدي تركيا وخصومها في الداخل والخارج. من جانب آخر، يُستخدم جهاز المخابرات في دعم مناصري تركيا وحلفائها؛ كحزب الإصلاح في اليمن. ويمكن لذلك الدعم أن يأخذ أشكالًا متعددة؛ بدايةً من الدعم المالي، ومرورًا بتوفير الملاذ الآمن والتدريب، ووصولًا إلى تهريب الأسلحة؛ ففي عام 2011 -مثلًا- اتهم سياسيون يمنيون أنقرة بتهريب كميات كبيرة من السلاح إلى جماعة الإخوان المسلمين في اليمن (حزب الإصلاح)، وفي مارس 2018 قالت الشرطة الإماراتية إنها صادرت 16 ألف بندقية تركية الصنع متجهة إلى اليمن، وفي أواخر العام ذاته وصلت شحنة من الأسلحة إلى اليمن كانت مخبَّأة داخل حاويات شحن، وقد أبحرت السفينة المُحمَّلة من ميناء تركي. وفي عام 2013م قالت الشرطة العُمانية إنها ضبطت أكثر من 30 ألف مسدس على متن ناقلة في ميناء صحار العماني. وعلى الرغم من أن وكالة الأنباء العُمانية لم تذكر المزيد من التفاصيل؛ فإن صحيفة “جلف نيوز” قالت: “إن السفينة جاءت من تركيا، وكانت متجهة إلى اليمن”.

ليس إرسال السلاح إلى حلفاء وأذرع تركيا في اليمن هو ما يثير المخاوف من مخاطر تزايد التدخلات التركية فحسب؛ بل وصل الأمر إلى إرسال تركيا على مدى السنوات الماضية ضباطًا أتراكًا بشكل سري إلى اليمن؛ لمساعدة حزب الإصلاح ضد خصومه، حسب ما تناقلته وسائل إعلام وتقارير. وغالبًا ما يكون إرسال الضباط والعملاء الأتراك تحت الغطاء الإنساني ضمن موظفي الهلال الأحمر التركي، وهم ينشطون مع قادة عسكريين يتبعون حزب الإصلاح في كلٍّ من محافظات مأرب وتعز وشبوة وأجزاء من أبين تحت حماية أمنية مشددة.

ويبدو أن إرسال تركيا ضباطها وموظفي استخباراتها وحتى أسلحتها إلى اليمن تحت الغطاء الإنساني هو من الممارسات الشائعة لجهاز الاستخبارات التركي في المنطقة؛ ففي يناير من عام 2014م أوقفت شرطة بلدة كيريخان التركية شاحنة تحمل شُحنة وُصفت بأنها (إغاثة)؛ وذلك بناءً على معلومات بأن الشاحنة كانت تحمل الأسلحة ومتجهة إلى سوريا. وبعد توقيف السيارة تبيَّن للشرطة وجود أفراد من جهاز الاستخبارات الوطنية التركية؛ وبالتالي لم تتمكن الشرطة ولا المدعي العام من تفتيش السيارة أو التحقيق مع أفراد جهاز الاستخبارات أو توقيفهم؛ بسبب الأحكام القانونية التركية الخاصة بجهاز الاستخبارات، والتي تنص على عدم تفتيش أو التحقيق مع أعضاء الاستخبارات إلا بإذن من رئيس الوزراء. وقد دفع ذلك الحادث بكثير من المراقبين في الشأن التركي إلى إعادة التفكير مليًّا في الدور الذي تلعبه منظمات الإغاثة التركية وجهاز الاستخبارات لتحقيق أجندة تركيا المشبوهة.

يعتبر اليمن ثاني أكثر دولة مدججة بالسلاح في العالم بعد الولايات المتحدة، وما تم الكشف عنه من شحنات أسلحة تركية مهربة إلى اليمن ليس سوى قمة الجليد في سوق تجارة أسلحة مزدهرة تهدد السلام والأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة؛ حيث تصل تلك الأسلحة إلى جماعات مُسلحة خاضعة لسيطرة أفراد مُدرجين في قائمة حظر الأسلحة، وكذلك الجماعات الإرهابية والمتطرفة؛ مثل تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية وميليشيات الإخوان المسلمين، والذين  يستخدمون تلك الأسلحة في نهاية المطاف في عمليات قتل واغتيالات وتفجيرات تحت إشراف مباشر وغير مباشر من أجهزة المخابرات والضباط الأتراك والإيرانيين وغيرهما من المُفسدين في حرب اليمن.

يبدو واضحا ان خديعة الدعم التركي استخباراتيا للتحالف العربي قد أحدث اختراقا، فأنقرة تبدو تحقق مكاسب خاصة في ظل سيطرة الإخوان على شبوة وموانئ بحرية، وتهديد الإخوان بالانقلاب على اتفاق الرياض واجتياح الجنوب مجددا، وهو الأمر الذي قد يحقق انتصارا لإيران أكثر من الحوثيين.

وطهران وانقرة والدوحة، كل هذا التحالف يهمه السيطرة على باب المندب، وهو ما يبدو متاحا في ظل تحشيد قوات ضخمة في تعز لاجتياح الجنوب مجددا، وهو يدفع للتساؤل بشكل أكثر من يخدم أجندة التحالف المعادي للتحالف العربي، وأين القيادة السعودية من كل هذا التصعيد، وهل بالإمكان ان يسأل السفير السعودية او القيادة العسكرية المشترك، عن الانتصارات التي حققتها قوات الأحمر ضد الحوثيين الموالين لإيران.