«اليوم الثامن» ترصد المخاوف والتطورات..
السعودية: التطبيع مع إسرائيل خيار مُخيف لواشنطن والرياض حليف جديد لطهران والدوحة
تخشى الولايات المتحدة من أن يؤدي التطبيع السعودي مع إسرائيل إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، خاصةً مع استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل
يشهد الشرق الأوسط تحولات جيوسياسية هائلة، تثير قلق العديد من الدول الفاعلة في المنطقة، وعلى رأسها الولايات المتحدة والسعودية، في ظل استمرار التصعيد في البحر الأحمر وفشل جهود السلام الأممية والإقليمية في حلحلة الأزمة اليمنية، فالرياض رغم مخاوفها تخشى من فشل الاتفاق مع ايران، فيما الولايات المتحدة ترى أن مسألة التطبيع المحتمل بين السعودية وإسرائيل قد تكون له تداعيات إقليمية ودولية عميقة.
مخاوف واشنطن
تخشى الولايات المتحدة من أن يؤدي التطبيع السعودي مع إسرائيل إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، خاصةً مع استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل.
وقد يُفقد التطبيع الولايات المتحدة نفوذها كوسيط رئيسي في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويعزز من دور قوى إقليمية أخرى مثل إيران وتركيا.
ومن المحتمل ان يُعمق التطبيع الانقسامات داخل العالم العربي، خاصةً بين الدول الداعمة للقضية الفلسطينية والدول المُطبعة مع إسرائيل.
تقارب الرياض مع طهران والدوحة
تسعى السعودية إلى تعزيز علاقاتها مع إيران وقطر، مدفوعة بمصالح اقتصادية وسياسية مشتركة، مثل مواجهة النفوذ الإسرائيلي المتزايد في المنطقة، وتحقيق الأمن والاستقرار في الخليج العربي.
وتهدف هذه الخطوة إلى تخفيف حدة التوترات في المنطقة، خاصةً مع إيران، وتجنب الصراعات الإقليمية المُكلفة.
وتسعى السعودية من خلال هذه التحركات إلى تعزيز استقلاليتها السياسية، وتقليل اعتمادها على الولايات المتحدة.
وتُساهم هذه التطورات في إعادة رسم خرائط الشرق الأوسط، وتغيير موازين القوى في المنطقة، وقد تُشعل هذه التحركات صراعات جديدة، خاصةً مع استمرار عدم حل القضية الفلسطينية، وهو ما قد تُؤدي هذه التطورات إلى تشكيل نظام إقليمي جديد، يختلف عن النظام الحالي المُهيمن عليه من قبل الولايات المتحدة.
إنّ مسألة التطبيع المحتمل بين السعودية وإسرائيل، وتقارب الرياض مع طهران والدوحة، تُثير مخاوف وتساؤلات كبيرة حول مستقبل المنطقة. وتبقى التطورات القادمة حاسمة في تحديد مسار الأحداث وتأثيرها على مختلف الدول الفاعلة في الشرق الأوسط.
ترب الولايات المتحدة والسعودية من توقيع اتفاق أمني يتضمن ضمانات أمنية أميركية ومساعدة في المجال النووي للمملكة للأغراض المدنية في إطار صفقة محتملة أكبر تشمل تطبيعا للعلاقات مع إسرائيل، لكنها قد تؤدي بالنهاية إلى "تشويه" العلاقات بين واشنطن والرياض وتتحول السعودية لمصر ثانية، وفقا لتحليل نشرته مجلة "فورن بوليسي"، الأربعاء.
وقالت المجلة إن المسؤولين في واشنطن والرياض استبعاد إسرائيل من الصفقة حتى لا يكون لذلك أي تأثيرات سلبية على العلاقات الثنائية بين البلدين كما هو حاصل مع مصر.
يرى كاتب المقال أنه في حال كان التزام الولايات المتحدة تجاه السعودية مشروطا بالتطبيع مع إسرائيل، فمن المرجح أن تفرض العلاقات الإسرائيلية السعودية نفسها على العلاقة الثنائية بين واشنطن والرياض.
وتطرح المجلة أمثلة على ما جرى مع مصر خلال السنوات الماضية، حيث تشير إلى أنه وطوال عهد الرئيس السابق حسني مبارك، وبشكل خاص خلال السنوات الأخيرة من حكمه، كان تسبب "المنطق الثلاثي" للعلاقات بين الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل في تأثير سلبي ومدمر للنظام المصري.
وقالت «إن التوصل لاتفاق "تاريخي" من شأنه أن يوفر للمملكة ضمانات أمنية ويحدد مسارا محتملا لعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وفقا لما نقلت وكالة بلومبرغ عن أشخاص مطلعين على الموضوع»، واتهم معارضو نظام الرئيس الاسبق مبارك واشنطن بتحويل مصر لقوة من الدرجة الثانية في المنطقة بسبب إسرائيل، مما يعني أن القاهرة لم تتمكن من عمل أي شيء عندما غزت إسرائيل لبنان مرتين واستوطنت الضفة الغربية، وضمت القدس.
ويبيت أن القيام بخلاف ذلك كان من شأنه أن يعرض العلاقات مع إسرائيل للخطر، وهو ما من شأنه أن يؤدي بدوره إلى تقويض العلاقات مع الولايات المتحدة.
ونتيجة لذلك، وبدلا من تحدي إسرائيل بشكل مباشر، تُركت مصر للاحتجاج على الاستفزازات الإسرائيلية في الأمم المتحدة والمحافل الدولية الأخرى، وهو "سلاح الضعفاء" بحسب الكاتب.
كذلك تعرضت القاهرة للانتقادات عندما جرى اكتشاف أنفاق للتهريب من مصر إلى قطاع غزة لأول مرة في عام 2007، حيث استغلت إسرائيل ومؤيدوها الأمر وأشركوا واشنطن فيه، مما تسبب بغضب لدى المسؤولين المصريين الذين كانوا يفضلون التعامل معه كمسألة ثنائية، خوفا من تعرض المساعدة العسكرية التي تقدمها واشنطن القاهرة للخطر.
بالتالي ترى أن إشراك إسرائيل في الجهود الرامية إلى تأمين اتفاق أمني مع السعودية لن يؤدي سوى لمزيد من التعقيد للعلاقات الثنائية المعقدة بالفعل مع واشنطن.
ليس بالضرورة أن تكون المشاكل المستقبلية بين إسرائيل والسعودية أمنية كتلك التي حصلت مع مصر على أن البلدين لا يمتلكان حدودا برية.
لكنها على الأغلب ستكون سياسية، حيث يشار إلى أن النهج السعودي مع خصوم إسرائيل في المنطقة، وعلى رأسهم إيران، قد يثير غضب الإسرائيليين.
ومثل المصريين، يعتمد السعوديون على المساعدات الأمنية الأميركية، وفي حال كان هناك عدم رضا من إسرائيل على السياسة الخارجية للديوان الملكي السعودي، فإن احتمال حدوث مشاكل في العلاقات الأميركية السعودية سيكون أمرا حقيقيا، بحسب كاتب المقال.
بالتالي تنصح فورين بوليسي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بإبرام اتفاقية دفاع مع السعودية بشكل منفصل عن مسار التطبيع مع إسرائيل.
وتسعى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إبرام اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل، استكمالا لمسار بدأ في عهد سلفه دونالد ترامب، وأثمر اعتبارا من العام 2020، توقيع اتفاقات بين الدولة العبرية ودول عربية عدة هي الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.وتأثرت المباحثات بشأن الاتفاق السعودي الإسرائيلي باندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة في السابع من أكتوبر، إثر هجوم شنّته الحركة على جنوب إسرائيل وأدى إلى مقتل نحو 1170 شخصا غالبيتهم من المدنيين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس استنادا لأرقام رسمية إسرائيلية.
وانتقدت السعودية بشدة الحرب الانتقامية التي شنتها إسرائيل في قطاع غزة، وأسفرت عن مقتل أكثر من 34 ألف شخص معظمهم من النساء والأطفال، وفقا للسلطات الصحية التابعة لحماس.
وأكد مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، أن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، لن توقع اتفاقية دفاع مع السعودية إذا لم توافق المملكة وإسرائيل على تطبيع العلاقات، مشددا على أنه "لا يمكنك فصل قطعة عن الأخرى".
وكان مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان أكد، السبت، أن واشنطن لن توقع اتفاقية دفاع مع السعودية إذا لم توافق المملكة وإسرائيل على تطبيع العلاقات، مشددا على أنه "لا يمكنك فصل قطعة عن الأخرى".
وفي مقابلة مع صحيفة "فاينانشال تايمز" نفى سوليفان الاقتراحات الأخيرة القائلة إنه يتم النظر في اتفاق ثنائي بين إدارة بايدن والمملكة إذا رفضت إسرائيل تقديم تنازلات للفلسطينيين
الحوطة