الشيخ المفلحي والاستقالة المدوّيــة
ربما منعُ محافظ عدن المستقيل للتو, الشيخ عبدالعزيز المفلحي مِـن دخول منبى المحافظة من قبل المقاومة الجنوبية يكون واحدا من أسباب عدم تمكن الرجل من ممارسة مهامه, ولكن يظل هذا سبب هامشيا جدا,لا يمكن أن يُــعتدُ بهِ ليكون واحدا من الاسباب التي أعاقت عمله واضطرته للاستقالة- مع تحفظنا عن ذلك المنع وإبداء ملاحظاتنا حوله بعدة كتابات في حينها- وفقا لعدة اعتبارات - نقصد الاعتبارات التي لا يكون معها المنع سببا حقيقيا لفشل الرجل وعدم تمكنه من ممارسة عمله, أولاً:
أن ممارسة عمل أي مسئول محلي بعدن من داخل مقر ادارته ليس شرطا للنجاح ولا مبررا للفشل في ظل ظروف استثنائية كهذه, فقد مارسَ المحافظ السابق نائف البكري مهامه في ظل ظروف حرب غاية بالصعوبة ونجح في ذلك وهو لم يخطو خطوة باتجاه مقر عمله.. بل من الطريف بالأمر انه حين دخل المبنى ومارس علمه من أروقته ودهاليزه شابَ عمله جدلا واسعا, واكتفنه شكوك وتوجسات جُــلها حزبية ومالية, أودتْ به في النهاية الى الإقالة والإبعاد. ثم أن القائم بمهام المحافظ اليوم الأخ أحمد سالمين يمارس مهامه بصورة طبيعية من خارج المبنى, وقيل أنه اليوم بداخل مقر المحافظ ذاته .ثم أن الحكومة اليمنية والدولة ورئاستها بكلها تمارس عملها من خارج مقراته بعدن من عواصم العالم والاقليم, ومع ذلك تزعم لنفسها تحقيق الانجازات العملاقة العابرة للقارات.
على كل حال ما رود في استقالة الشيخ المفلحي التي تقدم بها مساء الخميس قد وضعت حداً لتأويلات عدم عودته الى عدن, ووضعت نهاية للتكهنات التي عصفت بالساحة بالأشهر الماضية وكشفت الاسباب التي اضطرته مغادرة المدينة وبقائه خارجها يردد بين الحين البيانات التي تشير الى أن المعرقل لعمله يتنقل بين الرياض ومعاشيق ذهابا وإيابا, وحالت دون عدوته الى مبنى المحافظة ولا حتى الى مقر الحكومة بمنطقة معاشيق.,فيكفي ان نتوقف عند هذه الفقرة من بيان الاستقالة لتنجلي بعدها أمامنا الصورة بأوضح ملامحها ونعرف كيف ظل الرجل يبتلع بمرارة حقارة الفساد وصلفه يقول: (( لشديد الأسف وجدت نفسي في حرب ضارية مع معسكر كبير للفساد كتائبه مدربة وحصونه محمية بحراسة يقودها رئيس الحكومة الدكتور أحمد عبيد بن ... كما يمكن القول إن عراقيل الحكومة أعاقت كافة الجهود الحثيثة والمحاولات المتواصلة بدعم الأشقاء في التحالف العربي..)) أنتهى.
وللتذكر أيضا, فهذه ليست المرة الأولى التي يسوق بها الرجل الادلة ضد هذه الحكومة فقد اتهمها مرارا بالأسابيع والأشهر الماضية بتصريف بمليارات الريالات من ميزانية محافظته الى مسارب فساد مقنّــعة.
ومما تقدم تجبرنا ذاكرتنا الى تنشيطها بقوة ونعود بها الى فترة الأشهر الماضية حين سمعنا من المحافظ السابق اللواء عيدروس الزبيدي ذات الكلام وذات المفردات الدامغة لفساد الحكومة التي يرددها اليوم المفلحي بمرارة بوجوه هذه الحكومة وبجوه السلطة ككل, ونربط كلام الرجلين ببعضه ببعض لتكتمل ملامح الصورة جيدا.وبالذات كلامه أي" الزبيدي" في المؤتمر الصحفي الأخير له بتاريخ 23إبريل من العام الجاري بعدن حيث قال فيه حرفياً: ( هناك أطراف في الحكومة الشرعية تحاول تعطيل سير عملية البناء والنهوض في مختلف المؤسسات بعدن ..) .أنتهى.
أوردنا ما سلف من أدلة وحقائق وهي مجرد نتفٌ بسيط من كومة كبيرة ,برغم أننا أمام حكومة بل قل أمام سلطة بكل مفاصلها ومكوناتها لا تحتاج الى دليل ولا حتى الى قرينة واحدة يثبت فسادها ويكشف خبايا فوضويتها وصفاقة أفعالها, ولكن زيادة للتأكيد أوردنا ما تقدم بهذه العجالة ونافلة في القول ليس إلا, لمَــن ما زال يكابر وينكر ويدافع عن هذا القبح لحاجة في نفسه الفاسدة بعدم اعترافه بحقيقة أصبحت كشمس ساطعة بكبد النهار, حقيقة اسمها سلطة فسادة ولصوص مكشّــرة عن أنيابها أتت على كل ما بـــ"الطم والرم" من ثروات الوطن... سلطة هي أصلا امتدادا لعمر ثلاثة عقود من الفساد والنهب واللصوصية, وتوشك اليوم وهي بأرذل العمر أن تمتص التفاحة الخليجية وتبتلعها ابتلاعا.
فمَــن لم يرد بعد كل هذه الادلة وكل هذه الحقائق أن يفهم مَــن الذي يفسد بأرضنا هذه, ومن الذي يصادر مستقبل أجيالنا ومَــن الذي يسوق العوام من البسطاء والجياع الى حالق الضياع, وهـوّة التشظي والعوز السحيقة, فهو إما فاسدٌ تليد, أو مكابر عنيد, ولم يعد القول ولا الدلائل تجدي معه نفعا.