صلاح السقلدي يكتب:
الاتفاق السعودي الإيراني.. إغلاق ملف الحرب باليمن هو المحك لإنجاحه
الاتفاق السعودي الايراني الذي تم مؤخرا بوساطة عراقية عُمانية وباشراف الراعي الكبير” الصين” بالتوقيع النهائي في بكين لم يقتصر فقط على عودة العلاقات الدبلوماسية بل ذهبَ الى أبعد من ذلك حين تحدثت بعض بنوده عن إعادة التعاون الأمني بينهما فضلا عن الاقتصادي … فأحد بنود الاتفاق تحدث عن عزم البلدين على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما، الموقعة في ١٧ إبريل ٢٠٠١م….).وكذا إحياء الاتفاقيات الاقتصادية التي جُمدتْ خلال سنوات القطيعة. بل أن ثمة نية بالذهاب بالعلاقات الى ما هو أبعد من تفعيل الاتفاقيات السابقة.. فهذا وزير المالية السعودية محمد الجدعان تحدث الأربعاء عن أن بلاده عاقدة العزم على ضخ أموال ضخمة لاستثمارها في إيران. فإيران بحسب الجدعان دولة جارة وستظل كذلك لمئات السنين مُضيفا ألّا شيء يعيق هذا التوجه الاقتصادي لبلاده بعد التوقيع على استئناف العلاقات بين البلدين. مردفا : نحن ملتزمون بمبادئ الاتفاقية مع إيران فالقيادة أوضحت بأن تكون المنطقة مستقرة وقادرة على توفير احتياجات الشعوب وللاستثمار والازدهار. وتابع الوزير : (إيران دولة مجاورة لنا.. وستبقى لمئات الأعوام القادمة ولا أرى أية معوقات لتطبيع العلاقات معها خاصة في مجال الاستثمارات والتنمية الاقتصادية.. نحن وإيران بحاجة إلى الاستقرار).أنتهى.
فالسعودية التي باتت على قناعة تامة باستحالة تحقيق الحسم العسكري على حركة محترفة متمرسة بمختلف صنوف القتال كحركة الحوثيين” أنصار الله” تعرف أي السعودية ألّا مجال لوقف هذه الحرب والمضي صوب طاولة التسوية السياسية والاستقرار الشامل باليمن وبالمنطق برمتها إلا بدعم ومشاركة إيران لما لهذه الأخيرة من قوة تأثير على مجمل الملفات واللاعبيين الفاعلين بالمنطقة وباليمن تحديدا ولما تملكه طهران من علاقة وثيقة مع الحركة الحوثية.. فضلاً عن أن المملكة وبسند وتشجيع صيني روسي بدأت تتلمس طريقها للإفلات من قبضة الابتزاز والهيمنة الأمريكية وطي صفحة عصر الفزاعة الإيرانية بل والذهاب إلى أبعد من هذا من خلال الشروع بإعادة العلاقات بين البلدين( السعودية وإيران ) الى أفضل من سابق عهدها وتجاوز ذلك الى التنسيق الأمني وهو الأمر الذي سيعني لواشنطن ولللغرب دليلا سعوديا آخرا على جدية وجراءة المملكة على التمرد على السطوة الامريكية بعد سلسلة من الخطوات التي اتخذتها الرياض بهذا الشأن ليس اولها قرار رفضها الاذعان للضغوط الامريكية بزيادة انتاج النفط بمعية روسيا ضمن قرار قرار أوبك بلس ولن تكون آخرها إعادة علاقاتها مع إيران فالقطار السعودي المتحرر من كوابح الإذلال والغطرسة الأمريكية قد انطلق بقوة..
الرياض تلقفت الأحداث الاخيرة قي أوكرانيا ورأت بملامح تشكل عالم متعدد الاقطاب فرصة ذهبية للخروج من ظلمة كابوس الضغوطات والاستعمارية المتخفية باسم الحماية العسكرية وأكذوبة الخطر الإيراني المزعوم والعزف عن وتر الطائفية المقرف.. فالمصالح السعودية و التحرر من هذه الهيمنة لن يتأتي للمملكة إلّا بترميم علاقاتها مع محيطها الجغرافي اولاً فهذه هي الحقيقة التي أدركتها السعودية مؤخرا- او بالأحرى ظلت تؤجلها الى هكذا وقت مناسب قد أطلت بشائره.
ومع ذلك سيمثل هدف وقف الحرب باليمن بكل تعقيدات وتبعات هذه الحرب بشقيها: “الأزمة اليمنية والقضية الجنوبية” و التي ستدخل( الحرب) بعد أسبوع عامها التاسع هو المحك والبوابة الواسعة التي من خلالها ستدلف هذه العلاقة نحو المستقبل والولوج صوب عهد جديد من الاستقرار والتعايش السياسي والفكري وإحداث تنمية وتشابك مصالح اقتصادية واستثمارية وتنسيق أمني ومكافحة آفة التطرف والإرهاب ونحو ذلك من المصالح المشتركة.