أيها الجنوبيون.. استعدوا لحرب ثالثة
بينما كنت اطالع مذكرات سفيرنا السابق الدكتور محمد العبادي، والتي استعرضت شريطاً متكرراً لدي، فقد سبق لي أن أطلعت على أحداث الماضي المأساوية في الجنوب وصولاً إلى الوحدة المشؤومة، (من اناس عايشوها)، وامام كل منعطف وحدث دموي يتأكد لي أن الجنوبيين لم يكونوا إلا مجرد أدوات وأن الفاعل الرئيس في كل تلك المآسي الدموية هم أخوتنا (الشماليون)، نعم إخوتنا لأننا توحدنا معهم من أجل كذبة كبرى هي الوحدة العربية.
وأمام تلك المذكرات، تذكرت يوماً كنت فيه في حلقة نقاشية رعاها مركز عدن للبحوث الاستراتيجية والإحصاء، واستفزني حديث أحد (الإخوة) الشماليين، الذي رغم مكوثه الطويل في عدن، حتى أنه أصبح عدنياً (كما يقول)، إلا أنه تحدث عن أن عدن تعد إرثاً لمواطنين قدموا من شمال اليمن وهم يشكلون الأغلبية الساحقة.
قلت "إنه من المفترض أن يتم إشراك الجنوبيين (من أصول شمالية)، في مشروع التصالح والتسامح الجنوبي، لأنهم شركاء إن لم يكونوا هم السبب في تلك الحروب التي شهدتها عدن.
وكعادته، تهرب من التعليق، بالحديث عن التركيبة الاجتماعية لعدن وبأنها خليط من كل اليمن.. مع أن عيناه كانتا تقذفان شرراً ناحيتي، قبل أن يتدخل المحامي والقيادي الجنوبي يحيى غالب الشعيبي لتهدئة الرجل الغاضب (جداً) لأني قلت أدخلوهم في التصالح والتسامح.
تذكرت هذا الموقف، بعد موقف آخر ليس بعيداً، بل تحديداً يوم السبت الـ25 من نوفمبر الجاري، حينما كانت الأستاذة القديرة فاطمة مريسي رئيس اتحاد نساء اليمن في عدن، تتحدث عن الانتهاكات التي طالت النساء في اليمن مؤخراً جراء الحرب (من مختلف الأطراف) هكذا قالت، في المؤتمر الصحفي الذي عقده "ائتلاف أصوات النساء".
قلت للأستاذة مريسي "إن الانتهاكات ضد النساء لها جذور إن أردنا تشخيص المشكلة من الأساس، وتحديداً منذ حرب 94م، ثم تعاقبت إلى قبل الحرب الأخيرة، حيث قتل وجرح العديد من النساء برصاص الأمن في عدن، (فيروز وعافية)، ناهيك عن جرائم القتل الوحشية التي طالت النساء في الحرب وقصف النازحين، وهلم جراً.
لم أتلق أي إجابة من مريسي، بل ذهبت للحديث عن مواضيع أخرى في محاولة للهرب من الإجابة.
بعد ذلك شعرت بغصة في حلقي وأنا أتساءل"هل معقول كل تلك الجرائم، لا تحرك فيهم ساكناً؟".. محزن حالنا الذي يتكرر في حين أننا لم نعِ الدرس جيداً بعد، لا زلنا نكرر احداث الماضي بكل تفاصيلها.
وأمام كل تلك الأحداث المتلاحقة وعلى وقع الألم والحصار الذي تفرضه حكومته على الجنوب، وفي ظل صمت الرئيس هادي (غير المبرر) يتوعد رئيس الحكومة اليمنية (بضاعة عفاش) بقتال الجنوبيين وتمزيق أجسادهم إن هم فكروا في تمزيق اليمن.. هكذا قال ومن العاصمة الجنوبية عدن الذي احتضنته.
تهكم من علم الجنوب، وأسعد بضعة (مرتزقة)، منهم وزير الإعلام اليمني معمر (الإيراني) أو الإرياني، والمدعو نجيب غلاب وآخرون.
كان من المفترض أن يتحدث عن الميزانية المالية لليمن، لكن لأنه قد سرق كل أموال الشعب وأرسلها صوب صنعاء، فماذا سيقول للناس؟.. لكي لا يسأله أحد أين (الفلوس)، ذهب لتهديد الجنوبيين.. يا للوقاحة.
مئات الآلاف بين قتيل وجريح ولا يزال الدم يسفك إلى اللحظة ومع ذلك وكل هذه الجرائم وهم يتحدثون عن وحدة يمنية بعد ان مزقوا اجساد الجنوبيين بجحافل الشمال ومليشيات الإرهاب الإيرانية والقطرية.
هل يعقل أن يقبل الجنوبيون بحاكم يمني يحكمهم من صنعاء.. ثم عن أي وحدة تتحدثون وأنتم تتوعدون بقتلنا.. بربكم ماذا ارتكب شعب الجنوب لكي تتوعدوا بإبادته؟.
في حرب 1994م، شن الشماليون حرباً دموية ودمروا ونهبوا كل شيء، ثم كرروا ذلك في العام 2015، وقبل ذلك سجل طويل من الجرائم الدموية التي كان المتسبب فيها (يمنيين شماليين) بشهادة الكثيرين وآخرهم السفير محمد العبادي.
وامام هذا الواقع وهذه المشاهد المتكررة، ما على الجنوبيين إلا الاستعداد لحرب ثالثة، مع أنهم لا يزالون يخوضون الحرب الثانية ولا تزال أحداثها تدور في أرض الجنوب إلى الساعة.
الوحدة اليمنية ليست في قاموسهم (ورب الكعبة)، كل الذي يهم هو أن تبقى هيمنتهم على الثروات والموارد، وإلا ما حاولوا تهريب شحنة الأموال الأخيرة بعيداً عن أعين التحالف العربي.