أبين المفترى عليها!!!

بطريقة فجة ومكتظة بالقبح الذي لا يمكن ترقيته إلى مستوى اللؤم الذكي، تكرر بعض الأوساط الإعلامية  المعادية للمشروع الوطني الجنوبي نغمتها الممجوجة بأن ما يجرى في الجنوب هو صراع بين أبين والضالع، وقد قرأت بأسف شديد شيئا من هذا الكلام لكتاب وصحفيين كنت أنظر إليهم ذات يوم باحترام شديد ككتاب محترفين بغض النظر عن مسافة الاختلاف أو الاتفاق معهم.
ماذا يريد هؤلاء أن يقولوا؟
إنهم يحاولون تقزيم المشروع الوطني الجنوبي الذي تعالى صوته الصادح بالحق منذ اليوم التالي لسقوط الجنوب بأيدي تحالف الشر في 7/7/1994م، والمتمثل في حقه بتقرير المصير واختياره الحر لطريق المستقبل المستقل بعيدا عن وصاية الغزاة وتحكم تجار الحروب والممنوعات وسماسرة السياسة المتدثرين بالشعارات الوطنية التي يخفون وراءها أهدافاً لا صلة لها بالوطن ولا بالمواطن.


إذا كانت الضالع وحدها هي من يتبنى المشروع الوطني الجنوبي فهذا شرفٌ لها تستحق عليه التكريم والثناء، لكنها لا تدعي لنفسها وحدها هذا الشرف، ويعلم أبناء الضالع ومعهم كل الجنوبيين، أن هذا الشرف يشاركهم فيه السواد الأعظم من سكان الجنوب من أقصى المهرة شرقا إلى باب المندب وميون وحنيش غربا بما في ذلك أبين الأبية وغيرها من المناطق التي يحاول الغزاة اقتلاعها من جذورها الوطنية الجنوبية.


لكن الجريمة الكبيرة ليست هنا، بل إنها تكمن في ما يرتكب في حق أبين من تحقير وافتراء وتحجيم لنضالات أبنائها منذ منتصف الخمسينات من القرن الماضي، بل ومنذ ما قبل، عندما انتفض أبناء أحور والمحفد والفضلي ويافع والعواذل وحسنة والمياسر وغيرهم في وجه الاستعمار البريطاني مقدمين الغالي والنفيس على طريق الحربة والاستقلال، . . . أبين التي خرجت بكل جماهيرها عشرات إن لم يكن مئات المرات في فعاليات جماهيرية علم بها القاصي والداني مطالبةً بنفس المطالب التي يطرحها كل الجنوبيين في كل مكان والمتمثلة في استعادة الدولة الجنوبية وبناء النظام الجنوبي الاتحادي الجديد بعيدا عن الوصاية والتبعية لأحد.
إن تصوير أبين على إنها ليست من الجنوب أو إنها ضد الحرية والدولة العادلة وأنها مع التبعية والارتهان للغزاة يمثل جريمة معنوية وأخلاقية في حق آلاف الشهداء الأبينيين الذين قدموا أرواحهم ودماءهم على محراب الحرية والكرامة وهو إهانة معنوية وجنائية في حق أبين وأهل أبين الذين لم يكونوا أقل حضورا وطنياً ولا أقل فاعلية سياسية من زملائهم من أبناء المحافظات الجنوبية الأخرى.


إن تصوير أبين على إنها تغرد خارج سرب الحرية والكرامة لمجرد أن فيها عدداً قد لا يتجاوز أصابع اليدين من المنخرطين في لعبة الفساد والسلب والنهب والعبث السياسي والمعنوي لا يختلف كثيراً عن الادعاء بأن محافظة واحدة وحدها هي من يتبنى مشروع الحرية والكرامة رغم وجود فاسدين وباعة سياسيين ومنخرطين في دعم مشروع 7/7 من أبنائها حتى ولو كانت الضالع بتاريخها المشرف وتضحياتها الباسلة في مواجهة الغزوين الأول والثاني وحصولها على مرتبة الشرف في سحق الغزاة بعيدا عن استجداء الدعم والاستثمار في الحروب الذي يمارسه البعض منذ ما يزيد عشرات السنين، وبكلمات أخرى إنه مثلما يوجد الفاسدون والعابثون وتجار السياسة في أبين يوجد في نفس المحافظة أضعاف أضعافهم من الشرفاء الأباة الذين برهنوا اننتمائهم للحق والعدل والحرية، ومثلما يوجد آلاف مؤلفة من الشرفاء والمناضلين من أبناء الضالع وغيرها من المحافظات يوجد في تلك المحافظات عدد ضئيل من السماسرة وتجار المواقف، لكن البلاهة التي تربى عليها البعض ويعتقدها نوعاً من الذكاء السياسي جعلتهم يلجأون إلى هذه المنهاج البليد لتحقيق غأكثر من غرض أحمقٍ في شكله خسيسٍ في غايتهِ
الغرض الأول: تقزيم المشروع الوطني الجنوبي وتصويره على إنه نزاع مناطقي مقيت مما تجاوزه الجنوبيون منذ عقدٍ ونيف من الزمن عن طريق مبدأ التصالح والتسامح.


الغرض الثاني: استدعاء فتنة المناطقية المقيتة التي تجاوزها الجنوبيون من خلال الانخراط في معترك الثورة والحرية واختلاط الدماء بالدماء وتعانق أرواح الشهداء في رحاب الرحمن جل في علاه.


الغرض الثالث: ويتمثل في محاولة البرهان ان هناك محافظة بكاملها تقف ضد حلم الجنوب والجنوبيين في تقرير مصيرهم والاختيار الحر لمستقبلهم المستقل، وأن هذه المحافظة ترهن مستقبلها لدى الغزاة لمجرد ان من بين ابنائها عدداً ضئيلاً من المنخرطين في لعبة الفساد ومشاركة الغزاة بناء المصالح المشبوهة على حساب مستقبل الوطن والمواطن الجنوبيين.


إنه الافتراء على أبين التي لم يقدم لها الفاسدون من أبنائها شيئا يستحق أن يذكر وما تزال تعاني أكثر مما تعاني بقية المحافظات الأخرى من الظلم والتهميش والحرمان، . . .ومع ذلك ينبري من يتجرأ على القول أن أبين تحمي اللصوص وتدافع عن الفاسدين وتقف في موقف الدفاع عن الغزاة والعابثين من أنصار وعتاولة  الغزو والفساد والنهب وهي منهم براء.