د. عيدروس النقيب يكتب:
الذين يسيؤون إلى السعودية
تصاعدت في الآونة الأخيرة حالة من الهذيان السياسي بين مجموعة من ناشطي التواصل الاجتماعي ممن يدعون انهم سعوديون والذين يوجهون خطابهم بشكل اساسي ضد الشعب الجنوبي والقضية الجنوبية.
المشكلة ليست هنا ففي ظل الفيضان الإعلامي الذي يغرق المتابعين في سيول من التزييفات واشباه الحقائق وتحت الأسماء المنتحلة لم يعد بعيدا أن ترى ما لا عين رأت وأن تسمع ما لا أذن سمعت من التفاهات والهبوط اللفظي والاخلاقي.
المشكلة ان البعض يتحدث باسم المملكة العربية السعودية الشقيقة وسلطاتها الرسمية التي تتعاطى
بمسؤولية وتروٍ وإدراك لحساسية موقفها من القضية الجنوبية، ودراسة كاملة لمن وقف في خندقها حينما تاجر المتنفذون بمواقفهم معها، ومن الذي قدم قوافل الشهداء في سبيل نصرة عاصفة الحزم، ومن الذي اثرى وكسب المليارات من وراء الحرب ولم يحرر قرية واحدة، ومن حرر الأرض في مائة يوم دون أن يتنازل عن شبر واحد من الأرض التي حررها ومن سلم الحوثيين محافظات بكاملها في أيام وساعات .
الذين يتهجمون على الجنوب والقضية الجنوبية باسم السعودية لا يسيؤون للجنوبيين وقضيتهم العادلة لكنهم يسيؤون إلى المملكة الشقيقة نفسها ومواقفها المشهودة الرافضة للتوسع الإيراني على حساب الأرض العربية، وتهديد بلاد الحرمين ذاتها من خلال مشروعها التوسعي الطائفي المقيت.
يعتقد بعض المراهقين السياسيين المتدربين على كتابات فيسبوك أن الاتفاق الذي يشاع الحديث عنه مع الحوثيين يمنحهم الحق في التهجم على من أذاق أنصار إيران في اليمن اسرع الهزائم في أقصر الآجال، لكن ليعلم هؤلاء أن الجنوبيين يوم إن قرروا تحرير أرضهم كان رهانهم الأول على عزيمة شعبهم وعلى عدالة قضيتهم، وكان الرهان على الدعم العربي الأخوي مربوطا بما بين الخندقين الجنوبي والعربي من وشائج القربى وتماثل المصالح.
ويقيني أن الأشقاء في قيادة المملكة يدركون بعمق أن الرهان على العلاقة الاخوية مع شعب الجنوب وقيادته هي مصلحة مشتركة بين الطرفين، وأن عبث صبية الفيس بوك وتويتر لن يصيب الجنوبيين بشر بقدر ما يلحق الضرر البالغ باهداف ومصالح المملكة ومشروعها المستقبلي الذي نراه ويراه كثيرون نواةً لمشروع عربي شامل حينما تتبلور ملامحه وتتضح أبعاده.
أما الذين يتحدثون عن اطماع ومصالح سعودية في اليمن وفي الجنوب، فعليهم أن يعلموا أن السعودية نفسها تعلم أن زمن الأطماع قد ولى، وأن السعودية كانت دائما هي من يدفع الثمن الأفدح لمن اوهموها بأنهم سيخدمونها بإخلاص لكنهم تخلوا عنها حينما ظهر اول صبي حوثي على أبواب صنعاء.
لكن المصالح المشتركة بين الجنوب والمملكة يمكن الحديث عنها في إطار العلاقة الندية بين الطرفين بعيدا عن ثنائيات الاكبر والاصغر أو الأقوى والأضعف أو الأغنى والافقر.
وعموما فإن هذه المصالح تقتضي عدم الانجرار وراء المزعبقين والعابثين من صبية فيس بوك وتويتر وتجذير المشتركات والنأي عن السطحيات ، فالصغار وحدهم هم من يلهثون وراء الصغائر.