د. عيدروس النقيب يكتب:

عملاء الإمارات...!

ما تزال تهمة " العمالة للإمارات"، (والمقصود طبعا دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، لأن ليس لدينا إمارات أخرى تستحق أن يكون لها "عملاء" في اليمن)، أقول ما تزال هي التهمة هي الأكثر تداولاً ورواجاً هذه الأيام في بازار الإعلام المعادي للجنوب ولدولة الإمارات معاً، ومن ثم لكل دول التحالف العربي وبالنتيجة لشرعية الرئيس هادي، سواءٌ من هذا البازار ما هو مؤيد للشرعية أو ضدها، وهذا البازار يسيطر عليه أناس وجماعات أيديولوجية وحزبية لديها من العقد والتعقيدات ملفات متضخمة مع دولة الإمارات الشقيقة ومع الجنوب والجنوبيين، ما يجعلها تعض اليد التي حمتها ورفعت من سمعتها وحفظت لها ماء وجهها، عندما هزمت المشروع الانقلابي حينما كان قادة هذه الحملة يولون هاربين متخفيين أو يفكرون بالسفر إلى طهران لتسوية وضعهم معها.
ومعروفٌ عن هذه الجماعات ومراكزها الإعلامية، أنها لا تعترف بالآخر إلَّا في حالتين: أن يكون (هذا الآخر) من نفس الأيديولوجية حتى ولو ارتكب الموبقات والجنايات في حقها وحق شعبها وجماهيرها، أو أن تكون لديها مصالح دنيوية مع الطرف المطلوب الاعتراف به وعندئذٍ تكون على أهبة الاستعداد لتقبيل يديه وقدميه عند اللزوم، وبقية القصة وتفاصيلها معروفة ولا تستدعي مزيداً من الشرح والإيضاح.
ما جعلني أسهب في هذه المقدمة هو ما تسوقه الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والورقية والإلكترونية هذه الأيام ومنذ انتصار الجنوب على الاكتساح الحوثي ـ العفاشي في العام 2015م ، من ترهات وخزعبلات لا تنطلي حتى على المبتدئين في التعامل مع لوحة المفاتيح ومشاهدة التلفاز، بدءً باتهام دولة الإمارات بأنها تقف وراء تعطيل مينا ومطار عدن ومخاصمة شرعية الرئيس هادي وانتهاءً بالقول بسرقة شجرة دم الأخوين من سقطرى ونقلها إلى أبو ظبي، وادعاء تشكيل مليشات "عميلة للإمارات" في الجنوب، والتأمر على انتصار تعز ومنع تحريرها . . . .إلى أخر تلك الفذلكات التي يسخر منها حتى الأطفال.
منذ يومين تداولت المواقع الإلكترونية الصحفية والصحف الورقية والمحطات التلفيزيونية الفضائية والأرضية أخباراً ذات أهمية خاصة تتعلق بسحق مواقع استراتيجية كانت تسيطر عليها الجماعات الإرهابية (القاعدة وداعش) في وادي عمد والمناطق المجاورة له بوادي حضرموت، ومديرية رضوم بشبوة. . . الخبر ليس جديداً، لكن الجديد هو أن من أشرف على هذه العملية وخطط لها وقادها ونفذها هو قوات "النخبة الحضرمية والنخبة الشبوانية" التي يقولون أن أفرادها وقادتها "عملاء لدولة الإمارات".
لن أعلق على الاتهامات التي يقول بها الكثيرون من المتخصصين المحترمين والمتصفين بالرصانة والموضوعية والحيادية والتي يتهمون فيها "المعسكرات الموالية للشرعية"، وقياداتها المقيمة في عاصمة الشقيقة السعودية "الرياض" بأنها تأوي وتمول وتمون تلك الجماعات الإرهابية، وتستخدمها لابتزاز دول التحالف وعلى رأسها الأشقاء السعوديون، رغم أن تجربة تلك الجماعات في محافظتي (محافظة أبين) تبرهن بالدليل الملموس أنها (أي جماعات الإرهاب) ظلت وما زالت تعتمد على ما تزودها به معسكرات قوات الحكومات الشرعية منذ العام 1994م بعد مساهماتها الفاعلة في إسقاط الجنوب بيد "أولائك الشرعيين العجيبين"، لكنني سأتوقف عند سؤال أترك الإجابة عليه للقارئ الكريم الذي أثق في فطنته وذكائه، وفحوى السؤال: ماذا كانت تفعل عشرات الألوية (الموالية للشرعية) المنتشرة في أودية وصحاري وعموم مناطق ومديريات حضرموت وشبوة عندما كانت الجماعات الإرهابية تتمدد وتسيطر على تلك المناطق وتنتشر فيها بطمأنينة وأريحية وثقة تحسد عليها مما لا تتمتع به القوات الحكومية نفسها؟ ولماذا انتظر هؤلاء حتى يأتي "عملاء الإمارات" ليحرروا لهم مناطق تواجدهم ويؤمنوا لهم محيط معسكراتهم ويحموهم من خطر هذه الجماعات الإرهابية التي لم تطلق رصاصة واحدة على تلك المعسكرات؟ وأخيراً: لماذا الغيرة من الانتصار على هذه الجماعات وهزيمتها وسحق تجمعاتها من قبل قوات النخبة والحزام الأمني؟
أترك الإجابات على هذه الأسئلة لذكاء القارئ الكريم وأتوجه لمروجي هذه الترهات ممن يتنقلون بين التباب والقرى ثم يعودون ويسلمونها لأشقائهم الانقلابيين وأقول لهم: إذا كانت "العمالة" لدولة الإمارات تفعل ما تفعله قوات الحزام الأمني والنخبتين الحضرمية والشبوانية، فكونوا مثل هؤلاء "عملاء" لمن تشاؤون ولتكن دولة الإمارات نفسها؟ طالما كنتم ستستعيدون دياركم وقراكم من أيدي من سيطروا عليها بليلة واحدة ، ولا أقول استعادة الوطن بكامله فهو أبعد ما يكون عن اهتماماتكم؟