مشاري الذايدي يكتب:

أكبر من محاكمة «فيسبوك»!

لسة الاستماع، أو التحقيق التي تعرض لها، مارك زوكربيرغ، رمز شركة «فيسبوك» العالمية، أشهر تطبيق للسوشيال ميديا في الدنيا، هي في الحقيقة أول جلسة مكاشفة لمجمل هذا النشاط: السوشيال ميديا.

الشاب الملياردير مارك، مواطن أميركي، وشركته الهائلة، «فيسبوك»، أميركية، كما الحال مع «تويتر» و«غوغل» وبقية القادة لهذه الدنيا الجديدة تتحكم في عواطف الناس وقضاياهم وحماستهم: منصات السوشيال ميديا.

كنت، وما زلت، على يقين من أن وضع منصات السوشيال ميديا، هكذا «سبهللا» بحجة حرية تدفق المعلومات وتوفير التواصل بين «كل» بني البشر، وحماية معلومات المشتركين - زعموا - هو أمر شاذ وخطير ومدمر. لكن الذهنية الغربية، كانت تجنح دوماً إلى أن ذلك من شنشنات العالم الثالث، خاصة العربي الإسلامي، المعتادة، فهم شعوب ودول ليست متشبعة بالقيم والنظم الديمقراطية.

حسنا... وماذا عن صيحات النكير الغربية، من قلاع الديمقراطية الغربية نفسها، ضد خطر السوشيال ميديا، على استقرار الدول الغربية وأمنها بل وهويتها؟

استدعي الملياردير «الديجتال» مارك زوكربيرغ، للكونغرس الأميركي، وتحدثت التقارير عن أنه أكثر من الاعتذار، وكان «ضجراً» من الأسئلة السياسية لأعضاء الكونغرس، وربما أبطن سخرية مرة في داخله، من جهل هؤلاء «العواجيز» بعالم الديجتال وتطبيقاته الحديثة وتلاعبه بالبشر.

التهمة التي كانت موجهة لـ«فيسبوك»، من أميركا والدول الأوروبية أيضا، هي بيع الشركة بيانات المشتركين، منتهكة خصوصيتهم، التي يدعي قادة الشركات هذه أنهم يحمونها ضد الحكومات، لـ«عملاء» آخرين، جهات سياسية وغير سياسية.

بدأت الشهادة بسؤال حول ما إذا كان زوكربيرغ يود أن يخبر الجلسة باسم الفندق الذي أمضى به ليلة البارحة، وهو ما أجاب عنه بالنفي، واستخدم عضو الكونغرس السؤال للدلالة على أهمية احتفاظ الناس بخصوصيتهم وعدم رغبتهم في الكشف عنها لآخرين.

بين قوسين، كان لافتاً ظهور مارك ببدلة كاملة وربطة عنق، وهو من النادر أن يفعل، أما السيناتور هاريس فعلق على أجوبته المتهربة: «خلال جلسة الاستماع هذه (...) طرحت عليك أسئلة تتعلق بقضايا أساسية، لكنك لم تقدم أي جواب عنها».

أيضا كان لافتاً كثرة اعتذاراته، وهو ما علق عليه السيناتور جون ثون مشيراً لتقرير مجلة «وايرد» بأن رئيس «فيسبوك» اعتذر 14 مرة سابقاً. وتساءل ثون: «ما الفرق بين كل تلك الاعتذارات واعتذارك اليوم؟».

اليوم فتح كشف الحساب، وهذه هي البداية، لأن عمل هذه المنصات الكبرى المليارية الأعضاء، بلا ضوابط، خارج كل قانون، حصاده دم وخراب وتفاهة.

للمرة الثلاثين أقول، الغرب هو من أنتج لنا عفريت السوشيال ميديا، والمثل يقول: اللي حضّر العفريت... يصرفه!

* نقلا عن "الشرق الأوسط"