محمد يوسف يكتب:
وماذا بعد؟
من حق العالم كله أن يتساءل، فالذي يحدث على الأرض السورية تجاوز النظام والمعارضة والأطماع المذهبية الضيقة وأحلام التوسع والتمدد الاستعماري.
وماذا بعد تلك الضربة الصاروخية لبضعة مواقع في سوريا؟ هل ستُجبر روسيا على الجلوس مع الكبار للبحث عن مخرج مشرّف للمأزق الذي وضعت نفسها فيه؟ وهل بدأت رحلة العودة للحرس الثوري الإيراني ومن معه من ميليشيات شيعية؟ أم هي فقط عملية ضغط محدود لإثبات الوجود من الدول الغربية؟
سوريا لا تستحق كل هذا الذي يحدث لها، لو أن بشار الأسد منذ البداية تعامل بروح وطنية مسؤولة، واحتضن كل الذين خرجوا مطالبين بحقوقهم، لكنه كابر، ووضع نفسه في كفة وسوريا وشعبها في كفة أخرى، وراهن على الأجنبي، حتى وصل به الحال إلى ما نراه اليوم، معزولاً وفاقداً للإرادة، وتتحكم فيه قوى لها أهداف وأغراض تختلف عن مساره الذي يفترض أنه يمثله، ولم يتعظ طوال سبع سنوات، وكأنه لا يعلم أن روسيا تنظر إلى أبعد من قصره في دمشق، وأن إيران تعتبره ممراً قد يوصلها إلى غايات رُسمت تحت عمائم الملالي.
لقد حولوا سوريا إلى ساحة مصغرة لحرب عالمية جديدة، وكأنهم في تدريب عملي وبالذخيرة الحية، ولم يُمسّ جندي روسي واحد، ولم يصل صاروخ واحد إلى قواعد إيران المنتشرة في ربوع سوريا، ومع هذا شعر «بوتين» بالإهانة كما قال سفيره في واشنطن، فهو الذي قاد الوضع إلى حافة الهاوية، مذابح الغوطة كانت تحت إدارة جيشه وليس جيش بشار، والكيماوي لم يمر إلا بإذنه وأمام ناظريه، ورفضُ إصدار قرار دولي بالتحقيق جاء منه في مجلس الأمن، وهو الذي يقسّم الأرض السورية على الإيرانيين والأتراك بعد أن أخذ حصته في «طرطوس» و«حميميم»، والهاوية رخوة، لا تحتمل حافتها إطالة الوقوف عليها، وهذا ما حصل فجر يوم أمس.
ومرة أخرى نقول: وماذا بعد؟
هل تحركت المياه الراكدة؟
سننتظر، فالأيام حُبلى، والصواريخ المائة ليست ألعاباً للتسلية، ولم يعد أمام روسيا غير الجلوس على طاولة المفاوضات، ونسيان «سوتشي» و«أستانة»، فالحلول ليست بيد إيران وتركيا، وسوريا غير قابلة للقسمة، ولم ولن يستقر على أرضها محتل حتى لو اختبأ خلف الأسد.