د. ياسين سعيد نعمان يكتب:

مات عبده هزاع وبقي ميراث نشاطه الانساني

مات عبده محمد هزاع الصبيحي بعد أن أزاح عن بلاد الصبيحي -سهلها وساحلها- ركاماً ثقيلا من الإهمال وستائر النسيان ، وكشف عن حقيقة أغفلها أهلها سنين طويلة تجذرت في أعماق الموروث الانساني لهذه البقعة من أرض اليمن بامتدادها التهامي الحميري كرافد لحضارة قامت على التجارة والعلاقات بين الأمم .

إكتشف عبده هزاع جوهر الانسان في هذه المنطقة بعيداً عن المظهر الملتبس بالسلاح والقسوة ، وبدأ مسيرة الاكتشاف بالاعتماد على حيوية العلاقة التاريخية بين البحر واليابسة ، فأنشأ أول نشاط تجاري في صورة تعاونية لتوزيع المواد الغذائية سرعان ما توسع نشاطها ليشمل المنطقة بأكملها وأخذ يمتد الى خارج المنطقة .

وبعقلية اقتصادية تجاوزت زمنها أخذ يطور نشاط التعاونية لتأخذ طابعا مؤسسياً أسهم في توفير الخدمات لأبناء المنطقة ، وإقامة استثمارات في مجال الخدمات والاسكان والنقل والتعليم والصحة ، وجاءت حرب ١٩٩٤ وقد أصبحت التعاونية ترميزاً لانتقال منطقة كاملة من السكون إلى الحركة، فكانت هدفاً رئيسياً للمنتصرين في الحرب . صدر الامر بمصادرة ممتلكاتها وتخريب نشاطها وبقي المرحوم عبده هزاع يقاوم ظلم المنتصرين البغيض وفساد كل من تم توجيههم بتدمير ذلك النشاط الرائع . قاوم فساد نظام كان يرى النجاح الانساني في هذه المنطقة منكراً ومعه كل ملحقاته من المساومين والبائعين من كل لون .

طرق كل الأبواب وقدم مشاريع حل لكل ما لفق على التعاونية وأنشطتها من قضايا ، سجن ظلماً لفرض حلول لتصفية أصول التعاونية . التعاونية اليوم وما تبقى منها هي ميراث منطقة كاملة ، ليس بأصولها التي اندثرت ، ولكن بفكرتها التي انتزعت أبناء هذه المنطقة من بين ركام النسيان لتضعهم أمام حقيقة أصيلة من حقائق التاريخ عندما يتعلق الأمر بالمبادرة التي تستنهض الروح لتقاوم ملل الجمود .

رحم الله عبده هزاع