لماذا إدارتك ضد الجنوب؟
إلى الرئيس هادي.. لسنا ضدك ولكن
صالح أبوعوذل
انقسم الجنوبيون بين مؤيد للرئيس هادي ومعارض، وكما جرت العادة من قبل انصار الرئيس هادي، "توزيع التهم على المعارضين لسياسة ادارة الرئيس في الجنوب، بانهم عملاء ويتلقون أموالا من الخارج، مع ان اليمن ككل والحكومة بصفة خاصة لا تزال تتلقى اموالا من الخارج والسعودية تحديدا.
ما دفعني للكتابة هو (الهجوم غير الأخلاقي) من احد المتسولين، الذي لم يجد من يشتريه على الرغم من زعمه انه دبلوماسي مقيم في احدى الدول الأوروبية.
تطاول علي شخصيا وعلى زملائي الصحافيين دون اي مبرر، سوى انه يريد التقرب من ادارة الرئيس هادي لتعيينه ملحقا او حتى (طباخا) في احدى سفارات اليمن في الخارج، لكن الذي يهمه من الهجوم على الصحافيين الجنوبيين، هو لفت نظر مدير مكتب الرئيس هادي (العليمي) صاحب القرار الأول في ادارة الرئيس هادي.
خلافنا مع هادي هو انتقادنا لسياسة ادارته (العنصرية) تجاه كل ما هو جنوبي، وقفنا ضد انتخاب هادي رئيسا لليمن في فبراير 2012م، لسبب بسيط هو اننا لا نريده ان يكون مشرعنا للاحتلال اليمني، لأننا ندرك انه لن يكون الا مشرعنا فقط، والا ماذا حقق للجنوب وأبين تحديدا منذ مجيئه الى سدة الحكم الى اليوم؟.
وقفنا ضد انتخاب هادي رئيسا لليمن، لأننا كنا ندرك ان الهدف من التوافق على هادي، ابقاء الجنوب تحت رحمة الشمال اليمني العدواني، وتسليم الجنوب لعدو خارج يعيث فيه فسادا.
حاول الرئيس هادي بعد نجاحه في تلك الانتخابات بطريقة (هوليودية)، عقد مؤتمر الحوار اليمني، وقفنا ضد هذا المؤتمر لإدراكنا العميق بانه مؤتمر لن يحقق اي نجاح، لمعرفتنا المسبقة بمواقف الاعداء التاريخيين، فمن انقلب على وثيقة العهد والاتفاق، مستعد لينقلب على اي اتفاق آخر.
وصل هادي الى سدة الحكم وكان الثمن تدمير ابين وقتل وتشريد أهلها، انتقاما من الرئيس الجنوبي.
ودمرت قوات مهدي مقولة العفاشي أكثر من 12 الف منزل ومرفق في زنجبار وحدها، ناهيك عن التشريد والقهر والحرمان الذي طال ابناء ابين كافة.
وأصبحوا مشردين، نازحين انتهكت اعراضهم ونهبت حقوقهم، وابين لا تزال اطلالا شاهدة على الحرب المدمرة التي أكلت الاخضر واليابس.
أبين، التي أصبح ابناؤها يصفون بالخيانة والعمالة وبالقاعدة والفساد و(شيء عيشة) مع انهم كرماء اسخياء رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
ابين.. المحافظة التي تمثل عصب الجنوب، ابين التي انتصرت قبائلها للأرض وللرئيس هادي حين ثارت قبائل (العواذل ودثينة والفضلي ويافع السفلى) واستطاعت تخليص أبين من عناصر المخلوع صالح واخيه علي الاحمر.
لم ينته حوار صنعاء، الا وبك تتخلى عن اصدق الرجال الأوفياء والاقوياء لك (محمد علي احمد وفريقه)، وتنصب شخصا ليس له اي علاقة بقضية الجنوب، وتقول للعالم هؤلاء هم الحراك الجنوبي مع انهم لم تكن لهم علاقة بالحراك الجنوبي وقضية الجنوب العادلة.
انسحب (بن علي احمد) وفريقه من مؤتمر حوار صنعاء عقب رفض القوى الشمالية الموافقة على الاقليمين اللذين اقترح فريق الحراك ان يكونا حلا لليمن والجنوب.
ظننت ان الشمال سيقف معك وبان القوات العسكرية في صنعاء باتت تحت إمرتك وبأنك الرئيس الحاكم الناهي، إلا أن الاحداث التي سبقت الانقلاب عليك كشفت لك انك مجرد من كل شيء وبان قوات الحرس الخاص التي تحرس القصر الجمهوري في النهدين لا تدين بالولاء لك، وحصل الذي حصل ولم يصمد معك الا بضعة عسكر جنوبيون، ومن أبناء أبين فقط، وحوصرت في منزلك بشارع الستين، ونحن نتابع بقلق وندعو الله ان يحفظك ويحفظ كل ابناء الجنوب الذين كانوا معك.
اختلفنا معك سابقا (لكن لم نرض ان تحاصر بتلك الطريقة المهنية)، وحين نجحت في الافلات من قبضة المتمردين الحوثيين والعفاشيين، كنا اكثر سعادة وانت تصل إلى عاصمة الجنوب، مستغيثا بأهلك.
نسى الجنوبيون كل خلافاتهم معك وهبوا للدفاع عنك، واتى رجال القبائل من كل مكان، وحتى اولئك الذين خاصموك العداء، وقفوا إلى جانبك، واخمد الجنوبيون ورجال الحراك الجنوبي واللجان الشعبية البطلة، تمرد عبدالحافظ السقاف وقدم الجنوب في سبيل ذلك خيرة رجاله بقيادة البطل ابن لودر الأبية علي الصمدي، الشهيد القائد الذي لن يتكرر.
وشن المخلوع صالح والحوثيون عدوانهما الثاني على الجنوب، ووقف الجنوبيون سدا منيعا دفاعا عن بلادهم، بعد ان خذلتهم وغادرت قصر معاشيق إلى خارج البلاد، بعد ان رفضت إدارتك دعم وتجهيز قوات جنوبية للتصدي للعدوان الشمالي المتجدد، وتدخلت (عاصفة الحزم) واستبسل الجنوبيون في الدفاع عن بلادهم حتى انتصروا بدعم التحالف العربي بقيادة مملكة الحزم وامارات العزم.
قدم الاشقاء الخليجيون دعمهم اللا محدود، لإعادة البنية التحتية لعدن العاصمة، واعادوا ترميم قصر معاشيق ومطار عدن الدولي وعدت معززا مكرما إلى بلادك.
وظن الجنوبيون ان عامين من الحرب والدمار والقهر سوف تزولان، وان عامين من العذاب والحصار والقتل والتنكيل انتهتا والى الابد، ولكن هذا لم يحصل بل حصل العكس.
استمرار الإرهابي العفاشي الأحمري في الجنوب وبوتيرة عالية، وقُتل من الجنوبيين عقب التحرير ضعف ما قتلوا خلال الحرب العدوانية.. ومع ذلك لم تحرك ساكنا.
حوصرت العاصمة ومنع عن اهلها كل شيء، باستثناء الهواء.
اعتقد حلفاؤك (الإصلاحيون)، ان تعذيب سكان عدن والجنوب واشاعة القتل والدمار في بلادهم، سوف يدفع الناس إلى الخروج ضد الحكومة المحلية الجنوبية التي ولدت من رحم المقاومة الجنوبية البطلة، بدعوى فشلها.
ولكن الجنوبيين كانوا أكثر وعيا، وادركوا ان هذا العذاب ما هو الا مخطط خبيث الهدف منه اعادة تحكم الشمال بالجنوب، بعد ان فشلوا في ازاحة حكومات الجنوب بالاغتيالات، لجأوا إلى تعذيب الناس، وممارسة هواياتهم المفضلة في مجاري الصرف الصحي، بسدها بالحجارة، وقطع التيار الكهربائي وافتعال أزمات المشتقات النفطية، وغيرها.
تدرك فخامة الرئيس ان الجنوبيين (كل الجنوبيين) يرون في جنرال الحرب علي محسن الأحمر مجرما دمويا قتل الآلاف منهم في حرب صيف 1994م، ونهب اراضيهم وحقوقهم وصادر كل شيء، وانت تعلم ذلك بحكم انك كنت شريكا حينها إلى جانبه، في الحرب العدوانية الأولى على الجنوب.
علي الأحمر يعد مجرما قاتلا بنظر الجنوبيين، ليس لأنه اصلاحي ولكن لأنه (كان ولا يزال) احدى ادوات صنعاء التي تعبث بالجنوب ليل نهار، فبدلا من ان تقوم بإنصاف الجنوبيين، نظير دفاعهم عن بلادهم وشرعيتك، كافأتهم بالأحمر ومنحته منصب نائب لك مع انه بات منذ تعيينه يمارس مهامك الرئيسية، وبدلا من ان يسعى لتحرير صنعاء، بدأ في التخطيط لإعادة احتلال الجنوب، من خلال دعمه تشكيل ألوية عسكرية خارج سيطرة قيادة المنطقة العسكرية الرابعة في عدن.
أوهمت إدارة الرئيس هادي أن تعيين الجنرال الأحمر نائبا للرئيس، هي خطوة مهمة لتحرير الشمال، لكن منذ ان تم تعيينه في مطلع ابريل 2016م، لم نر الا تقهقرا للقوات الموالية للشرعية في مأرب وفشلها في تحرير امتار، رغم الدعم العسكري والمالي الضخم الذي تقدمه السعودية.
ما يمارس في الجنوب اليوم هو ابشع عملية خبيثة لإعادة احتلال الجنوب مرة أخرى بعد ان تخلص من قوات المجرم صالح والحوثيين بقوة السلاح.
فما الذي قدمته للجنوب من أجل ان تقف الناس معك وتناصرك؟!!.. للأسف لم نر اي شيء!.
لتعلم يا فخامة الرئيس ان في الجنوب من يدعو عليك لا لك، فكان عليك على الاقل أن تتقي دعوات امهات الشهداء الذين سقطوا في معركة الدفاع عن شرعيتك، وتمنحهم حقوقهم، بدلا من تجاهلهم وحرمانهم.
لم يضح الجنوبيون بكل تلك التضحيات من اجل عودة الأحمر وشخوص نظام الاحتلال اليمني البغيض، بل انهم مستعدون لتضحيات أخرى في سبيل الخلاص من بقايا الاحتلال.
لن يقول الجنوبيون "سلام الله على عفاش" مهما كان، لأن تلك أمنية (حزب الإصلاح)، فالجنوبيون تخلصوا من الاحتلال الشمالي، لان ذلك كان هدفهم الرئيس من معركة التحرير.
يقوم الأحمر ببناء جيش شمالي في مأرب، وهناك اطراف تعرقل بناء جيش وطني في الجنوب، لأسباب يعرفها الجميع.
اذا كانت إدارتك تعتقد انها سوف تجبر الجنوبيين على القبول بالأمر الواقع الذي يخطط لها، فهي مجنونة وواهمة، فالجنوب ليس شخوصا يمكن ان تشتريهم ادارتك ببضعة دولارات، الجنوب شعب يرفض الظلم ويقاومه، فكما رفض احتلال صالح لعدن، لن يسمح بإعادة احتلال الأحمر للجنوب، ولن تنطلي عليهم ما ينشره مناصروك من مزاعم كاذبة لن تزيد الناس الا نفورا منك.
لا تزال الفرصة مواتية لأن تمنح الجنوبيين حقهم في التمتع بثرواتهم، وصلاحية كاملة في ادارتها بعيدا عن قوى الشمال العدوانية، فما يحصل ليس الا تأكيدا على فشلك في ادارة مدن الجنوب المحررة، وترك المجال لمن لا يريد تقديم الجنوب المحرر كتجربة ناجحة، تشكل نموذجا يحتذى به، في بقية مناطق اليمن، لان اي فشل يحصل لن تكون نتائجه لك بل عليك.
إن أي مساع لتمكين أي طرف (غير جنوبي) من عدن، سوف تكون نتائجه، وخيمة على الجميع وعلى الحلف العربي، وحتى على سير المعارك في شمال اليمن.
فمن يدعم افتعال المشاكل والاقتتال في عدن، هو بكل تأكيد لا يريد استكمال معركة تحرير الحديدة وافشال عملية الرمح الذهبي..
وفي الختام أتمنى ان تصل رسالتي إلى الرئيس هادي، وأقول له في الختام، كن مع الجنوب يكون الجنوب معك.. والله الموقف.
#صالح_أبوعوذل