لا بد من نهاية لهذا الازدواج

السؤال الكبير.. من يدير هذه البلاد؟

تداولت المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي أنباء كثيرة عن نزاعات في محيط مطار عدن بين أطراف مسلحة بعضها تابعة لأجهزة الأمن في عدن أو الحرس الرئاسي أو لقوات من دول التحالف، وكان آخر ما جرى تداوله هو المواجهة التي نشبت بين قوات من جمهورية السودان الشقيق وأمن مطار عدن.

هذه الوضعية وما سبقها من مناوشات ومواجهات تطرح أسئلة كثيرة وتوزع من المخاوف والقلق بين المواطنين ما لا يختلف كثيرا عما تصنعه الحروب والاعتداءات والجرائم.

لست معنيا كثيرا بمن يؤيد من ومن يستهدف من لكن السؤال الكبير الذي لابد من الإجابة عليه هو من يدير هذه البلاد؟ هل نحن أمام شرعية واحدة تمسك بصناعة القرار وتتحكم في توجيه أجهزة السلطة وفي مقدمتها الأجهزة الأمنية؟ أم إننا أمام سلطات وشرعيات متعددة ودويلات عديدة داخل الدولة (المفترضة)؟

تتداول الكثير من المواقع الإلكترونية، التي تدعي دعمها لشرعية الرئيس هادي، بكثير من التباهي هزيمة طرف وانتصار طرف، من الجماعات المتنازعة على إدارة أمن مطار عدن، ومطار عدن بالمناسبة ليس سوى صورة رمزية مكثفة لمدينة عدن وللمحافظات الجنوبية المحررة، وكأن من يديرون هذه المواقع لا هم لهم سوى إشعال الحرائق وتوسيع الشروخ والتصدعات داخل معسكر القوى المؤيدة للشرعية، أو كأن هناك أكثر من شرعية داخل هذا البلد.

إن التلذذ بتوزيع الاتهامات وتغذية النزاعات لا يصب إلا في خدمة المشروع الانقلابي الذي لم يهزم بعد، ولن يهزم طالما بقي المتنافسون في صفوف المؤيدين للشرعية يبذلون من الجهد والتفكير والدسائس على بعضهم البعض أكثر مما يصرفون من الطاقات في مواجهة هذا المشروع البغيض.

ويقيني أن الرئيس هادي يدرك أن الذين يوهمونه بأنهم يدعمونه من خلال نشر الشائعات والتحريض على بعض الأطراف المؤيده له إنما يخدمون المشروع الانقلابي بدون وعي، وربما بكامل الوعي، وقد سمعنا الكثير منهم يدعون إلى التصالح مع الرئيس المخلوع وطي صفحة ثورة 2011م التي أطاحت به وأتت بهادي كرئيس توافقي هو اليوم محل استعداء ومحاربة من قبل أعتى قوى الطغيان والاستبداد والرجعية والسلالية.

لن تهدأ عدن ولن تستعيد حياتها الطبيعية وسكينتها المنشودة (دعك عن إعادة الإعمار والنهوض والتنمية) ولن ينتصر مشروع الدولة المدنية وشرعية الرئيس هادي، إلا بإنها الازدواج في المسؤولية ومنح السلطات المحلية في عدن، مثلما في بقية المحافظات المحررة، صلاحياتها الحقيقية والكاملة (بغض النظر عمن يرأس هذه السلطة) كبرهان عما يدور من أحاديث عن اللامركزية ونظام الأقاليم والصلاحيات الكاملة للسلطات المحلية، أما استمرار التنازع على السلطات في ظل غياب شبه كامل لأهم الخدمات والضروريات لحياة الناس فإنه لن يقود إلا إلى مزيد من تصدع معسكر الشرعية وارتفاع معاناة المواطنين وقرفهم من هذه الشرعية كقرفهم من الانقلاب والانقلابيين.