نهى البدوي تكتب لـ(اليوم الثامن):
الإرهاب «خنجر مسموم» في خاصرة الإسلام
أفسد تسجيلاً مصوراً نشرة تنظيم القاعدة لزعيمه، أيمن الظواهري، يحث فيه أتباعه ومناصريه على شن هجمات أخرى على الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في الذكرى الـ17 لأحداث 11 سبتمبر/أيلول، فرحة احتفالات المسلمين بالسنة الهجرية الجديدة ١٤٤٠، هذه المناسبة العظيمة لها مكانتها العزيزة في وجدانهم، والتي صادفت يوم الثلاثاء الماضي مع مرور الذكرى السنوية المؤلمة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١م على برجي التجارة العالمي بنيويورك. حيث يرى بعضهم أن لا معنى للفرحة في اليوم الذي يطل فيه أيمن الظواهري ليعكر فرحتهم ويذكرهم باللحظات الأليمة، لهذه الجريمة الإرهابية التي هزت مشاعر العالم، وحاول وتنظيم «القاعدة» بزعامة أسامة بن لاذن الصاقها بالإسلام والمسلمين، وبما يروج له بانتمائه للإسلام، وهو برء منه، ويتجدد الشعور بالألم لهذه الجريمة المدانة؛ لما كشفته تداعياتها وخفايا هذا التنظيم الإرهابي وغيره من التنظيمات الإرهابية الأخرى التي تأسست فيما بعد من دلائل، وبراهين تؤكد خطورة بقائها على الإسلام والمسلمين.
إن التاريخ الدموي لسجل التنظيمات الإرهابية في مختلف مراحل تأسيسها خلال الثلاثة العقود الماضية، وفي مقدمتها تنظيما «القاعدة» و«داعش» مليء، وملطخ بجرائم إرهابية، بحق الإنسانية والبشرية يندى لها الجبين، تكشف وتعري بوضوح، مدى دموية وخطورة هذه التنظيمات على سمعة ديننا الإسلامي ومجتمعاتنا الإسلامية، وتضعنا أمام الصورة المزيفة حول ما تدعي تبنيه في نهجها وخطابها، وهذه الحقيقة لا مجال للتشكيك في صحتها، بعد أن أصبح الهَّم الأول لها هو كيف تستطيع الحفاظ على بقاء وجودها حياً في مجتمعاتنا والأضرار بها، وعدم اهتمامها وحفاظها على نعمة الإسلام كما دأبت للترويج له.
لقد كان لهجمات ١١ سبتمبر، التي أسفرت عن مقتل نحو ثلاثة ألف شخص في غضون ساعات قليلة، واشترك في تنفيذها عدد من العناصر الإرهابية من جنسيات مسلمة أثرها السلبي، على تلك البلدان المنتمي لها منفذي الهجمات، لتدفع شعوبها ثمناً باهضاً بسبب هذا العمل الإرهابي، ولا زالت تدفعه إلى يومنا هذا، رغم أنها لم تكن خلفه أو تؤيده، حيث انتج تنفيذها شعور عدواني في نفسية عناصر تنظيم «القاعدة» وأظهر في سلوكهم نشوة إرهابية مدمرة لمجتمعاتنا الإسلامية، فتحت شهيتهم لمواصلة سفك دماء الأبرياء، بالقيام بهجمات متتالية في عدد من البلدان منها: اليمن، باستهداف إرهابي لناقلة النفط الفرنسية ليمبورج في ٦ أكتوبر ٢٠٠٢م قرب ميناء الضبة في المكلا، ومهاجمة السفارات الأجنبية في اليمن وبعض البلدان وكان قبلها استهداف المدمرة الامريكية أس أس كول بهجوم انتحاري في خليج عدن في ١٢ أكتوبر ٢٠٠٠م ، لتخلف هذه الجرائم بتداعياتها أثر سلبياً على سمعة الإسلام، والأضرار بالاقتصاد، ومصالح الشعب اليمني في الداخل، والخارج، لتدفعهم نشوة الشعور بالنصر لتأسيس فرع تنظيم القاعدة في شبة جزيرة العرب عام ٢٠٠٩م، وكذا فروع مماثلة في بلاد الشام، والمغرب العربي؛ لنشهد في وقت لاحق أثناء انطلاق ثورة الربيع العربي في الوطن العربي، ولادة تنظيم موازي لتنظيم «القاعدة» حمل اسم تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» اللذان يتشابهان كثيراً في بعض الأهداف لتدمير المجتمعات الإسلامية، والإساءة؛ لصورة الإسلام في المجتمعات الغربية، مع وجود اختلاف واضح في مصالحهما، وجنيهما للأموال، ولا يستبعد أن يفجر هذا صراع واحتراب بينهما.
رغم إن التاريخ الدموي للتنظيمات الإرهابية «القاعدة» و«داعش» قد فضح أكذوبة انتمائها للإسلام، وزيف ما تروج له مثل الحفاظ على سمعة الإسلام، ونقاء ومضمون رسالته السامية، إلا أن هذه التنظيمات لا تزال قادرة للإيقاع ببعض الشباب تحت تأثيرها النفسي؛ لمواصلة تضليلهم، وتزييف الحقائق أمامهم، بغية الحفاظ على وجودها وبقائه حياً، ومحاولة الظهور من جديد بأساليب أكثر خطورة، للتأثير عليهم واستقطابهم إلى صفوفها، وهذا يتطلب جهود مكثفة من قبل الجميع: مجتمعات، ودول؛ لكشف حقيقتها، وفضح سلوكها المُدمر الذي تمارسه في مجتمعاتنا الإسلامية، ومنها المجتمع اليمني الذي تحَّول فيه الإرهاب بمختلف تنظيماته إلى «خنجر مسموم» في خاصرته.