حول دفاعه عن الاصلاح

الى د. ياسين سعيد نعمان بكل صراحة

الى د .السفير \ ياسين سعيد نعمان... طيّــب الله أوقاتكم وســـدّد  بالخير خُــطاكم وجهودكم...

قرأتُ ما جاء في صفحتكم على برنامج التواصل الاجتماعي (فيسبوك) وبعض المواقع الإخبارية  من دفاع عن حزب الإصلاح بوجه التصريحات  التي  كان الرئيس السابق علي عبدالله صالح قد اطلقها قبل أيام ضد حزب الإصلاح .فبصرف النظر عن تلك التصريحات التي كانت على شكل تهديدات من صالح باعتقال بعض اعضاء الاصلاح  فهي تصريحات لا تعني شيئاً للإصلاح طالما وهو اصلا في حالة قتال مع صالح وقواته. فما الذي ستضيفه تهديدات بالاعتقال من قبل طرف تخوض معه حربا دامية منذ عامين؟.

ومع ذلك لا ننكر عليك حق التضامن  مع الاصلاح او غير الاصلاح. فهذا على حال فهذا ليس صُــلب موضوعنا... فما جاء في منشوركم بخصوص صالح هو جزءاً يسيرا مما يستحقه الرجل من تعرية وردع وكشف لحقيقته الغير سوية بالحكم بالسنين الخوالي. مع انه هذا هو علي عبدالله صالح  بشحمه ولحمه  كما تفضلتم , هو علي عبدالله صالح الذي ظل يحكم اليمن الشمالي قبل عام  الوحدة 90م واليمن الموحد بعد ذلك العام بالدم والنار وبرضاء كثير من القوى والأحزاب ومنها بالتأكيد حزب الاصلاح عن قناعة ورضا, والحزب الاشتراكي الى حد ما, بل وبرضاء ودعم لا حدود له من دول اقليمية  شقيقة. ففي قناعتي انكم بالحزب الاشتراكي والاصلاح تعرفون منذ عقود من الزمن اسلوب صالح بالحكم ومع ذلك ظللتم شركاؤه , وظل هو الجنّي الذي يعرفه الإصلاح ومرشحه الوحيد الأوحد بإحدى   الانتخابات الرئاسية. فحزب الاصلاح منذ 78م, ومعه الاشتراكي منذ عام 2003م هما من فرعن صالح  وزيّــنا له سوءاته وعسفه, سواء بمشاركته تلك الفرعنة مشاركة مباشرة كما فعل الإصلاح, أو بالسكوت عنها ,كما فعل الحزب الاشتراكي.

وانصافا للضحايا منذ عام 90م ومنهم بالطبع الـــ56كادرا اشتراكيا الذين سقطوا منذ ذلك العام , اسمح لي أن اختلف معك بنقطة جداً مهمة, وهي اختزالك لمنظومة الحكم الظالمة التي سامتْ الجنوب ظلما وخسفا بشخص صالح. فلا جدال أن الرجل شكّـلَ رأس حربة هذا النظام , ولكنه يظل رأس الخنجر  وليس كل الخنجر بكله, شكل ذراعا واحدا من اذرعه المتعددة وركن من اركانه المختلفة, فالجنوب تعرض لعملية ظلم ممنهجة مِـن قِــبل منظومة حكم متعددة الأنياب والمخالب أخذت شكل ثقافة قائمة ومكرسة مسكونة بوهم( هزمناكم معشر الانفصاليين الكفَـرَة). وعلى ما تقدم نقول وأنه لا يتملك أحد وإن كان بحجم د. ياسين تبرئة نصف  الظلم  بأثر رجعي لكونه  اليوم على وافق سياسي وبشراكة سلطوية معه. ولا اختزال كل الظلم  برأس النصف الآخر  بمجرد خلافه السياسي معه بالوقت الراهن. فاختزال الظلم الذي تعرض له الجنوب بشخص علي عبداالله صالح  ينطوي على أمور خطيرة سياسيا  بمستقبل القضية الجنوبية, فالشخص مهما طال به المقام بالسلطة وبالحياة ككله فهو زائل لا محالة. وهذا يعني أن موت علي عبدالله صالح  سيكون بمثابة موت الجاني, وبموت الجاني تنتهي الجريمة وفقا للقاعدة القانونية الشهيرة. وسيكون وفقا لهذا المنطق الجائر نهاية للمظلمة الجنوبية وطمسا لمطالبها المشروعة, وهذا الافتراض بحد ذاته ظلمٌ كبير وتزييفا صريحا لحقائق هذا التاريخ الذي لم يمض عليه أكثر من عقدين من الزمن. علاوة على انه سيشكل بحق اعتسافا جائرا للحقيقة التي تقول أن الجنوب تعرض للظلم من قبل كل منظومة الحكم بصنعاء بكل صورها السياسية والقبلية العسكرية والدينية, وهذه الأخيرة على سبيل المثال ما تزال تعمل عملها بمحاربة القضية الجنوبية بكل المحافل والمناسبات, وتسعى جاهدة بإفشال أي جهد جنوبي على الأرض. وبالتالي فمنطق الحقيقة يقول أن  علي عبدالله صالح  ذراع واحد من اذرع الظلم والاستبداد المتشعبة, وإن كان أقواها وأشدها بطشا إلا أنه يظل أحدها وليس كلها.

أتفق معك تماماً  بما قلته بهذه العبارة:

((...أوجد صالح طبقة سياسية منتفعة كان يمسح على ظهرها دم الضحايا ، انكشف اليوم بعد أن تمزقت هذه الطبقة وغادرته لتواري سوءة تاريخ مثقل بالعيب  ..)).

 فهذه العبارة تؤيد ما ذكرناه سلفاً. فاعتماد  صالح  خلال فترة حكمه الطويل على روافع سياسية ناهيك عن دينية وقبلية وعسكرية, كانت تشكل المحفّـز الأول  للظلم والمشرعن والمبرر له طيلة فترة حكمه, فلولاها لم استطاع  صالح لوحده أن يقوم بما قام به طيلة سني حكمه من تعسف ونهب واقصاء, فضلاً عن عدم قدرته على البقاء كل تلك الفترة بالحكم ( أكثر من ثلاثة عقود من الزمن). وللأسف فقد ظل الحزب الاشتراكي حتى بعد أن تبدّت له سوءة  نظام علي عبدالله صالح جزءاً اصيلا من الطبقة السياسية النفعية التي ذكرتها بمعرض حديثك, وظلت مساحة لا بأس بها من ظهر الاشتراكي تعمل كممسحة ليد صالح المضرجة بالدماء الجنوبية والاشتراكية بالطبع , وليس أدّل على ذلك مشاركة الاشتراكي  لحزب المؤتمر الشعبي العام (حزب صالح) بالحكم والوزارة  بعد عام 2011م(مناصب فتات), في الوقت الذي كانت فيه وما زالت القضية الجنوبية بعيدة عن أي حل سياسي عادل, وفي الوقت الذي كان  فيه الجنوب أيضا -بمن فيه بالطبع كثير من كوادر الاشتراكي- يتعرض لأشد أنواع التعسف والحيف, ودمه ينزف بطول البلاد وعرضها.

 

كم كنتُ وما زلت أتمنى على الدكتور ياسين وبحكم ما تمتلكه كلمته  من قبول ووقع كبير لدى كثير من الناس أن يغضب للجنوب -في هذا الوقت المنعطف الخطير بالذات الذي يمر به الجنوب وقضيته- ولو بذات القدر من الغضب الذي حظي به حزب الإصلاح. حزب الاصلاح الذي كان وما زال يمثل نصف الظلم منذ عام 94م. وكُـل الظلم الذي طال الجنوب وطال الحزب الاشتراكي منذ انطلاق مؤتمر حوار صنعاء , على اقل تقدير زمني. فما زلتُ أتذكر  ومعي كثير من الجنوبيين عبارات الدكتور ياسين وهو يتحدث عن النتيجة التي خلص إليها مؤتمر الحوار الوطني بصنعاء وبالذات فيما يتعلق بالشأن الجنوبي, بقوله:  ((..أن القضية الجنوبية قد جرى شطبها بصورة كاملة من الحوار.. ومشروع الستة الأقاليم لا يحل القضية الجنوبية بل يحل الحراك الجنوبي... وهناك قوى  تملي شروطها على الرئيس هادي)). أنتهي الاقتباس.

إذاً فمَــن هي هذه القوى التي كانت تملي على الرئيس هادي شروطها لتمرير مشروع الستة الأقاليم غير حزب الإصلاح؟  ومَــن وقف وما زال وراء مشروع الستة الاقاليم  الذي عارضتم أنتم بالحزب الاشتراكي ومؤتمر شعب الجنوب  بشكل مشرف تمريره  واستمتم ببسالة خلف مشروعيكما (دولة اتحادية من اقليمين بحدود 90م ) غير حزب الإصلاح ومعه للأسف الرئيس هادي والمملكة السعودية ؟.

ومع ذلك لا نود منكم سيادة السفير إن كنتم عازمون على التعرض للشأن الجنوبي إلا أن تنظروا للصورة بكل جوانبها وابعداها, وبتحرر تام من قيود المنصب وربقة الشراكة السياسية والحزبية ودون الحكم على الأمور بأثر رجعي.

ولكم  رحيق التقدير وخالص الود.

صلاح السقلدي –عدن