صلاح السقلدي يكتب:
هل حان وقت التصالح السعودي الإيراني في اليمن؟
ومن هؤلاء الكُتّاب الصحافيين يظل الصحافي البارز واللصيق بشدة من صناع القرار في السعودية، عبدالرحمن الراشد، هو أكثر هذه الأصوات ثقة وحظوة عند ولدى دوائر الحكم، وكتابته وتصريحاته التي يبدو لنا بعضها بأنه خارج سياق الإعلام الرسمي، هي ليست كذلك أبداً، فلا مجال في هذا الإعلام للرأي الآخر حتى يجلعنا نظن أن هذا المقال وهذا الرأي يعبّـر عن صاحبه لا عن الوسيلة الإعلامية التي تنشره.
رسائل مزدوجة
ثم يضيف أن «ما احتمالات انفتاح الرياض على إيران؟ كما أوردت سلفاً، فالعلاقة مع واشنطن استراتيجية والثقة بإيران كجار مسالم معدومة، لكن يبقى هامش المناورة دائماً متاحاً دون القفز على المصالح العليا. قد تكون لدى طهران رغبة في إصلاح العلاقة مع السعوديين لأسباب لا علاقة لها بأزمة خاشقجي، فقد اكتشفت طهران أنها في الوقت الذي تريد فيه أن تكسب فيه سوريا أصبحت مهددة بأن تخسر العراق كما بينت نتائج الانتخابات الأخيرة، وإن الحرب في اليمن رغم قسوتها وتكاليفها لم تمنح طهران ما كانت تحصل عليه من حماس في غزة أو حزب الله في جنوب لبنان. فإن أراد الإيرانيون أن يحصلوا على حل في اليمن، فإنه ربما هذا هو الوقت المناسب دون أن يتوقعوا أن يحصلوا حتى على نصف انتصار. شيء من الشراكة لحليفهم الحوثي في المشروع السياسي ممكن بناؤه في اليمن في مشروع الحل الموعود... عادة في السياسة تخلق الأزمات الفرص، وإيران المحاصرة تعرف ذلك وسبق لها واستفادت من غزو صدام للكويت بالتقارب مع السعودية، لكن محنة السعودية مؤقتة ومدة صلاحيتها محدودة».
صندوق بريد اليمن!
لا شك أبداً أن الرياض بمثل هكذا رسائل وتسريبات تنشرها على شكل مقالة أو تصريح أو حتى تغريدة عبر قنواتها الإعلامية الضخمة كالتي وردت بمقالة الراشد، فقد أرادت «المقالة» أن تبعث برسالة مبطنة لواشنطن التي رأت فيها الرياض بأزمة خاشقجي أنها قد خذلتها وخيّبت أملها، بل وتتعمد إذلالها بهذه القضية وتمعن بابتزازها وتركيعها عبر صحفها الكبرى كـ«الواشنطن بوست» وعبر أعضاء بالكونجرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي وهي حليفتها الوفية في الشرق الأوسط بوجه إيران.
فالكيل السعودي من الابتزاز الأمريكي ومن الخطاب المتغطرس والمهين الذي يتعمّده ترامب ودوائر أمريكية أخرى تجاه المملكة قد طفح، وبدأ التململ والسخط يتجلى شيئاً فشيئاً. وللتدليل على صحة ما نقوله، فهذا مدير قناة «العربية» تركي الدخيل، المقرّب من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي ذهب بعيدا بتهديداته باستخدام النفط كسلاحٍ بوجه العالم أجمع، حيث كتب مقالة قبل أيام في موقع «العربية نت»، تعليقاً على التهديديات الأمريكية بفرض عقوبات على السعودية بسبب مقتل خاشقجي، جاء فيها: «سنكون أمام كارثة اقتصادية تهز العالم، فالرياض عاصمة وقوده وقد لا تلتزم بإنتاج 7.5 ملايين برميل نفط يومياً، وإذا كان سعر 80 دولاراً (للبرميل) قد أغضب الرئيس (الأميركي دونالد ترامب)، فلا يستبعد أحد أن يقفز السعر إلى 100 و200 دولار وربما ضعف هذا الرقم».
جردة حساب سعودية؟
وبالتالي، فإن السعودية بحاجة إلى أن تفتح صفحة جديدة في سياستها مع دول الإقليم، بالذات مع إيران انطلاقاً من اليمن، وهي المملكة التي تعثّرت كثيراً بالرمال اليمنية الرخوة المتحركة، وابتلعت كثيراً من مالها وبشرها.
وعلى إثر قضية خاشقجي وما تلاها من تداعيات واهتزاز في الحلف الذي يضم السعودية وحلفائها التاريخيين، هل تشرع الرياض صوب مصالحة شاملة مع إيران كما بدأت تخطو صوب سوريا وقبلها في العراق؟ لكن نجاح هكذا تطلّع سعودي يتوقف على مدى صموده في وجه الضغوطات والتهديدات الأمريكية والغربية عموماً، ومدى تعافي العقل السياسي السعودي من حالة «فوبيا إيران» التي استحكمت بالعقل السياسي السعودي منذ قرابة أربعة عقود.