انور الصوفي يكتب :
المسؤول في بلادي لا يستقيل إلا إذا قادوه بأذنيه!!!
أضرب المعلمون ولم يلتفت لهم أحد، ولم يقدم أحد من المسؤولين في وزارة التربية والتعليم استقالته احتجاجاً على ضياع مستقبل جيل بأكمله، وانقطعت الكهرباء، وطال انقطاعها، ولم يقدم أحد من المسؤولين استقالته، واستهدفت مقار ومنصات ومصالح الدولة، ولم نسمع عن أحد يلمح حتى مجرد تلميح بتقديم استقالته، أزهقت الأنفس، وانتهكت الأعراض، وقُتٍل الأبرياء ولم نرَ مسؤولاً واحدا يقدم استقالته.
في بلاد الكفار لو مس حياة المواطن أي شيء خرح الوزراء والمسؤولون يقدمون استقالاتهم، وفي أقل الأحوال يعتذرون لشعوبهم، أما نحن في بلاد السعيدة لا يقدم المسؤول استقالته إلا إذا قادوه بأذنيه، كما فُعِلَ برؤساء هذا البلد الجريح.
في بلادي كلما زاد وجع الشعب تمسك المسؤولون بمناصبهم، وكلما جاع الشعب، زاد المسؤولون غنى، فهذه المعادلة لا توجد إلا في بلدنا، نحن لا نريد ثورات، ولكننا نريد من كل مسؤول أن يثور على ذاته، ويلوح باستقالته لتردي الأوضاع، ولتحكم غيرنا فينا.
اليوم ضُرِبَت أهم قاعدة عسكرية، ولم نسمع عن تقديم أية مسؤول لاستقالته، وأهم منشأة في الوطن وهي مصافي عدن يشب فيها الحريق، ولم نسمع عمن يقدم استقالته، بل لم نسمع عن تقديم إفادات عن هذه الفوضى التي تجتاح البلاد، ومركزها الجنوب، وعدن بالذات، فهل سمعتم عن مسؤول قدم استقالته؟
المسؤول في بلادنا لا يقدم استقالته بل أنه يستميت في الدفاع عن منصبه، إلا لو تم إغراءه بمنصب أرفع، وأسمن، وإلا فإنه سيدافع عن منصبه حتى يبقى أو يُقاد بأذنيه، ليرموا به بعيداً عن هذا المنصب، أما السجن، وأما القبر.
الأحداث التي مرت بها البلاد جديرة بأن يقدم المسؤولون استقالاتهم، خاصة وأن البلاد تمر بأشياء غريبة وغريبة جداً، فهنا قتل ولا ندري من القاتل، وهناك سجناء ولا ندري أين السجون، وتدمير مصالح حكومية، ومؤسسات دولة ولا ندري من الفاعل، وتفجير مقرات وقاعدة عسكرية والفاعل مجهول، فمن يقتلنا، ويخرب بلادنا، قولوا لنا وإلا فقدموا استقالاتكم.
شابت رؤوسنا ونحن في دورات العنف ندور، تطحننا الحروب والصراعات، ولم نعتبر، العالم من حولنا يتقدم ونحن خطوات للخلف، ونحن سادة العالم وبناة الحضارة نتناحر فيما بيننا، فطمع فينا المترهلون، وأرادوا التهامنا، وتقسيم بلادنا بينهم ككعكة العيد.
أيها المسؤولون قولوا لنا من يدمر بلادنا، وإن لم تستطيعوا البوح بذلك فرجاء قدموا استقالاتكم، وريحوا وارتاحوا، وسلامتكم.