انور الصوفي يكتب :
أيها الجنوبيون ... عن أي دولة تبحثون ؟
الجنوب محافظات ست، حدودها معروفة، ومديرياتها مسماة بمسمياتها المتعارف عليها. من يحكمها؟ ومن يدير شؤونها؟
لا أعلم بشخص جاء من خارجها، ليحكمها، فالمحافظون، والوكلاء، ومدراء الأمن، ومدراء العموم كلهم منها، وقادة الألوية منها، رئيس البلاد منها، كذلك نائب الرئيس ورئيس الحكومة إلى عهد قريب منها، نواب رئيس الوزراء منها، وزير الداخلية منها، ماذا عساني أذكر لكم من المناصب؟!!!
الجنوب تنقصها الحكمة، ويزداد لديها الكره، والبغض لبعضهم بعضاً، يتنامى بين أوساطهم الحسد. لو فتح الله على أحدهم جعلوه حديث المجالس، ولو أسقاهم الماء بالعسل، الجنوب تأكل كوادرها، ورموزها.
فشل الجنوبيون عندما نجح الآخرون، سُلمِت لهم الدولة، وسُلمِت لهم المحافظات الجنوبية كلها عن بكرة أبيها، ففشلوا في قيادة محافظاتهم، لأنهم تعودوا على أن يحكمهم غيرهم، فتنافسوا على البسط، وازدهرت لصوصية البسط على أراضي الدولة، وعلى الجمعيات السكنية، حتى البحر كبسوه، وبضاعتنا كلها جنوبية خالصة، ولكنها بضاعة أما فاسدة، أو أنها لما تنضج بعد.
عن أي شيءٍ تبحثون عنه، أيها الجنوبيون الأفاضل؟
عن المناصب، هاهي بين أيديكم، والسلطة كلها ترتسم في وجوهكم، عن أي وطن تبحثون؟ هل تبحثون عن الدولة الفاضلة، أم عن أي شيءٍ تبحثون؟
لملموا فشلكم، واعترفوا بخيبتكم، أتعلمون لماذا فشلتم في قيادة محافظاتكم، رغم قلة السكان فيها؟ ألا تدرون لماذا فشلتم؟
سأسرد لكم أسباب الفشل، وأهمها أنكم رأيتم هذه المحافظات أكبر من مقاسكم، ولأنكم تنامون وتصحون وأنتم تحلمون بالبسط، والادخار في البنوك، والوطن لا يدخل في قاموسكم إلا على سبيل الألقاب، فشلتم لأنكم تكرهون بعضكم، ويحسد بعضكم بعضاً، ويقتل بعضكم بعضاً، وتحاولون تغييب الآخر، لأنكم تحبون أن تكون قيادتكم من غيركم، حتى أنكم قد أرتضيتم أن تكون زعاماتكم بعد الوحدة من خارج محافظاتكم، فقلبوا سجلات أحزابكم بعد الوحدة، فستجدون قياداتكم شمالية خالصة، وزعاماتكم الدينية شمالية خالصة، حتى محافظيكم كانوا من خارج محافظاتكم، لهذا تعودتم على قيادة غيركم لكم، ولهذا فشلتم في قيادة محافظاتكم عندما سُلمت لكم، لأنكم مازلتم غير مصدقين أنكم أصبحتم أنتم المسؤولين عنها، فخبتم في قيادتها، وفشلتم فشلاً ذريعاً، لهذا عم تبحثون؟ أتبحثون عن الجنوب؟ هاهو بين أيديكم، وأنتم حكامه، أتبحثون عن سلطة؟ هاهي قد سُلمت لكم، فهل ستعطونها حقها، أم أنكم ستخلدون في قصوركم، وفللكم، ثم ستخرجون لتحصد مماحكاتكم الأبرياء من أبناء الشعب.
أيها الجنوبيون: الدولة الاتحادية والمكونة من أقاليمها الستة عدل بالنسبة لكم، فلقد تحقق لكم جنربكم الذي كنتم تنشدونه، فابنوه، ولا تنجروا نحو زرع الخلافات، فالجنوب لم يعد يحتمل خلافاتكم المدمرة، ويحتاج لاتفاقكم، ويحتاج منكم لأن تصدقوا أنه وطنكم وأنكم قد أصبحتم حكاماً له، سننتظر لعلكم تفيقون من سكرتكم، وتصدقون أنكم أصبحتم قادة الجنوب، لعلكم تستطيعون تنميته، والرقي به، وإلا، فاتركوه وشأنه، وسلامتكم.