حسام عبد الحسين يكتب لـ(اليوم الثامن):
سياسة التجويع ومستقبل جماهير إيران
تستمر الولايات المتحدة الأمريكية بفرض العقوبات الأقتصادية على إيران، وتنظيم حملة إعلامية ودبلوماسية لتبرير عقوباتها وتحركاتها العسكرية، بحجة وجود تهديدات لمصالحها وأمن قواعدها وسفاراتها في المنطقة من قبل إيران.
إن الضغوط التي تمارسها أمريكا على إيران من أجل الحصول على التنازلات في الملف النووي اولا؛ والملف العراقي والسوري وحزب الله آخرا، والاهم الملف العراقي، الذي يهتم برئاسة الوزراء، والحشد الشعبي، والقواعد الأمريكية، والطريق الذي يربط بين إيران وسورية، واللعب في الورقة الكردية، والتبادل التجاري والسياحة الدينية. إضافة الى التركيز على ما طرحه الرئيس الصيني "شي جين بينغ" سنة ٢٠١٣، الخاص بتشكيل طريق واحد يمر بإيران والعراق وتركيا ثم الى أوربا عن طريق سكك حديد، إضافة الى الطرق البحرية والجوية، حيث يربط ٦٥ بلدا في ثلاث قارات مختلفة؛ وبدون إيران سوف يقطع هذا الطريق أمام الصين، لذا أمريكا ليس لديها خيار بخصوص ضرب اقتصاد الصين الا بالضغط على إيران، كأحد أهدافها. ومن أهدافها أيضا خنق التحركات الروسية الأمنية والعسكرية.
هذا ديدن أمريكا في تعاملاتها الدولية، وتنصيب نفسها كمدافع أول لحقوق الأنسان، لذا هذا الصراع هو صراع تنافس عالمي بين الولايات المتحدة الامريكية وبين الصين وروسيا اللذان يقفان بجانب إيران.
الملفت للنظر دائما؛ من أعطى الحق لأمريكا كي تكون صاحبة الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الأنسان في العالم، وهي صاحبة إلقاء اول قنبلة نووية في هيروشيما، وأحتلال العراق وتدميره اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وعسكريا، وأحتلال فيتنام وتدميرها، وتدمير سورية وليبيا واليمن، وتدمير منطقة البلقان، وتدمير أمريكا اللاتينية وبلدانها.
هناك مأزق دخلت به الولايات المتحدة الأمريكية جعلها في حيرة من امرها؛ اولا: أمريكا تخشى ان لا يحقق الحصار الاقتصادي أهدافه فتسجل نقطة فشل ضد سياسية ترامب. ثانيا: أمريكا تحتاج إيران قوية عسكريا كي تمتص عن طريقها أموال الخليج. ثالثا: وبنفس الوقت هي مطالبة خليجا واسرائيليا بضرب إيران.
وعليه خطابات ترامب وتغريداته غير متزنة ومنظمة.
لذا يجب ان تقف الجماهير (الجماهير وليس الحكومات لان الأخيرة في كل البلدان منحنية لأمريكا) بقوة ضد الحصار الاقتصادي على الشعب الإيراني، لان المتضرر الوحيد منه هو الشعب من أطفال ونساء ورجال، ولا يتضرر الساسة بالمطلق، كما كان الحصار على العراق حيث الجوع ونقص الأدوية والتغذية وموت أكثر من مليونين طفل، والهجرة بحثا عن رغيف خبز عن طريق البحث عن العمل بشروط غير ادمية وأنسانية في البلدان المجاورة، والمئات من الأسر ضحت بأطفالها، وتطورت معها عمليات الإنتحار بسبب فقدان الأمل بالحصول على فرصة عمل او الحصول على طعام والفوارق الطبقية، ولو لا هذا الحصار والحروب والغزو وأحتلال العراق، لما تسلط الفاسدون والسراق واللصوص على رقاب شعب العراق، ولما تحول العراق الى ساحة للتصفيات الدولية. كذلك على الجماهير ان تكون ضد تصفير تصدير النفط الإيراني، وضد حالة التحركات العسكرية ميدانيا من ارسال الأساطيل واعلاميا.
يجب توحيد وتقوية شعوب الشرق الأوسط في صف أممي واحد، ليكون صوتا موحدا وحركة قوية، لفهم سياسة التجويع والإفقار والبطالة وقلة الخدمات الحياتية كالكهرباء و الماء الصالح للشرب ومياه الصرف الصحي والتعليم والتربية والضمان الصحي... وبيع كل هذه الخدمات والزام المواطن لشرائها عن طريق إشتراكات شهرية، ومن ليس معه المال ليس بامكانه ان يشتري لا الصحة ولا الكهرباء ولا التعليم ولا الماء، كما هو حال الشعب الإمريكي. كذلك على الشعوب فهم دساتيرها وقوانينها التي أدت الى تقسيم الإنسان لفوارق طبقية بكافة المجالات، لخلق التفرقة والإضطهاد داخل صفوف المجتمعات.
وعليه.. الأستمرار بفرض العقوبات الاقتصادية الهدف منه تدمير الشعب الإيراني اجتماعيا وثقافيا وماليا، لان فقر وتجويع الشعوب يؤدي الى الجهل والتشذرم والضعف، وهذا ما تريده الرأسمالية العالمية.