أسعد الموسوي يكتب لـ(اليوم الثامن):

العراق: دولة المنافقين أم المصلحين ؟!

أن يكون المرء كافرا أهون من كونه منافقا، لان الأولى علاقة المرء مع ربه أما الثانية فهي علاقة الإنسان مع مجتمعه، وعليه فإن النفاق أشد إثما من الكفر، لذلك المنافقون في الدرك الأسفل من النار، كما ذكر ذلك القران الكريم .

  كان مقتدى الصدر كافرا بالعملية السياسية بعد التغيير عام 2003 وهو ما دعاه الى تشكيل حكومة خاصة به شبيهة بالحكومة التي شكلها داعش وأسس جيشا خاصا به أسماه " جيش المهدي "  وحرم المشاركة في التصويت على الدستور العراقي لذلك تعرضت كثير من مراكز التصويت الى هجمات أرهابية راح ضحيتها العديد من الابرياء، ثم ما لبث أن أعلن إيمانه ليتحول الى منافق سياسي بعد أن تلقى ضربة موجعة بعد أحداث النجف.

    طوال مشاركات التيار الصدري في الحكومة كان ينال حصة الاسد من المنكان المناصب الحكومية بسبب سياسة المراوغة والخداع وعدم الالتزام بإتفاقية مع أي طرف حتى لوكان حليفا إستراتيجيا، فسياسة التيار الصدري إعتمدت على وضع قدم في الحكومة وأخرى في المعارضة، وخلط الاوراق إعلاميا عن طريق الصراخ والتباكي على الوضع السياسي والاجتماعي للمواطن العراقي، وإفتعال أزمات طالما هددت وجود الدولة العراقية، فالتيار كان الطرف الشيعي الاكثر تطرفا من بعض الاطراف السنية المتشددة.

مرة أخرى جاءت صفعة قوية لهذا التيار ( المنافق ) في عمليات صولة الفرسان التي قادها السيد نوري المالكي مدعوما من القوات الامريكية في أكثر من تسع محافظات عراقية قام خلالها هذا التنظيم المتطرف بقتل كثير من الابرياء وحرق الممتلكات العامة وتجرأ على المراقد المقدسة للشيعة، محاولا الإستيلاء عليها، على الرغم من حصوله على مناصب حكومية كبيرة إستغلها للقيام باعماله المتطرفة، فلا أحد ينسى وزارة الصحة العراقية التي تحولت الى مصلخ بشري!

    مستغلا دعما إقليما شرقيا مرة وغربيا مرة أخرى تصاعد نفوذ هذا التيار في مفاصل الدولة، وسيطر على كثير من الوزارات وتغلغل نفوذ انصاره في المناصب الحكومية بحصوله على آلاف الدرجات الوظيفية، وتحول فصيله المسلح جيش المهدي الى " سرايا السلام " مستغلا محاربة داعش وإستلامه لقاطع سامراء وجعلها منطقة عسكرية خاصة بسراياه، وإستيلائه على معمل سكائر سومر في بغداد وتحويله الى أكاديمية عسكرية خاصة به، لكن ذلك لم يمنع مقتدى الصدر من ركوب موجة الإصلاح التي طالبت بها الجماهير الكادحة وإستغلاله لمشاعر الفقراء، فنصب خيمته في الخضراء وجعل انصاره يقتحمون البرلمان العراقي، والنتيجة مزيد من المناصب الحكومية والأموال التي وضعت في حقيبة  " الجكسارة " وهي تغادرالمنطقة الخضراء، ووعود للعبادي بإنتخابه لرئاسة الوزراء مرة أخرى.

  جاءت انتخابات عام 2018 وتصدر تحالف سائرون نتائجها، نتيجة دعوات الإصلاح الزائفة التي أعلنها، وإحجام الناخبين عن المشاركة في الإنتخابات، مما رفع نسبته من المقاعد البرلمانية، جعلته يكون صاحب القدح المعلى في تشكيل الحكومة إبمناصبها، وجعلت قياداته تتصارع فيما بينها للظفر بالمناصب والإمتيازات والأموال الكبيرة التي توفرها، متناسية شعارات الإصلاح الزائفة، ساعية الى تكوين إمبراطوريات مالية، إستحوذت على مفاصل إقتصادية مهمة مسخرة إياها لمصالحها الشخصية، مدعومة بقوتها العسكرية التي يهابها الجميع، إبتداء ممن هم في السلطة وصولا الى المواطن البسيط.

    بلا شك إن السبب الرئيسي لإنتشار الفساد بين قيادات التيار الصدري بهذه الصورة الكبيرة هو إن هذا التيار يتصرف دائما كدولة داخل الدولة، فهو لم يؤمن بالدولة الجديدة منذ تشكيلها، وما دخوله فيها إلا نفاق سياسي لغرض الحصول على المكاسب والأموال، والسيطرة على المناصب الحكومية التي توفر له السلطة والمال، دون أن يردعه قانون أو يحاسبه أحد.