صلاح السقلدي يكبت لـ(اليوم الثامن):
إلى الرويشان.. بين يوليو الأمريكي ويوليو اليمني ثمة شبه وتطابق
بمناسبة عيد استقلال الولايات المتحدة الأمريكية 4يوليو، كتبَ وزير الثقافة اليمني السابق الاستاذ\ خالد الرويشان منشوراً: بعنوان " أمريكا المحظوظة " حفلَ المنشور بعبارات الإشادة بذلك اليوم، وبمفردات الثناء على موقف الرئيس الأمريكي حينها "ابرهام لنكولن" من الحرب التي دارت بين ولايات الشمال الأمريكي وجنوبه في الأعوام ( 1861 م- 1865م )، ولكنه تناسى الحديث عن ذكرى حرب 7يوليو 1994م – حرب الشمال والجنوب- باليمن مع أنه حدث يهم الرويشان أكثر مما يهمه استقلال أمريكا, سيما وقد عايش تلك الحرب "النكبة" عام 94م والتي بالمناسبة انتهت بنفس شهر الثورة الأمريكية ولم يفصل بينهما سوى ثلاثة أيام فقط ، مع العلم أن الحرب الأمريكية عام 1865م تتشابه وتتطابق مع حرب 94م باليمن الى درجة كبيرة على الأقل بـــ (ثنائيتها: شمال –جنوب ، والانفصال والوحدة ،وانتصار الشمال وهزيمة الجنوب )ولكنه عوضاً عن ذلك ذهب ليسقط حرب شمال أمريكا وجنوبها بما هو حاصلً اليوم وليس بما حدث عام 94م.. ولحاجة في نفسه تجاه الإمارات العربية المتحدة ذهب بعيدا عن ذكرى يوليو اليمنية وطفقَ يكتب كحاطب ليل...ومما قاله عن الثورة الأمريكية:
((تخيّلوا لو كانت الإمارات جارةً للولايات المتحدة الأمريكية،لكانت صنعت حزاما أمنيا لفصل شمالها عن جنوبها كما فعلت في اليمن! ولظل نصف الشعب الأمريكي عبيداً..فبسبب الإصرار على نظام العبودية وفوز لينكولن بالرئاسة سنة 1860 وتعهده بتحرير العبيد أعلن جنوب الولايات المتحدة الانفصال عن الشمال في 1861،واندلعت الحرب الأهلية المدمرة بين الشمال والجنوب وتجاوز عدد الضحايا 750000 ضحية على الأقل لكن إرادة الإتحاد انتصرت بعد 4 سنوات من الحرب والتدمير والقتل,انتصر الاتحاد وتم تحرير 4 ملايين عبد في جنوب الولايات المتحدة.في اليمن ، وعلانيةً ، يتم استعباد ملايين الأحرار،وفي القرن الواحد والعشرين))،أنتهى كلامه.
حسنا، سنتجاوز موضوع إقحام اسم الإمارات هنا -فقد أضحت موضة,- ونسأل الأخ الرويشان : طالما وأنت تتحدث عن مأساة اليمن اليوم وعن عبث الإمارات بالجنوب، ألا ترى أن من المنطقي القول أن هذا الوضع هو نتاج طبيعي لحكم 33سنة من القهر والتسلط والاستعباد لملايين اليمنيين بمن فيهم بالطبع الجنوبيين؟ وأن لولا ذلك النظام الذي كنتَ أحد أصواته واسواطه لسنوات طويلة لما آلــ الوضع باليمن الى هذا المآل الموحش، ولما أتت الإمارات ولا غير الإمارات إلى هنا ولما تشكلت أحزمة لا في الجنوب ولا في الشمال ، ولما ظهرَ في الجنوب انفصالا ولا في الشمال أنصارا؟ ثم ألا ترى أن المنتصر الشمالي باليمن هو سبب نكبة الشمال والجنوب معا، حين عمد رئيس النظام ورجاله - وأنت أحدهم - الى أساليب القهر والاقصاء والتمنطق بمنطق "هزمانكم يا شراذم"، دون أن يجد أمامه من رجُــل ناصح يعيده الى جادة صواب الرئيس ابرهام لنكولكن.وقبل هذا وذاك ألا ترى أن صمتكم سنوات طويلة هو جزءاً من المأساة التي تكورت فوق رؤوس الجميع، خصوصا وأنكم كنتم تعرفون جيدا خافي الأمور وباديها...طبعا ألستم وزيرا للثقافة ذات زمن؟ لا تقل لي أنك كنت بعيدا عن السياسة وأن لا علاقة لك بالحديث عنها وأنت ترى أصناف الظلم والمظالم ،فالصمت يكون جريمة حين يكون لابد من الكلام.
ثم وأنت تشيد بحكمة لنكولن بالتعاطي مع الجنوب الأمريكي المهزوم,- وهو فعلاً رئيسا حكيما ويستحق الاشادة والاقتداء به-ألم تسأل نفسك طيلة ربع قرن بعد نكبة يوليو 94م لماذا غابت عن رئيسكم هذا الحكمة الأمريكية طالما وانت تعرف قدرها ونبلها، وبخلت عليه بالنصيحة إن كنت تتحلى بشيء من الشجاعة أمام رئيس صلف. ولماذا لم تكن أنت على الأقل لنكولن الثقافة ؟.وهل تنفع صحوتكم المتأخرة هذه بعد فتوات الأوان بشيء؟.. أشك ،فثمة مقولة تقول : شرُّ الرأي الدُبري.
وهل تعرف لماذا الولايات الجنوبية الأمريكية لم تنزع نحو المطالبة بالاستقلال ولم تغرق ببحر الضغينة ضد شمال البلاد مع أنها كانت الطرف المهزوم بتلك الحرب؟ الإجابة ببساطة: لأن ولايات الشمال لم تتعامل معها كطرف مهزوم أو تشعرها بذلك الشعور أبدا ولم تنهب ثرواتها ولم تسطو على أرضها وإرثها أو تتعدى على خصوصيتها أو تطمس هويتها, بل أن كثير من القوانين التي سُـنت غداة تلك الحرب كانت تراعي الى أبعد مدى الطرف الجنوبي الى درجة أن شعر هذا المهزوم وكأنه المنتصر ,بل أن رئيس الولايات المتحدة الذي خلف الرئيس لنكولن بعد اغتياله هو جنوبي الانتماء الرئيس: " جونسون" - من ولاية كارولينا، وهي واحدة من الولايات التي أيّدتْ مع باقي ولايات الجنوب الانفصال عن الشمال عام 1861م-, ولم يتشبث الشمال المنتصر بالرئاسة كما فعل صاحبكم الذي لم يخرج من قصره إلّا الى قبره، أو بالأحرى الى ثلاجة الموتى – مع اعتذاري لهذه العبارة-.
خلاصة :القضية الجنوبية ومطالب الشعب بالجنوب ستظل باقية الى أن يعود الحق لأصحابه، ويعود السادرون بغيهم إلى رشدهم، لأنها قضية سياسية وطنية عادلة موجودة من قبل قدوم الإمارات وستظل حتى يتم حلها حلاً عادلاً بصرف النظر عن موقفكم من الإمارات وخصومتكم معها...وتذكر يا عزيزي أنت وممن يتخندق بخندق المكابرة أن الولايات الشمالية الأمريكية ورموزها قد حبّبوا الوحدة في قلوب الجنوبيين الأمريكان فبغض هؤلاء الجنوبيون الانفصال وأحبوا الوحدة, أما في يمن ما بعد 94م فقد بغّــضَ الشماليون الوحدة في قلوب الجنوبيين، فبِــغض الجنوبيون الوحدة وأحبوا الانفصال. فشتّان بين الثرى والثريا.
ولله عاقبة الأمور.
*صلاح السقلدي