عن القائد الجنوبي محمد علي أحمد
الجنوبيون اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى الى تكاتف وتلاحم وأن يقتربوا من بعض، وان ينسوا خلافاتهم، التي اظهرتهم ضعفاء امام العدو الآخر.
الجنوب اليوم بحاجة الى الكثير من القيادات الجنوبية التي لعبت دورا كبيرا في مسيرة شعبنا حتى خرج يقاوم الاحتلال العسكري للجنوب، وابرز تلك القيادات القائد الجنوبي البارز محمد علي أحمد الذي قد يتفق معي الكثير من ابناء الجنوب حول هذا الرجل في انه القادر على وضع حد للتيه الجنوبي الحاصل، والانبطاح الذي بات سمة الكثير من القيادات الجنوبية مع الاسف الشديد.
الوطن بحاجة اليوم إلى محمد علي أحمد، وكذلك الرئيس هادي بحاجة إلى هذا الرجل، وأعتقد (بل أجزم) ان هادي يثق ثقة كبيرة في رفيقه ابن علي، ولكن ربما هي الخلافات البسيطة التي جعلت كل واحد يكابر عن الآخر في حين انهما بحاجة لبعض أكثر من اي وقت مضى.. وهذه وجهة نظري قد أكون مخطأ فيها.
لست متعصبا، ولم افكر في يوم ان اكتب بتعصب مناطقي لطرف ما.. ولكن سأورد هنا بعض الحقائق عن القائد الجنوبي البارز محمد علي أحمد، الذي يحظى بحب واحترام كبيرين من جميع ابناء الجنوب، والجميع يشيد بمواقفه منذ حرب العدوان الأولى.. وحتى لا يقول البعض أني ألمعه.. ففي العام 1986م، خرج محمد علي أحمد من عدن مجبرا اثر الحرب التي اندلعت بين قيادات الحزب الاشتراكي اليمني ودفع الجنوب ثمن ذلك الصراع باهظا.. مع الرئيس ناصر والرئيس هادي وقيادات أخرى.
ظل محمد علي أحمد لاجئا في صنعاء، وكان من أشد المعارضين للوحدة اليمنية، وحين شعر باستعداد نظام صالح اجتياح الجنوب، عاد إلى عدن ووقف سدا منيعا ضد الغزو اليمني الشمالي ووقف ضد من خرج معهم من عدن، لأن الجنوب عنده أكبر من اي خلافات او حتى صراعات داخلية.
قاتل ابو سند قتال الابطال وغادر عدن آخر قيادي بعد ان طوقت القوات الغازية كل نواحي العاصمة.
خرج ابو سند الى الخارج وكان الجنوب همه الأول والأخير، والجميع يعرف بيانات محمد علي احمد الرنانة التي كانت الصحف في عدن تخاف من نشرها وكانت توزع منشورات ورق في الجنوب.. وللأمانة فقد كانت تلك الرسائل الصادقة تمثل حافزا كبيرا لمن عاشر المراحل الأولى للحراك الجنوبي.
في العام 2007م، اقرنت معرّفي في احد المنتديات الالكترونية بصورة القائد محمد علي احمد، ليس لأنه من قبيلتي ولكن لإيماني بصدق وبسالة هذا الرجل.
كنت استمد قوتي من شجاعة هذا الرجل وصدقه، مع انه حين عاد لم اذهب له ولم اتقرب منه لمصلحة شخصية ابداً..
وقبل هذا يعرف الجميع وخاصة من عاصر مرحلة ما قبل الوحدة، كيف جعل محمد علي أحمد من أبين قطعة فريدة، ينصدم اليوم بين من يقارن بين أبين في عهد محمد علي أحمد وأبين حاليا المدمرة التي اضحت خرابا، وأهلها يقتلهم الجوع والفقر، وباتت صفة (شي عيشة) تقال لهم، تعبيرا عن احتياجهم.
بعد الاحتلال العسكري الشمالي للجنوب، اعتقد محمد علي أحمد ان الجنوب لن يعود الا بتسوية سياسية مع اليمني الشمالي تكون كلفتها أقل من كلفة عسكرية أخرى..
عقد محمد علي أحمد مع الرئيسين ناصر والعطاس وقيادات أخرى مؤتمر القاهرة 2011م، الذي اقر ان يتم وضع نظام فدرالي بين اليمن والجنوب، وشددا على أهمية وحدة اليمن الشمالي والجنوب، تلقى محمد علي أحمد وعودا من هادي بان عليه المشاركة في مؤتمر الحوار اليمني من أجل تنفيذ مخرجات مؤتمر القاهرة، على ان تقر تلك المخرجات في مؤتمر صنعاء.
عاد بن علي وعقد سلسلة لقاءات كانت كفيلة بان يلتف حوله الكثير من القيادات الجنوبية التي تثق في ابو سند، لكن الرئيس هادي سرعان ما اختلف مع محمد علي احمد، وهو الخلاف الذي ادى الى انسحابه هو ورفاقه وابرزهم رجل الاعمال الجنوبي الصريمة.. احتجاجا على رفض المتحاورين خيار الفدرالية من إقليمين والتي يعدها الشمال بانها تؤسس لاستعادة دولة الجنوب السابقة.
حذر من الحرب في وقت مبكر وقال ان شعبنا لن يخرج منتصرا من الحرب، لأنه كان يدرك الصراع الاقليمي على اليمن والذي ليس في حساباته قضية الجنوب مطلقا.
ومع ذلك طلب محمد علي احمد من قيادات مؤتمر شعب الجنوب وأولاده (جلال وعدنان) الانخراط في معركة الدفاع عن عدن والجنوب، وكان في طليعة تلك القيادات أحمد قاسم الشعوي، واستشهد سبعة من حراسته الشخصية في الحرب واصيب نجله عدنان محمد علي أحمد في شقرة بأبين خلال تحرير محافظة أبين.
انتهت الحرب ولم يقل اولاد القائد محمد علي احمد نريد نصيبنا من الكعكة التي يتصارع عليها اليوم الكثير من الدخلاء على المقاومة الجنوبية، بل عادا الى ممارسة عملهما، لانهما كما رباهما والدهما " يؤمنون ان الوطن للجميع وان الدفاع عنه مسؤولية الجميع".
جبهة خور مكسر تعرف جلال محمد علي احمد، واعتقد انه قد يغضب لأني كتبت عنه ذلك، لكن هذه كلمة حق.
اقسم بالله انه لا تربطني اي مصلحة شخصية، ولكن الجنوب اليوم يتقسم، امام مرأى ومسمع الجميع من القيادات التي كانت تؤمن بان مشروع الفدرالية من اقليمين خيانة كبيرة، وها هي اليوم باتت تنساق نحو مشروع تقسيم الجنوب، بدعوى دولة اقليمية من ستة اقاليم، لكن في الحقيقة لن يتقسم الا الجنوب اما اليمن الشمالي فلن تطبق فيه ابدا، بل ان مشروع تحريره من الحوثيين واتباع صالح كذبة كبرى، واقسم انه لن يحصل اي تحرير، بل ان الشماليين سوف يجعلون السعودية تكدس كل اسلحتها في صنعاء، لما بعد الحرب.. لانهم يدركون ان حربهم تكمن في الدفاع عن مركزهم المقدس الذي يرون انه يجب ان يحكم كل اليمن وليس اقليم ازال.
مشروع الدولة الاتحادية من ستة اقاليم، وجدت لضرب مشروع استعادة دولة الجنوب وإلى الابد.. والا قولوا لي على ماذا يتصارع اليمنيون الشماليون.
مؤتمر الحوار جاء على اساس معالجة قضية الجنوب، واعتقدت نخب الشمال ان اي محاولة عسكرية لاحتلال الجنوب (اخماد الحراك) لن يكتب لها النجاح وسوف تزيد من تعقيد الوضع أكثر، وانه لا حل الا بتقسيم الجنوب وتفتيته.
وقد فشلت محاولة صالح والحوثيين احتلال الجنوب عسكريا، الأمر الذي دفع نخب اليمن الشمالي نحو الاصرار على تطبيق مشروع الدولة الاتحادية من ستة اقاليم.
وهذا دليل على ان الحرب ضد الانقلاب لم تعد تهم اي طرف في شمال اليمن، بقدر همها لعملية تقسيم الجنوب وتفتيته.. وابسط دليل انها تتحدث عن مشاريع تفتيت الجنوب اكثر من حديثها عن انهاء الانقلاب.
رسالة الى الرئيس هادي.. انت تتحمل مسؤولية كبيرة والمشروع الذي تصر على تطبيقه في الجنوب خطير جدا، ويؤسس لمشاكل كبيرة، انت تقسم الجنوب لكن لن تستطيع تقسيم الشمال الذي يتحد أكثر من اي وقت مضى، حتى وان صور لك البعض انهم معك ومع الشرعية، فما هو حصل هناك مجرد سيناريو هزيل لمعارك وهمية هدفها الحصول على دعم سعودي متواصل، والا اين هي المناطق التي حررها من تراهن عليهم اليوم.
سيادة الرئيس.. بادر انطلاقا من مسؤوليتك كرئيس الى دعوة القيادات الجنوبية وسماع وجهة نظرهم على الاقل في ما يخص قضية بلادهم، فالمكابرة لن تنتج الا المزيد من الدمار والخراب للجنوب، وانت ابن الجنوب، وتعلم ان الجنوبيين رفضوا مخرجات مؤتمر حوار صنعاء التي يتأكد يوما عن أخر انها لن تطبق في الشمال قبل الجنوب.
اقترح واتمنى على الرئيس هادي ان يبادر ويوجه دعوة إلى رفيق دربه محمد علي احمد وان يلتقيا وتتصافى النفوس ويبدآن مرحلة جديدة من العمل الوطني للجنوب والشمال، عنوانها الحفاظ على وحدة الشعبين الجارين، فالشماليون هم اشقاء لنا في الاول والأخير ولا بد ان نصل معهم الى تسوية تنهي كل التوتر وتزيل الحقد الذي زرعه النظام اليمني في نفوس بعض القوى الشمالية تجاه الجنوب، وان يدرك الشماليون ان الحروب التي يشنونها ضد الجنوب عبثية ويجب ان تتوقف، لأن الجنوبيين ليسوا عدوا لهم مطلقا.
وكفى.
#صالح_أبوعوذل