فضل الاجتماع والتحذير من الفرقة والاختلاف
إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله – صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين – أما بعد :
الإسلام يدعو إلى الاجتماع ونبذ الفرقة
فإن من عظمة هذا الدين الإسلامي الذي رضيه الله لعباده أن جاء بالاجتماع ، فقد جاء الإسلام بهذا المعنى العظيم ، بل وجعل من الضروريات أن يجتمع الأفراد والجماعات والشعوب تحت مِظلة واحدة ، هي مظلة الإسلام ، بل شرع شرائع ، ونظم عبادات من أجل هذا الهدف النبيل ، وهو الاجتماع ، فشرع لنا أن نصلي خمس صلوات في اليوم والليلة في بيوت الله من أجل أن نجتمع ، فشرع صلاة الجماعة وأوجبها على الذكور من البالغين القادرين من أجل أن يجتمع المسلمون .
كما شرع صلاة الجمعة من أجل هذا المعنى ، فجعل صلاة الجمعة اجتماعا أوسع من الصلوات الخمس التي تؤدى في المساجد في أحياء ، وفي مساجد متفرقة في البلد الواحد ، ثم جعل اجتماعا أكبر وهو صلاة العيد ، وأوسع من ذلك الاجتماع في عبادة الحج ، كل ذلك يريد الشارع أن يجتمع الناس ، لأن في الاجتماع أهدافا سامية ومقاصد نبيلة ، نتعرف عليها في آخر حديثنا – إن شاء الله – تعالى – .
لااجتماع إلا تحت مظلة الدين
إن الإسلام علمنا أنه لا اجتماع إلا تحت مظلة هذا الدين العظيم ، فمهما اجتمعنا تحت مظلة أخرى ، فإن هذا الاجتماع سيكون اجتماعا صوريا ، أو شكليا ، لا يؤتي ثماره ، ولا يدوم ولا يستمر بمعنى أن الاجتماع تحت مظلة لون ، أو عرق ، أو إقليم ، بلد أو ما شابه ذلك مع وجود الظلم والعنصرية لا يدوم طويلا ولا يستمر كثيرا ، أما الاجتماع تحت مسمى هذا الدين فهو الذي يدوم ، وهو الذي يبقى ، وهو الذي يؤتي ثماره ويكون في بركة ومصلة وقوة للبلاد والعباد.
الاجتماع على ولاة الأمور
كما أن من الاجتماع أن نجتمع على من ولاه الله أمرنا ، يجب أن نجتمع عليه ، وأن نسمع ونطيع في المنشط والمكره ، وألا ننازع الأمر أهله ، حتى لو رأينا التجاوز والظلم والخطأ ، وهذا فيه نصوص كثيرة ، لو تكلمنا عنها لطال بنا المقام ، لكن نذكر مثالا ، وبالمثال يتضح المقال .
فعن عوف بن مالك – رضي الله عنه – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : « خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ، ويصلون عليكم ، وتصلون عليهم ، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم ، وتلعنونهم ويلعنونكم » . قيل : يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف ؟ فقال : « لا ما أقاموا فيكم الصلاة ، وإذا رأيتم من وُلاتكم شيئا تكرهونه فلا تنزعوا يدا من طاعة ))
وجاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني))
. فمنابذة ولاة الأمر ، والخروج عليهم من أعظم أسباب الفرقة ، وإنما أهلكت الأمم الخالية بفرقتها ، فالفُرقة من أعظم أسباب الهلاك .
ما أحوج كثيرا من النقاد الذين يخرجون بالكلمة على ولي الأمر ليس حبً لله ولا نصح للمسلمين وانما لانه يعمل لصالح الحزب الفلاني او الجهة الفلانية الى مثل هذه الآحاديث ، فكم من أمة هلكت بسبب خروجهم على أئمتهم رقتهم .
الفرقة والاختلاف من أهم أسباب هلاك الأمم وزوالها
فالفرقة والاختلاف من أهم أسباب هلاك الأمم وزوالها ، وهي السبب الرئيس في ذَهاب هيبتنا ، وزوال بيضتنا ، لا شك أن التفرق يضعفنا شيئا فشيئا حتى تذهب قوتنا ، وولي الأمر الذي نجتمع عليه هو الذي في عنقنا له بيعة ، وهذا يجب أن نسمع له ونطيعه .
وقد وردت أحاديث تؤكد على هذا الأمر ، لأنه لا جماعة إلا بإمام ، فلا يتصور جماعة بدون ولي أمر يسوسهم ، ويقيم الحدود فيهم ، ويجمعهم على الصلاة ، وعلى الحج ، وما إلى ذلك ، فلا يمكن أن تجتمع الأمة إلا بإمام ، ولا إمام إلا بسمع وطاعة ، إذ لا يتصور إمام إلا أن يسمع له ويطاع ، فإذا عصي فلا إمام .
ولما كان الأمر بهذه المنزلة أدخله الأئمة في كتب العقائد ، ومن هذه الأحاديث حديث عبد الله بن عمر – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : « منْ خلعَ يدًا منْ طاعةٍ لقيَ اللهَ يوْمَ القيامةِ لاَ حجةَ لهُ ، وَمنْ ماتَ وَليسَ في عنقهِ بيعةٌ ماتَ ميتةً جاهليةً.
وعنْ عرْفجةَ – رضي الله عنه – قالَ : سمعتُ رَسولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – يقولُ : « منْ أَتاكمْ وَأَمرُكمْ جميعٌ على رَجلٍ وَاحدٍ ، يرِيدُ أَنْ يشقَّ عصاكمْ ، أَوْ يفرِّقَ جماعتكمْ ، فاقتلوهُ )) . لأنه سيفرق جماعة المسلمين
فوائد الاجتماع
أما عن فوائد الاجتماع فهي كثيرة ومهمة جدا ، خاصة في هذه الظروف التي تعيشها بلادنا من تفرق واختلاف بين ابناء البلاد الواحد في الجنوب في كثير من الأمور ، وذلك بسبب عدم تحقيق ما يريده هذا الدين العظيم من الاجتماع ، لأننا لم نفهم سبب صلاتنا مجتمعين ؟ ؟ كل ذلك لأن الدين يريدنا أن نجتمع على قلب رجل واحد ، فمن فوائد الاجتماع:
1- أن الاجتماع يساعد البلاد على مواجهة التحديات ، فنحن إذا اجتمعنا نستطيع أن نصمد أمام التحديات العصرية ، ولن تستطيع البلاد أن تواجه هذه التحديات إلا بالاجتماع .
2- القضاء على العصبية القبلية
3- القضاء على ما يحاول أن يفعله اعداء الدين والوطن من الحوثيين والعفاشيين من تفريق كلمة ابناء الدين والبلد الواحد ، وجعلهم فرقا وأحزابا ، فنحن إخوة ، وإن كان هذا من عدن ، وهذا من ابين ، أو الضالع ، أو يافع ، أو خصرموت، أو من أي محافظة ، فالذي يجمعنا هو الإسلام حبنا لله حبنا للوطن، لا الأماكن ، ولا القبائل ، ولا العصبيات ، ولا غير ذلك .
4- تحقيق البركة ، فالاجتماع فيه بركة في أمور الخير كلها ، حتى في الطعام ، فقد جاء بعض أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – فقالوا : يا رسول الله ، إنا نأكل ولا نشبع . قال : « فلعلكم تفترقون » . قالوا : نعم . قال : « فاجتمعوا على طعامكم ، واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه » . فالاجتماع فيه بركة حتى في الطعام ،
5- أنه يخيف الأعداء ويلقي الرعب في قلوبهم ، وهذا يذكرنا بقصة الأوس والخزرج لما كانوا متفرقين متناحرين كانوا في ضعف ، فلما جاء النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة النبوية وجمعهم أصبحوا قوة ضاربة في الجزيرة العربية ، ومن هنا شع نور الهدى ، وانتشر الإسلام ، وهاب الناس هذه الأمة المتآلفة المتحدة .
6- طرد الشيطان وإغاظته ، لأنه لا يحب الاجتماع ، وهو عن الاثنين أبعد ، كما جاء في الحديث : « ما من ثلاثة في قرية ، ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان ، فعليكم بالجماعة ، فإنما يأكل الذئب القاصية » . يعني أن الذئب إذا انفردت الماعز ، أو الضأن أكلها ، فإذا كانت في جماعة ضعف عن ذلك ، فكذلك الإنسان إذا اجتمع مع إخوانه ، فإن هذا يضعف الشيطان .
خـــاتــمـــة:
فدين الله دين الاجتماع والخير ، فإذا خرج الناس عن هذا الدين إلى الآراء الهدامة ، والأفكار المنحرفة تفرقوا شيعا وأحزابا ، وصار بعضهم عدوا لبعض ، يكفر بعضهم بعضا ، ويفسق بعضهم ويتكلم بعضهم على بعض ويتهم بعضهم بعضا.
فانا انصح إخواني في جنوبنا الحبيب المحرر حكومة ً وشعباً ان يتركوا الخلاف والشقاق والفرقة و يتحدون يدً بيد لمصلحة ابناء بلدهم وتنفيذ حقوقهم ومطالبهم.