د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):

بعيدًا عن الإسلام.. الملالي وصناعة الإرهاب تحت غطاء الدين

 منذ أكثر من أربعة عقود، يرفع النظام الإيراني شعارات دينية، متدثرًا بعباءة الإسلام وراية آل البيت، بينما تكشف ممارساته اليومية عن تناقض صارخ مع جوهر الدين الحنيف وقيمه القائمة على العدل والمساواة والرحمة. لقد حوّل نظام ولاية الفقيه الدين إلى غطاء أيديولوجي لتثبيت سلطته داخليًا، وتوسيع نفوذه خارجيًا عبر دعم الميليشيات وإشعال الصراعات، متبنيًا نهجًا يقوم على الفاشية الدينية التي تستغل العقيدة كأداة حكم وقمع.

شرعية هذا النظام قامت على استخدام الإسلام كأداة سياسية، حيث أفرغ النصوص الدينية من مضمونها وأخضعها لتأويلات انتقائية تخدم بقاء السلطة. وباسم الدفاع عن القيم الإسلامية، أسس منظومة قمعية يقودها الحرس الثوري والبسيج، تستهدف المعارضين وتفرض قيودًا تمييزية على أساس المذهب والجنس، في وقت يواجه فيه المجتمع الإيراني تدهورًا اقتصاديًا حادًا وفسادًا ماليًا وسياسيًا متجذرًا، بينما تستأثر النخبة الحاكمة بالثروات.

أما الانتماء إلى آل البيت والمذهب الجعفري، فقد تحوّل في خطاب الملالي من رمز للوحدة والعدل إلى أداة للتعبئة السياسية، إذ حصر النظام المذهب في سلطة سياسية طائفية، وأقحم أتباعه في صراعات إقليمية أضرت بسمعتهم عالميًا، وأفقدت المذهب استقلاليته التاريخية القائمة على الاجتهاد والحوار. لقد شوّه النظام صورة الإسلام والمذهب الجعفري عبر سياساته القمعية وتدخله في الحروب الإقليمية، ما رسّخ في أذهان قطاعات واسعة من الرأي العام العالمي صورة مغلوطة تربط الدين بالعنف والطائفية.

وفي مؤتمر عقدته المقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق في واشنطن، تم عرض معلومات موثقة عن الهيكلية القيادية للإرهاب داخل النظام الإيراني، والدعوة إلى اتخاذ خطوات حاسمة لمواجهة إرهاب الدولة، من بينها إغلاق سفارات وممثليات النظام ومراكزه الخارجية، وإدراج الحرس الثوري ووزارة المخابرات على قوائم الإرهاب، وملاحقة وطرد العملاء والمرتزقة، وفرض عقوبات شاملة من قبل الأمم المتحدة والدول الأعضاء. وقد شدد المشاركون على أن أربعة عقود من التنازلات الدولية مكّنت النظام من التمدد، وأن الوقت قد حان لمحاسبة دبلوماسييه الإرهابيين ودعم الشعب الإيراني ومقاومته الديمقراطية في نضاله المشروع ضد الفاشية الدينية.

بعد أكثر من أربعة عقود على قيامه، يواجه نظام الملالي أزمة شرعية داخلية وخارجية متفاقمة. فالدين الذي رفعه شعارًا لم يكن سوى وسيلة للهيمنة، والمذهب الذي ادّعى الدفاع عنه أُقحم في مشروع سياسي ضيق، والإرهاب الذي رعاه بات سمة ملازمة له. إن مواجهة هذا النهج لم تعد خيارًا سياسيًا فحسب، بل ضرورة أخلاقية لحماية قيم الإسلام الحقيقية وصون الاستقرار الإقليمي.