ضيف الله الصولاني يكتب:
المرحلة الثانية من الصراع والدور المصري
تتميز الجماعات العقائدية ( ذات الإيدلوجيا الدينية ) بكل اصنافها ومسمياتها وبكل بقاع انتشارها ،تتميز كما عرفناها وقرأنا عن تاريخها بطول الانفاس في مواجهة خصومها ، وبالممارسات الذكية الغير مباشرة في نشر سمومها وتغلغلها في اوساط الطبقات المجتمعية ، وبالمكر والخداع والمرونة في تعاملات قادتها مع الملفات السياسية ومع التعقيدات التي تواجهها جراء الضغوطات الواقعة عليها ، كما انها تجيد ومن خلال برامج منهجية مدروسة عملية التأقلم مع جديد المعطيات ، والمناورة اثناء تفاعلاتها مع محيطها من خلال خُطط وتكتيكات تعتمدها لإدارت الاحداث والصراعات المختلفة التي ترتبط باولويات مهامها وتطلعاتها لتحقيق اهدافها ، ولا تضخيم من جانبي في هكذا توصيف وان لم يتحقق لها كل ما تريد إلى اللحظة لاسباب لا مجال لسردها وقد تزول في الفترات القادمة ..
أن الحرب الاخيرة التي تشنها الجماعات الارهابية اليمنية على الضالع والتي مضى عليها إلى الان قرابة 4 أشهر ويتوقع مراقبون طول أمدها ، إنما كانت بحسب تقديري بمثابة تدشين المرحلة الثانية من صراع الجنوبيين ومن خلفهم ( السعودية والإمارات ) مع هذه العصابات الخبيثة ومن يقف خلفها ، هذا الفعل العدواني الآثم كان واضح وفق قرائتي المتواضعة للمشهد بانه محسوب على إستراتيجيات الاقطاب التي تتعدى حدود جغرافيا الإقتتال ، وهو إرهاب لا يبرهن حقيقة السلوك العدواني لهذه الجماعات ضد اوطاننا وعروبتنا باسم الدين والسياسة فقط بل ويؤكد بُعد الصراع الراهن وأهميته المصيرية في حسابات الدول التي تتبنا هذه الجماعات الإرهابية التي ابتلت بها شعوب أمتنا العربية ..
إلى ذلك كله نستطيع القول ايضاً بأن مؤشرات تدشين المرحلة الثانية لم تكن وليدة اللحظة في منهجية ( جماعة اخوان الإرهاب ) وإنما كانت واضحة جلية من لحظة إنطلاق عاصفة الحزم في مارس ٢٠١٥م ومن طريقة تأييدها لها والذي لم يحصل إلا بعد مضي اكثر من 20 يوم على إنطلاقتها ، وكذلك من من خلال اساليب إدارتها لجبهات الحرب وملفاتها السياسية والاعلامية وإستنزافها للتحالف مالياً وعتاد والخ ولحسابات كانت ولا تزال اخطر وأعمق مما اعتقد ويعتقد الكثيرين من قادتنا الطيبين بمن فيهم ( قادة التحالف ) والتي أظهرت وبجلاء تام خلال سنوات الحرب قشورية لا متناهية بكافة خطط إدارتها للصراع بشقيه العسكري والسياسي ما أدى إلى ما نحن فيه من وضع كل يوم يزداد تعقيد ..
السؤال:
هل من مراجعة حقيقية لدور وخطط السعودية والإمارات لكل الموجود على ارضنا تفضي إلى إعادة صياغة رؤية ومنهج أكثر ملاءمة وملامسة للواقع بالاستفادة مما قد سبق أم اننا سنظل امام إستمرار مسلسل القشور والغباء إلى آخر بلاطة ؟ !
نتمنى ان نرى مراجعة عميقة تقود إلى جعل ( مصر العربية قائد ورائد ) للقطب العربي في مواجهة اطماع وحروب وإرهاب الاخر ، نقول ( مصر ) لإعتبارات كثيرة منها على سبيل المثال خبرات قادتها ومؤسساتها العريقة الكبيرة والواسعة في مجال مكافحة جماعات الإرهاب ولإرثها الضخم سياسياً وعسكرياً واعلامياً كدولة كبرى ولعلاقاتها الدولية المتقدمة .