د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

وطني ينزف دما بأيدي أعدائه وأبناؤه !!

وطني الجنوب العربي جراحاته راعفة تنزف دما لم تندمل ولم تتوقف منذ العام 1967م ضحاياه من أبنائه ورجاله وأطفاله ونساؤه ..وصراعاته مريرة
وطني نهشت فيه كل السباع والضواري ، وأدمت جوانبه وشردت أبناءه وضيعت حدوده. بين طاغية وطاغية يولد طاغية، وبين مجرم ومجرم يولد آخر باعوك يا وطني بثمن بخس وقبضوا الثمن وهم يدعون أنهم أبناؤك رسموك لوحة دامية قاتمة لا شمس فيها ولا ظلال ولا نور .. لوحة سوداء مظلمة ..هكذا رسموك وفق مصالحهم لا يهمهم مستقبلك ولا كرامتك ولا شرفك ولا رقاب أبنائك فهم يريدون سوقك بسيوف الجلادين إلى سوق النخاسة في باب اليمن من جديد ليبيعوك من جديد هكذا رسموا صورتك يا وطني وكتبوا بجانبها للبيع !!
كتبوها بحروف سوداء كقلوبهم مبعثرة كعقولهم .. لا يستدل بها على تاريخك الناصع الأشد بياضا من السحاب الأبيض والأنصع من القطن والأشرف من الشرف لوثوها بدماء أبنائك فجعلوها حمراء تنزف دماً وتعج بالفوضى. يتسيّد فيها كل جاهل مستبد. يخشى من العلم وينفر من الحرية والنور ...ويخاف من العدل لأنه وأمثاله من النخاسين ولدوا مستعبدين لا يعرفون قيمتك .. ولا يقدرون ثمنك ولم يقرؤوا تاريخك !!.
أنت يا وطني حكاية مؤلمة، كل فصل فيها يروي فاجعة ويسرد قصة حزينة تخاف من كل ابتسامة، وماتت الابتسامة والضحكة على أرضك .. تعيش في أحضان المرض والجوع والفاقة والحزن والألم، تعشق الصوت الشجي واللحن الحزين، تعيش الغربة وأنت بين أحضان تضاريسك وبحارك ، حتى أرضك تأبى أن تبقى ساكنة فهي تفجر الأعاصير والغضب في وجه الطغاة ويعلو موجها في بحر العرب ويأبى السكون ..ويرسل عواصف عاتية ورياح شديدة دائمة وعبوس مستمر ضد كل الغزاة على مر العصور!!ّ
وطني أشعلوا فيك الحرائق وأكلت نيران البغي جوانبك وأطرافك حتى أصبح نهارك قاتما وأمسى ليلك مظلماً متشحاً بالسواد ونازفاً بالدماء، الخراب يعم كل الأرجاء وناعي الموت في كل حـــي وشــارع ينادي هل من مزيد، وأحلام الطـــــفولة هرمت باكـــراً ويأتي العيد والبيوت لا ماء ولا نور ولا ملابس للعيد ..ورائحة الدم واليتم والفجيعة تضرب أطنابك وفقدان الأحبة في حروب مستمرة لا ناقة لهم فيها ولا جمل وما عاد للطفولة معنى في وطن كل مـــعانيه قتل وتهــجير وظلم واغتيال وسجون وفساد وأصبح العقلاء المعتدلون الباحثون عن الحق والحافظون للكرامة الوطنية والاستقلال علامة فارقة بين الناس ودمائهم يبيع ويشتري فيها الخونة وهم غرباء في أوطانهم شاذين في تفكيرهم، يخون الصادق ويصدق الخائن!!
هذا وطني وهذه حكايته. حروفه ومعانيه مبعثرة وهو غارق أو في طريقه إلى الغرق في فوضى خلاقة وأفكــــار هدامة. أبـــناؤه يعيشون بين قريب يبيع ويشتري في دمائهم وبعـــيد يسحقهم ويدفن أحلامهم دون رحمه وأصبحوا .. بين طاغية يسومهم الخسف والقتل والتـــهجير والإفقار، وقريب يدعي القربى ولا يختلف عن كل طاغية من الطغاة، شعاره القتل والتخوين والإبعاد ويريد فناء هم ويرث ديارهم !!.
وطني ما يجري اليوم في عدن مأساة دامية لا أدري كيف أصفها و بأي قصيدة أرثيك .. وبأي معنى أصفك فيها ؟ ماذا يمكن بعد ذلك أن أقول لك؟ هل صحيح أنا منك يا وطني أم أنا غريب لا أنتمي إليك ؟ عنواني يقول أنني منك ، وحقيقة الأمر ليس لي فيك وجود، فأنا غريب بين الغرباء، وما أقسى أن يعيش الإنسان غريباً في وطنه، كل ما فيه ماض مؤلم وحال مؤلم ومستقبل مجهول .؟؟؟!!.
تبعثر الوطن وتبعثرنا معه. يقوده شلة من المرتزقة باعوا ضمائرهم من أجل المال والسحت الحرام ..وكتبوا عليه الفناء والخراب. تنازعوا أرضه وماله وخيراته، وقذفوا بأبنائه إلى غياهب السجون أو أقاصي البلاد، أو ساموهم الذل والهوان وكتبوا عليهم الشقاء والخذلان..
كل واحد منهم يدعي أنه محرر أو مخلّص أو منقذ وهو لا يختلف عن أخيه في شيء. أجندته خارجية وضحاياه أكثر من أعدائه، من خالفه أو عانده أو حاججه فمصيره مصير كل خائن عميل مرتد أو هكذا يحكمون!!
وطني يريدون تكبيله بالأغلال والسلاسل والحديد وسوقه عنوة باسم الشرعية والحفاظ على الوحدة التي ماتت في القلوب ..يريدون جره وسحبه إلى باب اليمن ليدخل قسرا في طاعة الولي الفقيه دهقان إيران وعبدها الذليل وخادمها الذي باع نفسه من أجل المنصب والجاه والمال وليحكمه فهل ينجح في ذلك ؟؟ نقول هيهات له ذلك ..وماذا فعل الشماليون ؟ وكيف تعاملوا معه ؟؟!!
يبدو أنهم استكانوا للعبودية وتعودوا عليها منذ ألف عام !!
دول التحالف العربي فتحت لهم خزائنها وأرسلت فلذات أكبادها في البر والبحر والجو ويقاتلون معهم ليلا ونهارا!! فماذا فعلوا معهم ؟؟
فعلوا معهم كبني إسرائيل عندما خاطبهم النبي موسى وقوله تعالى عنهم "
قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24)
هؤلاء الذين سلبهم الحوثي كرامتهم وديارهم وأموالهم ونسائهم وأبنائهم ولا زالوا رهائن بيده وهم منبطحون في مأرب يعلفهم التحالف كما يعلف الأبقار حتى سمنوا وترهلوا وفقدوا لياقتهم وكرامتهم ...وأبناء الجنوب يقاتلون مع التحالف نيابة عنهم على طول الساحل الغربي من باب المندب حتى الحديدة ويقاتلون عنهم في صعده والبقع والجوف والحد الجنوبي وهم يمضقون القات ظهر كل يوم ويسترخون !!
والأدهى والأمر أن عصاباتهم تفرض الأتاوات و تتقطع للمسافرين الآمنين على خط الوديعة – عتق ويسلبونهم أموالهم ويقتلونهم !!
...جيوش جرارة لا تحرك ساكنا في نهم وغيرها وعيونهم على الجنوب يتآمرون عليه و يريدون استباحته من جديد ولكن هيهات فدونه المهج والأرواح ..أما الخونة من الجنوبيين فهم لكم مناصفة أنتم في الشرعية والحوثي أما الأحرار من أبناء الجنوب فهم من سيواجهكم في ميادين القتال وسترون العجب العجاب على أيديهم والجنوب اليوم في حماية أبنائه ودونه خرط القتاد والموت الزؤام.
د. علوي عمر بن فريد