د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
الشيخ محسن محمد بن فريد في ذمة الله
رحل عن الدنيا الفانية أخونا وصديقنا الشيخ محسن محمد أبوبكر بن فريد بعد صراع طويل من المرض يوم أمس ولا يوجد أصعب من فراق الأحبة.. يرحلوا ويتركوا في القلب ندبات لا يزول أثرها حتى وإن توالت الأيام ومرت السنون.. بدونهم يبكي القلب ويجف بُكاء العين فما أصعب ذلك حين تبحث عن مدامعك فلا تجدها! تبحث عنها كي تُطفئ بها جذوة الاشتياق ولهيبُ القلب المشتعل.. تبحث عنها لتخفف وطأة الألم وحدّته على نفسك ولكنها تأبى النزول فتظل تحترق ويحترق قلبك إلى أن يصبح رماداً.
رحل محسن كما رحل الغوالي مثله وقبله وتركوا ذكراهم تحيط بنا من كل جانب وكأنهم يبعثوا لنا برسالة تقول :
"ألا تنسونا.. اذكرونا دوماً نستحق هذا منكم اذكرونا في صلاتكم في دعواتكم لا تذرونا فُرادى"
أهم لا يعلمون أن كل نفسٍ نتنفسه يُذكّرُنا بهم أهم لا يعلمون أن خيالهم يحيط بنا أينما حلَلنا أهم حقاً لا يعلمون أننا نحن من نستأنس بهم أننا نحن من نعيش على ذكراهم.
الفراق حديثه الصمت وعندما يفيض بنا يكون لسانه الدموع لا ندرى أنبكى عليهم أم نبكى على أنفسنا القلب كان ملكاً لهم هم ولكن عند فراقهم يصبح القلب فارغاً باهتاً كأنما هو متعلق بهم وحدهم وكأن الأرواح كانت متصلة بحبل من الوداد فانقطع ذاك الحبل فجأة فتمزقت قطعة من روحك فتتقيد بألم كبير وحزن لا يفارقك أبداً .. تغيب شمس الأحبة عن سمانا فيصبح الكون كلّه ظلامٌ دامس، يصبح الكون كله من دون ألوان وملامح أو أصوات، لم يعد سوى صدى أصواتهم ترنّ في أذانِنا، لم نعد نرى سوى صور. وجوههم، لم نعد نتذكّر سواها، لم نعد نتذكر سوى نظرات أعينهم عند وداعنا.
لم يكُونوا في حياتنا شيئاً عابراً لننساهم بهذهِ السلاسة وكأنهم لم يكونوا يوماً، لم يكُونوا حلماً عابراً، هؤلاء هم من دمعت أعيننا لأجلهم هؤلاء هم من رُسمت ضحكاتنا في وجودهم وهؤلاء هم من سجدنا ندعو الله ألا يفارقونا يوماً، بسماتهم كانت شفاءً للنفس كانت بهجة للروح عندما تفقد بهجتها كانت تعيدك للحياة من جديد وتجعلك في أعلى قمم السعادة هؤلاء هم من قضينا عمرنا بجانبهم فكيف لنا أن نتحمل رحيلهم؟!
وأكثر ما يُدمى القلب أننا كنَّا لا نستطيع البوح بذلك وتركناهم يرحلوا دون أن نخبرهم كم أن الحياة بدونهم غربة وكم أنهم كانوا سُكناً لأرواحنا التائهة..
الفراق هو القاتل الصّامت، والقاهر الميت، والجرح الّذي لا يبرأ.. ورغم كل هذا كل ما ينبغي علينا هو الصبر رغم لحظات الضعف التي تلاحقنا من حينٍ إلى حين.. لكن لا نستطيع النسيان مطلقاً مهما بذلنا ولكن الصبر هو خير ما يمكننا فعله أو هو كل ما يتوجب علينا فعله فقد يكون فراقهم بلاءً يختبر الله به صبرنا فإن صبرنا نرقى به إلى مراتب الصابرين ولكن تمر على الإنسان لحظات يشعر فيها بالضعف.
عندما تشعر بالهوان اجعل هذه الآية نصب عينيك "وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ" اجعلها تملأ فؤادك وترويه بماء الصبر واليقين اصبر واحتسب كل ذاك الألم عند الله واعلم أن الله سيعوضك بلقائهم في جنات النعيم .
د . علوي عمر بن فريد