د. علوي عمر بن فريد يكتب:

صديقي المثقف يعاتبني

بواسطة  رسائل خاصة عبر الواتس اب  يعاتبني فيها وينتقدني على بعض الآراء التي أطرحها في مقالاتي ورغم الخلافات والتباين في الرؤية والتحليل التي تظهر في مواقفنا المتعارضة  أحيانا من بعض الأحداث لما يجري اليوم في بلادنا  إلا أننا لا نقسو في العتاب على بعضنا .. ولا يصل خلافنا إلى المشاحنة أو المقاطعة  لسبب بسيط هو أننا لسنا من محترفي السياسة و ليست لدينا مصالح خاصة أو ولاء آت    تجبرنا على الانحناء للآخرين ... وليست لدينا  طبول وحراب وأكياس على ظهورنا نطوف ونتسول  بها  كبعض أصحاب الأقلام والألسنة الحادة !!
ولسنا  كمن ينشد القصائد لمدح أصحاب السلطان والجاه ويقنع بما ناله منهم من فتات  
نحن من عامة الناس وقد من الله علينا بالقناعة فلا نتطلع لجاه ولا مناصب ولا أموال ونعيش مستورين ولكننا لا نسكت عن الباطل وما يجري في بلادنا يدمي القلوب  !!
والسؤال هو :
هل يمكن للحياة الإنسانية أن تمضي من دون صداقات إنسانية  أو عواطف حتى على صعيد الحياة السياسية أو خارجها ؟؟!!
 عند بعض الفلاسفة :  العواطف جوهر الحياة والصداقة القلب منها، حتى إن تراكمت أغلفة البراغماتية السياسية، فمن دون المشاعر نضحي روبوتات حرفيًّا، ننتظر غيرنا ليبرمجنا كي نقوم بأفعال ميكانيكية. الأمر الآخر الذي ينبغي الإشارة إليه هو أن الاختلاف لا يجب أن يعني بالضرورة والحتمية التاريخية الكراهية أو العداء للآخر، وعليه فالذين قالوا بفكرة الحوار كأحد أسس العلاقات الدولية في ثوبها القشيب، خلصوا إلى أنها بداية الطريق لصداقة تجنب العالم والدول والأفراد كثيرًا من المتاعب،إلا أن من يزعمون أنهم قيادات سياسية في بلادنا لا يؤمنوا بذلك !! ولا يهمهم أن تعود على الشعوب بالخير والنفع الكثير،  وقد عودتنا تلك  القيادات  السياسية أنها  تستجلب العداء لشعبها، نتيجة سلوكياتها وممارساتها السياسية الخاطئة.!!كما يحدث دائما في الجنوب لا يسوي البعض خلافاتهم إلا إذا سالت الدماء أنهارا!!؟؟ .....وأنا وصديقي ليس لنا في العير ولا في النفير والذي جمعنا سويا منذ الشباب هي أحلامنا التي كنا نرسمها للمستقبل في أن تصبح بلادنا مزدهرة وآمنة مستقرة ولكن هيهات فقد  تردت بلادنا في  هاوية سحيقة  بفعل قصر نظر من تسلطوا عليها وباعوها في سوق النخاسة والشعارات الزائفة  بسعر التراب ولم تنهض حتى اليوم من سقطتها وانتكاستها !!
يقول صديقي :
   ما يهم هو التركيز على موضوع الجنوب الذي يتشظى وعلى القبائل التي تستأسد على بعضها البعض تحت أي يافطة كانت وعلى المنحى الذي تتجه إليه بلادنا في صراع أهلي لا ناقة للشعب فيه ولا جمل ...وعلى التفكير الخاطئ بان السياسة هي العنف والسلاح وان البلاد لن تصلح إلا بهذا الأسلوب الذي حتى أمريكا الدولة العظمى بدأت في التخلي عنه، فكيف بالبدو في جنوبنا الحبيب الذين يقتلون بعضهم البعض ويقهرون ويعذبون شعبهم على غير هدى.؟؟!!
 منذ الاستقلال جربنا العنف والسلاح فلم يجد نفعا والطرف المنتصر يغدو مهزوما في صراع عبثي لا ينتهي حول المدن إلى قرى والشعب إلى أمي وجائع.
أما من عقل رشيد ؟؟! أين من أوردوا البلاد المهالك  وقادوها إلى هذا المستوى ؟!!
أين القادة الذين كانوا يحكمون الجنوب وقد انكفئوا على ذاتهم ؟!!
أليس من واجبهم التنادي في هذا الظرف العصيب الذي تمر به البلاد والشعب و هم قد اثروا من السياسة ؟!!.
البلد اليوم بحاجة إلى السياسة الناضجة والى العقل الرشيد وليس إلى السلاح وقد تعاهد الجنوبيون على عدم استعماله ضد بعضهم الآخر وان ذلك محرم!!.
عد بالذاكرة إلى السيرة منذ الاستقلال واستعمال العنف وبعد كل دورة نتأسف عما حصل ولكن بعد أن وقع الفأس في الرأس.!!!
إن تناول موضوعات كهذه أمر حيوي يسهم في الإصلاح ويجلب لصاحبه عملا صالحا يثاب عليه فهل تفعل؟؟!!
وأرد على صديقي بالقول : لا أملك عصا سحرية لأغير واقع الحالة المزرية في بلادي ..ولن يستمع لي  أحد !! فالأغلبية تبحث عن المصالح والمناصب ولا زالت الدولة العميقة في صنعاء تفعل الأفاعيل بأبناء الجنوب لقد مسحت ذاكرة البعض وليس الكل ولكن هذه القلة هي المتنفذة والمتحكمة والمهيمنة على الأغلبية وقد باعت واشترت في الأرض والإنسان منذ العام 1994م ولا زالت حتى اليوم !!
واستطاع كهنة صنعاء  اللعب على حبال المناطقية وإذكاء الصراعات القبلية والحزبية في الجنوب حتى تمكنوا منهم وسرعان ما حولوا بنادقهم نحو إخوانهم من القبائل الأخرى واستدعوا ثارات كليب وداحس والغبراء وأيام الجاهلية وتشظوا وانقسموا وذابوا في قلاع الكهنة ولم يحصلوا إلا على الفتات من خيرات الجنوب وأصبحوا بيادق يحركها أعداء الجنوب كيفما يشاء !!
أذلوا أنفسهم وأسقطوا مكانتهم وتحولوا إلى جواسيس ضد أهلهم في الجنوب يقتلونهم باسم  الوحدة وهم كاذبون ..!ّ!
وبصراحة أقول لك يا صديقي لأنني أعرف معدنك ووطنيتك و نقاء سريرتك.. هذا الزمان ليس زماننا فالناس قد تبدلت أحوالهم وتغيرت نفوسهم وأصبح الوطن يباع ببرميل نفط أو حفنة من الدولارات أو منصب بكرسي دوار حتى لو جلس صاحبه عليه شهرين فحتما سيصبح في هذا العهد الفاسد من الأغنياء الذين يشار إليهم بالبنان أما أنا وأنت سنظل نروج للقيم والمبادئ والمثل العليا ومع الأسف لن يشتريها منا أحد حتى لو بدرهم قد أكله الصدأ.!!
د. علوي عمر بن فريد