د. عيدروس النقيب يكتب:

المحافظات الشرقية والصراع على جلد النمر..!

تقول الحكاية الشعبية أن مجموعة من الصيادين البريين قرروا أن يصطادوا نمراً فجلسوا يرسمون الخطة، ويوزعون الأدوار فيما بينهم ويخططون لكيفية الإجهاز على النمر ومن ثم التصرف بهذا الصيد الثمين وتوزيع فوائد العملية فيما بينهم.

 

لكنهم وقبل الانتهاء من رسم الخطة اختلفوا على مصير “جلد النمر”، فكل منهم يريد أن يكون الجلد من نصيبه نظرا لما يمثله ذلك من قيمة معنوية ومادية فكل ما عدا الجلد أقل أهمية حتى أنياب النمر ورأسه ومخالبه.

 

اختلف الصيادون وتنازعو وتبادلوا الاتهامات وتعاركوا بالأيدي وسالت الدماء وتفرق الفريق، بينما النمر ما يزال في علم الغيب، وربما لم يكونوا ليعثروا عليه حتى لو اتفقوا على من يفوز بجلده الثمين.

 

تذكرت هذه القصة وأنا أتابع النزاعات التي نشبت بين إخوتنا أبنا حضرموت وسقطرى وشبوة والمهرة الذين اجتمعوا في إحدى صالات الأفراح في مدينة الرياض لمناقشة مصير ومستقبل ما يسمى “إقليم حضرموت” وكان الكثير من القيادات الحاضرة هم ممن تنقلوا بين عدة أطياف سياسية، تارة تحت مسمى “الوطنية”، وتارة تحت مسمى “الانتصار للزعيم الرمز” وثالثةً تحت مسمى “الدفاع عن الجمهورية” وأخيرا تحت شعار “الدفاع عن الشرعية” وقد أخفقوا في كل الاختيارات في حين إن كل الأمر وما فيه تحقيق القدر الأكبر من الربح حتى لو كان الفشل يطاردهم في كل المواقف والأحايين.

 

يا أهلنا في حضرموت وشبوة والمهرة وسقطرى! لا ترهنوا مصائركم ومستقبل أبنائكم وأحفادكم بالفاشلين الذين وقفوا يصفقون لمن اجتاحوا الجنوب مرتين في 1994م و 2015م، ثم مالوا حيث مالت رياح المنفعة.

 

مستقبل المنطقة كلها والجنوب على وجه الخصوص في مكان آخر، هو ليس فلسفة الأقاليم الجوفاء المرفوضة شمالا وجنوبا والتي كانت سببا في الحرب المدمرة التي لم تتوقف منذ 5 سنوات، وتلك الفلسفة لا يدور الحديث عنها إلا لديكم ومن قبل الباحثين عن ثقب صغير ليستعيدوا منه قدراً ولو ضئيلاً من الحضور بعد أن أبعدوا من كل حضور.

 

إن كل محافظة من المحافظات الأربع تستحق أن تكون إقليماً كاملاً في دولة فيدرالية أخرى لا تدار من صنعاء ولا يتحكم في مواردها الناهبون والعابثون وسراق الثروات (وراجعوا دستور الأقاليم ماذا يقول عن الموارد السيادية والموانئ والمطارات والثروات المعدنية والنفطية وسواها)، والدولة التي نقصدها هي الدولة الجنوبية المستقلة الفيدرالية التي لا يمكن أن يتحكم بها تجار الأديان وأدعياء التفوق القبلي والعرقي والسلالي والجهوي.

 

الأقاليم عظمة جافة لا لحم فيها ولا دسم، وكل ما فيها رائحة شهية لا تسمن ولا تغني من جوع فدعوها لمن أوهمكم أنه قد قدم لكم من خلالها أثمن الكنوز وأغلى الجوائزوهو لم يقدم لكم سوى الخديعة وبالونة الفتنة التي نامت عدة عقود ثم جاء لإيقاضها. دعوا النزاع على “جلد النمر” الذي ما يزال في غياهب الغيب، وتنبهو للنمر المفترس الذي يتربص بكم جميعاً وما يزال رابضا فوق أرضكم وبين ظهرانيكم، ينهب اللقمة من أفواه أطفالكم ويخطط لاستبقاء الهيمنة على مقدراتكم إلى الأبد بحجة الأقاليم، وأنتم لا تشعرون (وربما بعضكم يشعرون)، دعو الجلد والتفتوا إلى حقوقكم المشروعة وثرواتكم المنهوبة وتاريخكم الخاضع للتزييف ومستقبل أبنائكم الذي يتحكم فيه أثرياء الحروب ومستغلو الشعوب.