د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
هل نحن خير أمة أخرجت للناس ؟ وهل نستحقها ؟!!
منذ أكثر منذ خمسه آلاف عام عاش أجدادنا العرب على رمال الصحاري الحارقة والشاسعة المترامية الأطراف والبراري الموحشة والجبال الشاهقة التي تكاد تخلو من الحياة الفطرية والنباتية اللهم إلا في بعض الأودية التي يهطل فيها الغيث وتزرع بعض المحاصيل وقامت على أطرافها حضارات سرعان ما قام بتدميرها من حولها من العربان الذين لا مهنة لهم سوى الحروب والغزوات والسلب والنهب
أقوام استوطنت في معظمها الصحارى التي لا ينبت فيها غير القلة النادرة من النباتات والأعشاب التي ترعى فيها جمالهم ..أعراب يسعون وراء المطر ويتقاتلون على موارد الماء وكل شيء مشروع في أعرافهم لا دين ولا أعراف والقوة هي سلاحهم وكل شيء مشروع في حروبهم !!
منذ قرون وأزمان سحيقة ونحن نعيش على الخرافات والأساطير و نشعل المسارج ونحرق البخور ونتوسل بالقبور ولا زلنا نؤمن بالتعاويذ والتمائم لطرد الشياطين والسحرة اعتقادا منا أنهم لا زالوا يسكنون عقولنا وقلوبنا !!
منذ قرون سحيقة لا زلنا نتدثر بالموروثات الخرافية حتى تقمصت حياتنا التي لا تحتمل النقاش والتأويل وأصبحت تماثل نصوصا مقدسة كالتي عند الأحبار والرهبان وأسرت أحلامنا وكبلت عقولنا ولا نستطيع تجاوزها ..والويل لمن حاول التمرد عليها أو الخروج من عباءتها !!
ولا زلنا نردد أشعار الجاهلية الأولى وملاحمهم ونترسم حياتهم !!
وقد من الله علينا بأن أرسل لنا خاتم الأنبياء والمرسلين ومن الله علينا بالنور والهداية وأعزنا بالإسلام وصفوة صحابة رسوله الكريم الزاهدون في الدنيا وفتحوا الدنيا وعاشوا على الكفاف وقال فيهم الحق سبحانه :
(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ 110) آل عمران.
وقال تعالى(وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (143) البقرة.
ولكن الله سبحانه أدرى بعباده وقوله الحق حين قال :
(اَلأَعَرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِه) (سورة التوبة: 97)
وقوله تعالى "قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (14)الحجرات
ولقد تجسد ذلك في حروب العرب البينية في الجاهلية والإسلام ومن ذلك ( أيّام العرب ) وهي حروب كثيرة جرت بين القبائل العربيّة نذكر منها: حرب البسوس بين قبيلتي بكر وتغلب، داحس والغبراء بين عبس وذبيان، الفجار بين قريش وكنانة من جهة وغطفان وهوازن من جهة أخرى، طسم وجديس بين قبيلتي طسم وجديس، يوم حليمة بين المناذرة والغساسنة وغيرها. أمّا أيّام العرب بينهم والفرس والرومان، فنذكر منها: ذي قار بين قبيلتي شيبان وبكر والفرس الساسانيّين، وفي زمن الخلافة
قُتل عثمان .. بأيدي مسلمين
تم قُتل علي .. بأيدي مسلمين
ثم قتل الحسين وقطعت رأسه .. بأيدي مسلمين
وقتل الحسن مسموماًً مغدوراً .. بأيدي مسلمين
وقُتل اثنين من المبشرين بالجنة "طلحة والزبير" .. بأيدي مسلمين
في معركة كان طرفاها "علي" و "عائشة" (موقعة الجمل) .. قُتل مسلمين بيد مسلمين
في معركة كان طرفاها "علي" و "معاوية" (موقعة صفين) .. قُتل مسلمين بيد مسلمين
في معركة كان طرفاها "علي" و "أتباعه" (موقعة نهروان) .. قُتل مسلمين بيد مسلمين
في معركة كان طرفاها "الحسين" و "يزيد" .. ذُبح 73 من عائلة رسول الله بيد مسلمين
في معركة إخماد ثورة "أهل المدينة" على حكم "الأمويين" غضباً لمقتل الحسين .. قُتل 700 من المهاجرين والأنصار بيد 12 ألف من قوات الجيش الأموي المسلم
في (معركة الحرة) التي قاد جيش الأمويين فيها "مسلم بن عقبة" جاءه صديقه الصحابي معقل بن سنان الأشجعي (شهد فتح مكة وروى أحاديثاً وكان فاضلاً تقياً) فأسمعه كلاماً غليظاً في "يزيد بن معاوية" بعدما قتل الحسين ... فغضب منه ... وقتله
لم يتجرأ "أبو لهب" و "أبو جهل" على ضرب "الكعبة" بالمنجنيق وهدم أجزاء منها .. لكن فعلها "الحصين بن نمير" قائد جيش عبد الملك بن مروان أثناء حصارهم لمكة
لم يتجرأ "اليهود" أو "الكفار" على الإساءة لمسجد رسول الله يوماً .. لكن فعلها قائد جيش يزيد بن معاوية عندما حول المسجد لثلاثة ليالي إلى أسطبل ، تبول فيه الخيول
يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم في حديثٍ شريفٍ: “إِنَّ فِي أُمَّتِي أَرْبَعًا مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَيْسُوا بِتَارِكِيهِنَّ: الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ، وَالِاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ”
وأكثر من هذا وذاك ما يجري اليوم في الوطن العربي الذي بدأ يتآكل بفعل خصوماتنا وحماقاتنا وتآكل بلداننا بفعل حروب الوكالة التي نخوضها نيابة عن الآخرين وضد بعضنا البعض وكأن التاريخ يعيد نفسه !!
والأمم سبقتنا وغزت النجوم والكواكب ونحن لا زلنا نتجادل حول فتاوي علمائنا حول مفسدات الوضؤ ورضاع الكبار وجهاد النكاح !!
د.علوي عمر بن فريد