د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
عندما تكثر أعمال السرقة والنهب والقتل وتتراجع القيم والأخلاق !! (2)
استكمالا للحوار مع صديقي المثقف نتناول اليوم أعمال القتل والاغتيالات التي تجري في اليمن وانفلت عقالها بسبب الحرب التي دخلت عامها الخامس دون أفق للحل ،وكل يبرر أعماله الإجرامية فيما يجري تارة باسم الدين وتارة باسم الوطن وهما منه براء ،وللدين رأي واضح في ذلك وقلت له :
إن قتل النفس التي حرَّم الله تعالى إلا بالحق من أكبر الحرام، ومن أفظع الأعمال جرمًا و إثمًا، وقد توعد الله قاتل المؤمن عمدًا بأنواع العقوبات، كل واحدة أعظم من الأخرى، وأنزل غضبه عليه، قال جل شأنه: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء:93]. إن قاتل المؤمن تنتظره هذه العقوبات الأربع: الخلود في نار جهنم، مع الغضب واللعن والطرد والإبعاد عن رحمة الله والعذاب العظيم!!.
قال : أين الدين الإسلامي مما يجري في اليمن ؟؟!! وقد كشفت منظمة رايتس رادار لحقوق الإنسان في العالم العربي ومقرها" أمستردام" في هولندا عن اغتيال 451 شخصا سقطوا ما بين عملية اغتيال مباشرة بالرصاص وإعدام ميداني وبينهم 119 مدنيا و332 عسكريا وامنيا خلال الفترة من سبتمبر 2014 حتى يوليو 2019 وجاءت عدن على رأس القائمة ولا زال الحبل على الجرار !!
فلت له يا صديقي :
ينام السارق في بلادنا دون قلق
ويكسب السياسي المال دون عرق
وينام المسئول الفاشل دون أرق
لأن القانون في البلد حبر على ورق
سألت مجنوناً لماذا نحن العرب لا نستطيع أن نضع الرجل المناسب في المكان المناسب ؟؟ فقال: شعب لا يستطيع أن يضع القمامة في المكان المناسب ،،،
فكيف يستطيع أن يضع
الشخص المناسب في المكان المناسب!!؟؟
قال صديقي:
عندما قال الجنرال جياب بطل الثورة الفيتنامية الذي (انتصر على فرنسا و أمريكا معا) أنّه زار عاصمة عربية توجد فيها فصائل ثورة..فلما شاهد حياة البذخ والرفاهية التي يعيشها قادة تلك الفصائل وقارنها بحياته مع ثوار الفييت كونج في الغابات الفيتنامية قال لتلك القيادات: من الصعب أن تنتصر ثورتكم!!
سألوه لماذا ؟ أجابهم : لأنّ الثورة والثروة لا يلتقيان.
الثورة التي لا يقودها الوعي تتحول إلى إرهاب والثورة التي يغدق عليها المال تتحول إلى لصوص ومجرمين.
الخلاصة إذا رأيت من يدعي ثورة ساكن قصر يأكل أشهى الأطباق يعيش في رفاهية فأعلم إنه خبيث منافق من أحقر البشر يعيش بدماء الآخرين!!!
قلت له :صدق ابن القيم عندما قال :
" إنَّ الناس إنَّما يقتدون بعلمائهم وعُبَّادهم؛ فإذا ڪان العلماءُ فجرةً والعبَّادُ جهلةً عمَّت المصيبةُ بهما وعظمت الفتنةُ على الخاصة والعامة "
ثم قلت له :
ضاقت الحال بالأديب أبي هلال العسكري، فاضطر للجلوس في السوق لبيع بعض الأشياء البسيطة سدًا لحاجته، فقال يشكو الناس وواقعه ،
جلوسي في سوق أبيعُ وأشتري
دليلٌ على أن الأنام قرودُ
ولا خيرَ في قوم تُذَلُّ كرامهم
ويعظم فيهم نذلهم ويسودُ
قلت له :وهذا يتطابق مع مهاتير محمد عندما قال :
إن قيادة المجتمعات المسلمة، إذا أرادت النهوض ينبغي أن لا يخضع لهيمنة فتاوى الفقهاء والوعاظ..!!!
فالمجتمعات المسلمة، عندما رضخت لبعض الفتاوى والتصورات الفقهية، التي لا تتناسب مع حركة تقدم التاريخ، أصيبت بالتخلف والجهل..!!!
فالعديد من الفقهاء حرموا على الناس استخدام التليفزيون والمذياع، وركوب الدراجات، وشرب القهوة بل
وجرموا تجارب عباس بن فرناس للطيران..!!!!
إن كلام العديد من الفقهاء، “بأن قراءة القرآن كافية لتحقيق النهوض والتقدم قد أثر سلبًا على المجتمع.!!
فقد انخفضت لدينا نسب العلماء في الفيزياء والكيمياء والهندسة والطب، بل بلغ الأمر، في بعض الكتابات الدينية، إلى تحريم الانشغال بهذه العلوم..!!!
على أن حركة المجتمع لابد أن تكون جريئة وقوية، وعلى الجميع أن يُدرك أن فتاوى وأراء النخب الدينية ليست دينًا.
فنحن نُقدس النص القرآني، ولكن من الخطأ تقديس أقوال المفسرين، واعتبارها هي الأخرى دينًا واجب الإتباع..!!!
“إن الله لا يساعد الذين لا يساعدون أنفسهم” ! فنحن المسلمين، قسمنا أنفسنا جماعات وطوائف وفرق، يقتل بعضها بعضًا بدم بارد، فأصبحت طاقتنا مُهدرة بسبب ثقافة الثأر والانتقام التي يحرص المتعصبون على نشرها في أرجاء الأمة، عبر كافة الوسائل، وبحماس زائد، ثم بعد كل هذا ذلك، نطلب من الله أن يرحمنا، ويجعل السلام والاستقرار يستوطن أرضنا..!!!!!
قلت له:
كان الفرس والروم يستعبدون العرب و يشعلون الحروب فيما بينهم
ثم جاء الإسلام وانتهت ثارات داحس والغبراء وحرب البسوس وحرب بعاث وزالت اللات والعزى
وعبد العرب الله وجعلوا العزة له وسحقوا الروم والفرس
واليوم ضيعنا الإسلام
فعاد الفرس ( إيران ) وعاد الروم ( الغرب والروس ) إلى بلاد العرب وعادت اللات والعزى ( أنظمة وحكام طغاة عطلوا الشرع ) وعادت الحروب والثارات باسم الحسين وقبر زينب وعدنا مضر وربيعة وعبس وذبيان
تغيرت أسماء الآلهة والأسباب وتبقى الجاهلية واحدة
( والله متم نوره ولو كره الكافرون ) صدق الله العظيم
د. علوي عمر بن فريد .