د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
مفارقات ومقاربات !!
1- "الديوك الحمقى"
في اليمن لدينا الكثير من الناس الحمقى يعملون بالسياسة ..بعضهم يعمل لحسابه الخاص ...والبعض الآخر يعمل أجيرا لدى الغير وهم يشبهون عصابات الكاوبوي في شيكاغو في القرن التاسع عشر يقتلون وينفذون ولا تهمهم العناوين ولا الأهداف ولا يهمهم مع من يعملون أو من يكون ..والمبادئ كلها لديهم سفاهة وحماقة مثلهم حتى لو خرقوا "السفينة بمن فيها وفعلهم كمثل ابن الصياد:
ذهب الصياد وابنه إلى البحر ليصطادا السمك. وحين أصبحا في وسط البحر، لاحظ الأبُ ابنَه وهو يحاول ثقب القارب. وعندما سأل الأب ابنه عما يصنع، قال الابن: لقد تجمَّع بعض الماء في القارب، فأردت أن أصنع ثقبا لتصريفه!!
وإذا كان لهذه الحكاية من مغزى، فهو أن بعض الحماقات تؤدي إلى الغرق، سواء كنا في عرض البحر أم على اليابسة. وما علينا سوى أن نتلفت حولنا لنشهدَ ماذا تصنع الحماقة بأهلها.؟؟
لكن أسوأ «ثقوب الحماقة» هو ما يصيب الذاكرة. وبسبب تلك الثقوب، يعيد الأحمق فعل الشيء نفسه، مرارا وتكرارا، متوقّعاً نتائج مختلفة. وهي الثقوب نفسها التي تحوْل دون «اتقاء أسباب الحمق والغفلة»
وهذا ما يفعله بعض الحمقى في اليمن اليوم ،والكارثة أنهم لا يقبلون المراجعة والنصيحة واكتفوا بعقولهم الناقصة وغرورهم وتضخم أل "أنا" في نفوسهم حتى أصبح حالهم كمثل ديك القرية ، والقصة تحكي عن ديك أحمق يظن أن الشمس تشرق بصياحه هكذا هم فئة المغرورين يظنون أن الحياة تتوقف عندهم وتنطبق عليهم هذه القصة الممتعة:
استيقظ الفلاحُ باكراً، فأمسكَ ديكَهُ الأحمر، وربط ساقيه جيداً، ثم ألقاهُ في السلّة، ومضى إلى المدينة. وقف الفلاح، في سوق المدينة، والديكُ أمامه في السلَّة
ينتظر مَنْ يشتريه وكلّما مرَّ به رجلٌ، فحصَ الديكَ بناظريه، وجسّهُ بيديهِ، ثم يساومُ في الثمن، فلا يتفقُ مع الفلاح، وينصرف مبتعداً.
قال الديك في نفسه: إذآ ستبيعني أيها الفلاح وتململَ في السلّة، يحاولُ الخروجَ، فلم يقدر. قال غاضباً: كيف يمدحون المدينةَ ولم أجدْ فيها إلاّ الأسر؟! وتذكّرَ القريةَ والحرية، فقال: لن يصبرَ أهلُ قريتي على فراقي، فأنا أُوقظهم كلّ صباح، وأقبل رجلٌ من قرية الفلاح، فسلّم عليه، وقال: ماذا تعمل هنا؟
- أريدُ أنْ أبيعَ هذا الديك.
- أنا أشتريه. اشترى الرجلُ، ديكَ الفلاح ، وعاد به إلى القرية..
قال الديك مسروراً: كنتُ أعرفُ أنّ القريةَ سترجعني، لأُطلعَ لها الفجر وحينما دخل الرجلُ القريةَ، دهشَ الديكُ عجباً.. لقد استيقظ الناسُ، وطلعَ الفجر!
سأل الديك دجاجةً في الطريق:
- كيف طلعَ الفجرُ، في هذا اليوم؟!
- كما يطلعُ كلّ يوم.
- ولكنني كنتُ غائباً عنِ القرية!!
- في القرية مئاتُ الديوكِ غيرك.
قال الديك خجلاً: كنتُ أعتقدُ انّهُ لا يوجدُ غيري. قالتِ الدجاجة: هكذا يعتقد كلّ مغرور!!
2--"هل يتحول الرجل المتدين إلى لص " ؟؟!!
استورد تاجر طلاء أظافر "مانيكير" من النوع الرخيص لا يكاد يثبت على الأظافر، فكسدت تجارته وتأزم وضعه وكاد يخسر !!
وفجأةً وهو يتصفح كتابا فقرأ عبارة ابن رشد "إذا أردت أن تتحكم في جاهل فعليك تغليف الباطل بغلافٍ ديني"!!
فرح التاجر كثيراً وابتسم ابتسامة المنتصر، ولم تسعه الأرض من السعادة، ورجع للمحل ووضع إعلاناً على الباب "بفضل الله وحمده تم استيراد طلاء أظافر شرعي يزول بمجرد الوضوء"
ففرحت النساء وأقبلن على شراء المنتج ونفذت الكمية في أسبوع، مما اضطر التاجر لاستيراد كميات أكبر ورفع الأسعار، حتى زادت أرباحه.
فاشترى قصراً وكتب على مدخله "هذا من فضل ربي"
وهكذا يتحول اللصوص إلى رجال متدينين بعد أن ينجزوا مهمتهم..!!
هل عرفتم من هم ؟!! لاشك في ذلك أنكم قد عرفتموهم ورغم أن بضاعتهم كاسدة في الوطن العربي كله وتشردوا في الآفاق رغم أن شرذمة منهم لا زالوا يحلمون بالسلطة في اليمن وحالهم كحال الذئب الذي تلحف بجلد الخروف لينقض على الأغنام ولكن الراعي كشف حيلته فولى هاربا ولا زال يطارده حتى اللحظة !!
3-- شكسبير والبالون :
يقول شكسبير في أحد مؤلفاته: «لو أن الله رزقني ابنًا، سأجعل البالون أهم ألعابه، وسأشتري له منه دائمًا، لأن لعبه بالبالون سيعلِّمه الكثير من فنون الحياة
أولاً:
يعلِّمه أن يصبح كبيرًا ولكن بلا ثقل أو غرور، حتى يستطيع الارتفاع نحو العُلا
ثانيًا:
يعلِّمه أن فناء ما بين يديه في لحظة، وفقدانه يمكن أن يكون بلا مبرر أو سبب، لذلك يجب عليه ألا يتشبث بالأمور الفانية ولا يهتم بها إلا على قدر معلوم
ثالثًا:
أهم شيء سيتعلمه ألا يضغط كثيرًا على الأشياء التي يحبها، وألا يلتصق بها لدرجة إيذائها أو كتم أنفاسها، لأنه سيتسبب في انفجارها وفقدانها للأبد، بل عليه إعطاء الحرية لمَنْ يحبهم
رابعًا:
سيفهم أن المجاملة والمديح الكاذب وتعظيم الأشخاص للمصلحة يشبه النَّفْخ الزائد في البالون، وستكون العاقبة والنهاية أنه سينفجر في وجهه وسيؤذى نفسه بنفسه
وفى النهاية:
سيدرك أن حياتنا مرتبطة بخيط رفيع كالبالون المربوط بخيط حريري لامع، ومع ذلك نراه يرقص في الهواء غير آبِه بقصر مدة حياته أو ضعف ظروفه وإمكانياته. نعم سأشتري له البالون باستمرار وأحرص أن أنتقى له من مختلف الألوان حتى يُحِب ويتقبَّل الجميع بغضِّ النظر عن أشكالهم وألوانهم ومعتقداتهم». وهذا هو ما نريد أن نطبقه في بلادنا على أولادنا لعلهم يكونوا أفضل حالا منا لنعيش سويا ويتقبل كل منا الآخر دون إقصاء ولا تهميش ونعيش سويا والوطن للجميع !!
د.علوي عمر بن فريد